مدت يدها لي بكأس السعادة.. رشفته حتي آخر قطرة.. ارسلت نظراتها تعبث بكياني.. تركتها وأنا سعيد مبتهج.. فهي من كنت أبحث عنها. وفجأة.. انكسر كأس السعادة.. سحبت الايدي.. تبدلت النظرات.. وجلست وحيداً أعاني.. ماذا فعلت لا أدري.. ولماذا التغير لا أعرف؟! هكذا ضاقت الدائرة وأصبحت طوقاً يكاد يخنقني. عمري 28 عاماً.. سبقني إلي الحياة أربع بنات هي أخواتي.. كبراهن.. أكبر مني 12 عاماً. تمت تربيتي بطريقة ملتزمة دينياً.. لم أرتكب أي معصية في حياتي.. لم يكن لي يوماً صديقة.. عاملت كل البنات معاملة الأخ.. في المدرسة.. الكلية.. النادي.. الجيران. انهيت تعليمي ولم ينبض قلبي. ثم سافرت للعمل بالخارج فترة زمنية.. لم يكن لي أي مشاكل مع أحد.. ولم تعترضني أي أزمة. شيء واحد كان يؤرقني هو عدم خبرتي بالامور العاطفية. وفي أثناء الاجازة.. كنت أقضي مصلحة في إحدي الشركات قابلتها فجأة.. رقيقة.. هادئة.. جميلة.. ترددت في الحديث إليها.. مرة.. مرات إلي أن تجرأت وتعرفت عليها.. ووجدتني منقاداً لحبها. بدأت اتصل بها تليفونياً.. وتجيبني بمنتهي الرقة.. ثم نتحدث لمجرد أن نستمع إلي بعضنا.. حكيت لاخواتي.. رفضنها بشدة.. اعترضن علي مجرد رغبتي فيها.. السبب هو انها أكبر مني فعمرها 40 عاماً. ومطلقة من زواج لم يدم سوي ستة اشهر.. اعرضت عن كلام أخواتي.. توطدت العلاقة بيننا.. عرفت الكثير عنها.. حكت عن صدمتها في زوجها الاول.. كان اتصالها بي واتصالي بها هو الزاد بالنسبة لي كاشفتها بحبي ورغبتي في الزواج بها.. وعرفت منها أن أهلها غاضبون من اتصالي بها.. اشتريت لها محمولا لاكلمها عليه.. وفعلا كنت لا اطلبها بعد ذلك علي البيت ومع الوقت اكتشفت ان اهتمامي الزائد بها أصبح يضايقها.. وعرفت عن نفسي أشياء لم أكن اعرفها.. أصبحت غيوراً جداً عليها. لا أطيق ان ابتعد عنها أو أجدها منشغلة عني.. طلبت منها الزواج ترددت.. ثم قالت: سافر انت أولاً وعندما تعود نتكلم. إن حبي لها جارف ولا استطيع البعد عنها.. ماذا أفعل أهلي رافضون.. وهي مترددة.. وتخاف من فارق السن ولكنه لا يهمني فأنا أحبها.. والرسول كان أصغر من السيدة خديجة.. ولن يفرق معي مسألة الاطفال.. فماذا تريد ثانية؟! انني جد حائر.. ماذا أفعل لنظل معا أو لتوافق علي السفر معي.. أرجوك أخبريني؟ ** يا صديقي انت لا تحب هذه السيدة!! هل صدمك قولي.. أظن ذلك ولكنني سأفسر لك.. لقد تربيت تربية مغلقة ككثير من الاسر الشرقية.. بالاضافة لكونك ولداً علي أربع بنات والبنات يكبرنك.. فنشأت هادئ الطباع.. بيتي الانتماء.. فلم يكن لك تجارب صبيانية.. ومرت فترة مراهقتك دون أن يدق قلبك.. واغتربت بعيداً عن الوطن وغابت صورة أخواتك من ذاكرتك قليلاً لانها في اعتقادي كانت هي المانع الاول في عدم ارتباطك طوال هذه الفترة.. فكنت تري كل فتاة كأنها اختك وشقيقتك وتدخل هذه العلاقات في بند الحرام أو مجرد التفكير فيها.. وهكذا ضاعت مرحلة الحب والمراهقة من فترة الشباب الاولي.. بعد السفر وبعد غياب صورة شقيقاتك كما قلت لك بدأت تنظر للجنس الآخر نظرة مختلفة.. وكانت البداية.. تلك السيدة الرقيقة الجذابة الحزينة.. جذبك هذا الشجن البادي عليها. توطدت العلاقة بينكما ولكنك رغبت ان تكون عوضاً لها عما عانت منه في زواجها الاول.. شيء آخر قد يكون له علاقة وثيقة بك لانه عامل نفسي.. هو أنك وجدت فيها صورة لوالدتك أو لشقيقتك التي تكبرك ب 12 عاماً.. وتلك هي الصورة المترسبة في عقلك الباطن ومشاعرك ولهذا رغبت فيها.. وشعرت بأنك لن تستغني عنها فهي صورة من فتياتك الاوليات "شقيقاتك" وهي من تستطيع ان تأخذها معك باسم الحب إلي حيث تعمل خارج حدود الوطن.. لتهرب من مشاعر الغربة.. لانك لن تستطيع أخذ أسرتك كلها.. وقد تنبهت هذه السيدة لما يحدث ولعلها بأدلتك الصداقة وليس الحب.. أو حتي بادلتك الحب ثم أفاقت علي الحقيقة فقررت الا تكمل المشوار.. ففارق 12 عاماً ليس قليلاً.. أما الرسول صلي الله عليه وسلم فمن منكم صاحب رسالة كسيدنا محمد ومن منا نحن النسوة السيدات.. السيدة الفاضلة خديجة بنت خويلد.. لقد اختارها الله لتدعمه وتقف بجواره بحنانها.. وعقلها وماليها يا أصدقائي انتم تبدأون الحديث- كمثل سيدنا محمد نريد ان نكون- كذا- وهل انتم مثله عادلون.. كثير من الزيجات تفشل لفارق السن الكبير.. والبعض يذهب ليتزوج بمن تصغره ويكون في هذه اللحظة قائلا لامرأة صدقته وقال لها يوماً لن أشعر معك بفارق السن ولن أتزوج عليك فتاة صغيرة.. وغالباً لا يفي بوعده.. صديقي المغترب.. تخلص من عقده أخواتك البنات وعد إلي البلد الذي تعمل فيه وعندما تعود ستكون قد نسيتها وهذا ما تدركه هذه السيدة.. فسن الاربعين سن حكمة وعقل وانت مازلت عاطفياً متهوراً.. دعها وشأنها ولا تكن أنت الطعنة الثانية.. ابحث عن عروس مناسبة وعندها لن تنظر إليها كأختك الشقيقة ولكنها أخت في الاسلام.. وستكون زوجة.. ولك أرجو حياة جميلة.. بعيدة عن الخيال.. فقد راجع هذا الكلام مع نفسك حتي لاتخسرها.