حسم المستشار مصطفي حسيني المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا قضية حصول عدد من الصحفيين علي مبالغ مالية تمثل قيمة عمولات جلب الإعلانات لمؤسساتهم الصحفية. وأمر بحفظ التحقيق في إحدي هذه القضايا لاستبعاد شبهة جرائم العدوان علي المال العام. وكانت نيابة الأموال العامة قد تلقت من جهاز الكسب غير المشروع ملف شكوي مقدمة ضد إحدي الزميلات الصحفيات تضمنت حصولها علي مبالغ مالية تقدر بمبلغ 928 ألف جنيه قيمة عمولاتها عن جلب إعلانات لصحيفتها بالمخالفة لقانون نقابة الصحفيين الذي يمنع اشتغال الصحفي بجلب الإعلانات لصحيفته أو أية صحيفة أخري. وقد باشر التحقيق في هذه القضية طارق ضياء رئيس النيابة تحت إشراف المستشار عماد عبدالله المحامي العام بنيابة الأموال العامة.. وبعرض نتائج التحقيق علي المستشار مصطفي حسيني أمر باستبعاد شبهة جرائم العدوان علي المال العام من الأوراق وحفظ التحقيق إدارياً. وإرسال صورة من مذكرة التصرف للعرض علي المستشار طلعت إبراهيم النائب العام لإخطار مجلس نقابة الصحفيين لاتخاذ الإجراءات اللازمة في ضوء قانون النقابة. وقد أكدت النيابة في الحيثيات أن تقاضي الصحفي لمبالغ مالية علي سبيل العمولة نظير جلبه إعلانات لصالح مؤسسة صحفية وإن كان محظوراً طبقاً لقانون الصحافة إلا أنه لم ينص علي عقوبة لخرق هذا الحظر.. ومع شيوع وعموم هذا المسلك من العديد من الصحفيين في هذه المؤسسات لا يصح القول بتحقق القصد الجنائي الذي ينص عليه القانون في جرائم العدوان علي المال العام. وأضافت الحيثيات أن جلب الإعلانات الصحفية وإن كان محظوراً علي الصحفيين إلا أنه حقق مزايا مالية عادت علي خزانة المؤسسات الصحفية ولا يشكل انتقاصاً لأموالها. إن حفظ التحقيقات في هذه القضية التي تمس أكثر من 600 صحفي كان جهاز الكسب غير المشروع سيضعهم تحت تهمة الاعتداء علي المال العام قد أزاح التباساً شديداً غلفها وكاد هؤلاء الصحفيون يعاقبون بجريمة لم يرتكبوها للأسباب الآتية: * أولا : من المعروف في الأوساط القضائية أنه لا عقوبة بدون نص عليها في القانون.. وقانون النقابة وإن كان منع اشتغال الصحفي بالإعلانات إلا أنه لم ينص علي أية عقوبة للمخالف. * ثانياً: إن هؤلاء الصحفيين لم يأخذوا هذه العمولة سراً أو بعيداً عن أعين الدولة. وإنما أخذوها مقابل جهد بذلوه وبعلم من الإدارة العليا لهذه المؤسسات. بل وبتشجيع منها لزيادة إيرادات المؤسسة. * ثالثاً : لقد تم تحصيل الضرائب علي هذه العمولات بنسبة 20 في المائة. وهي بخلاف ضريبة الدمغة التي تحصلها الدولة علي إعلانات الصحف بنسبة 18 في المائة. أي أن الدولة حصلت ضريبتين علي هذه الإعلانات من المؤسسة ومن الصحفي. * رابعاً: إنه لولا نشاط الصحفيين في الحصول علي الإعلانات من الجهات الحكومية لمؤسساتهم لأعلنت بعض هذه المؤسسات إفلاسها تماماً وألغت إصداراتها الصحفية. * خامساً: إن مرتبات الصحفيين تعتبر أدني المرتبات علي مستوي الدولة كلها وخاصة الصحفيين العاملين في المؤسسات القومية. ولولا هذه العمولة التي رفعت مستواهم المعيشي لتم تصنيفهم ضمن المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر. * سادساً: إن استجابة الجهات الحكومية لطلبات هؤلاء الصحفيين ورغبتها في الإعلان بصحفهم يدل علي مكانة هؤلاء الصحفيين المميزة لدي هذه الجهات. لقد سبق وأن توجهت برجاء إلي المستشار الجليل يحيي جلال مساعد وزير العدل رئيس جهاز الكسب غير المشروع أن يراجع موقف هؤلاء الزملاء الصحفيين الذين جلبوا إعلانات لصحفهم من الناحية القانونية ويتأكد من براءة ذمتهم المالية لأنهم لم يعتدوا علي المال العام ولا توجد جريمة في حقهم. وأعتقد أنه قد آن الأوان لغلق هذه القضية تماماً لأن حبس 600 صحفي في مصر لا يعطي صورة مشرقة عنها لدي العالم خاصة إذا كان بغير وجه حق.