لم أكن أتمني العيش حتي أري دماء المصريين تراق بأيدي المصريين!! لم أكن أتصور أبداً.. أن يتحول شباب مصر إلي أدوات مجرد أدوات تلهو بها ثعالب السياسة وذئاب الانتهازية! لم أتخيل في أسوأ الكوابيس أن أشاهد مصر العفية".. وقد بدأت فيروسات الطمع في السلطة.. وميكروبات التشبث بالمناصب.. تنهش في جسدها. لتصيبها بأمراض وأدواء لا نعلم متي تتعافي منها..!! الكلمات لم تعد قادرة علي التعبير عما أراه وأشاهده من أحداث وكوارث وملمات .. أري أننا جميعا مسئولون عنها.. ولا استثناء لأحد من ذلك..!! كيف آلت أمورنا إلي هذا الوضع المخزي والمزري.. حتي صرنا فرجة أمام العالم بأكمله..؟! كيف سمحنا لأنفسنا بالانتحار .. سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.. وبأن نلقي بأنفسنا في أتون صراعات دموية داخلية. لا نعرف إلي أين تقودنا.. وفي أي هاوية تلقي بنا..؟! ماذا جري لنا.. ليست هذه مصر التي نعرفها.. وهؤلاء ليسوا أبناء مصر الذين خبرناهم.. إنهم نبت العولمة.. ونتاج الأمركة.. وحصاد قيم الرأسمالية المسعورة.. والنرجسية المفرطة.. والأنا المتغطرسة؟! أين ذهبت قيم التسامح والاعتدال والتراحم والتكافل والإثار وتغليب المصلحة العامة علي المصالح الفردية الضيقة..؟! أين ذهب صوت الحكمة والعقل.. كيف تواري الضمير الوطني حتي تفاقمت الأوضاع إلي هذا الحد.. وحتي أصبحنا نخرب بلادنا بأيدينا.. ونهدر دماءنا بأيدينا.. ونغرس في خاصرتنا الخناجر المسمومة بأيدينا تارة بدعوي الحرية والديمقراطية.. وتارة بدعوي انقاذ مصر..؟! هل أصابنا العمي فلم نعد نفرق بين النور والظلام..؟! هل أصابنا العته فلم نعد قادرين علي التمييز بين الخطأ والصواب.. هل تمكن الصم من الجميع فلم يعد أحد قادراً علي سماع الآخر..؟! هل تغلغلت الأحقاد في أعماقنا.. لدرجة أننا أصبحنا يرجم بعضنا بعضاً.. نتراجم بالكلمات.. نتراجم بالحجارة.. نتراجم بالكرات النارية.. نتراجم بكل شيء..! هل تحول البعض إلي "ثيران هائجة".. تدمر في طريقها.. كل شيء .. المحال التجارية.. المرافق العامة.. الممتلكات الخاصة.. ماذا يفيد ذلك..؟! هل أصابنا مس من الجنون.. نخبط علي غير هدي.. نندفع بغير توازن.. لا نعرف إلي أين نذهب.. ولا ماذا نريد ولا كيفية الذهاب إلي مبتغانا..؟! علي أي الأحوال.. ليس أمامنا سوي البحث عن خيط من أمل نتمسك به.. وليس أمامنا سوي الصبر علي ما يحيط بنا من مكاره.. عسي أن تنقشع هذه الظلمة الحالكة التي تحيط بنا.. فمن رحم الظلمة يولد نور الفجر.. وعسي الله أن يزيح عنا هذا الكرب.