قرأت أمس تقريراً رائعاً علي الصفحة الأخيرة لجريدة "الوفد" عن شم النسيم.. هو رسالة لاطمة ومحددة المعاني لكل مَن في قلبه مرض. وفي عينه رمد.. ولولا ضيق المساحة لأعدت نشره كاملاً. لذا.. سأكتفي هنا بالتركيز علي أمرين أساسيين: الأول.. أن شم النسيم عيد فرعوني.. اسمه بالهيروغليفية هو "شمو" ومعناه "بعث الحياة". ثم أضيف إليه كلمة النسيم. والثاني.. أنه لا علاقة له بالأديان من قريب أو بعيد. حيث بدأ قدماء المصريين الاحتفال به منذ 4700 عام أي قبل نزول أولي الرسالات السماوية بألف عام تقريباً. ثم تصادف أن توقيت عيد شم النسيم خلال شهر "برمودة" يأتي بعد عيد "الفصح" لليهود و"القيامة" للأقباط. بالتالي.. عندما نري اليوم من يفتي بتحريم احتفال المسلمين بشم النسيم وأكل الفسيخ والرنجة.. تلك الأكلة المحببة عند غالبية الشعب المصري. رغم التحذيرات الطبية من خطورتها علي بعض المرضي.. ويدَّعي "المدَّعون" بأن تلك الطقوس هي اعتراف بعيد النصاري المسمي "عيد القيامة". وأن هذا حرام شرعاً.. فلابد أن نتساءل: إلي أين يريد هؤلاء المتطرفون أن يذهبوا بنا بالضبط؟!! إن الإسلام الصحيح لم يحرم علينا أو يمنعنا من الاعتراف بأعياد الأقباط وتهنئتهم.. لأننا مبدئياً نؤمن بالدين المسيحي نفسه.. وليتهم يقرأون الآية 285 من سورة البقرة ونصها: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون. كلى آمن باللَّه وملائكته وكُتبه ورسله. لا نُفرِّق بين أحد من رسله. وقالوا سمعنا وأطعنا. غُفرانَك ربنا وإليك المصير". وسيدي وسيد الخلق أجمعين رسولنا الكريم "صلي اللَّه عليه وسلم" مأثور عنه أنه عندما هاجر إلي المدينةالمنورة وعلم أن اليهود يصومون "عاشوراء" تكريما لموسي عليه السلام.. لم يُحَرِّم ذلك. بل قال قولته المشهورة: "نحن أحق بموسي منهم".. ووعد إذا أطال اللَّه عمره إلي العام التالي أن يصوم تاسوعاء وعاشوراء. يا هؤلاء.. اتقوا اللَّه في الإسلام والمسلمين وفي مصر والمصريين.. أو أفتوا لأنفسكم فقط.. هداكم اللَّه.. لكن ليس من حقكم أن تسمعونا ما لا نريده. وثقوا أننا لن نستجيب أبداً لفتاوي تحلل الحرام. وتحرم الحلال. وتشوه قواعد فقهية ثابتة. وتفرق بين الناس وتحض علي كراهية الآخر. اليوم.. أهنئ الإخوة الأقباط بعيد القيامة المجيد أعاده الله علي مصر وشعبها "الواحد" وجيشها وقضائها بكل خير.. وأؤكد لأصحاب فتاوي "بير السلم" أن المصريين سيحتفلون غداً بشم النسيم وسيأكلون الفسيخ والرنجة.. فما أحلاهما.. ولولا أني مأمور من الأطباء بعدم تناول مثل هذه الأطعمة المملحة. إلا اليسير جداً منها. وبعد اتخاذ إجراءات طبية احترازية صارمة.. لأكلت منها حتي شبعت.. ولتذهب فتاوي الشر والتضليل إلي حيث ألقت. ** يا حلاوة.. * يوم الخميس الماضي.. حذرت من الدعوة السلفية الجهادية للزحف إلي مقر الأمن الوطني.. وأشرت إلي أن توجه الآلاف إلي هناك لن يكون "زيارة محبة" أو لشرب حلبة حصي. أو ينسون. أو لأكل رُز باللبن ومهلبية.. بما يعني أن الزيارة لن تكون سلمية أبداً. حدث ما توقعته.. وحاول "الزائرون" اقتحام المقر وحرقه.. والسؤال: أين المتهمون؟!.. الإجابة: مفيش متهمين!!!... يا حلاوة!!!