في حواره مع الكاتب الصحفي خالد صلاح ببرنامج آخر النهار. قبل أيام طالب د.عبدالمنعم أبوالفتوح رئيس حزب مصر القوية. جبهة الإنقاذ المعارضة بالتطهر من علاقتها برموز وأموال النظام القديم.. يقصد نظام مبارك.. ووصف استعانة المعارضة برمور النظام القديم وأموالهم لمحاربة النظام الجديد بأنها "كارثة كبري"!! وفي مقاله بصحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية أمس الأول "الخميس" ركز الكاتب فريد زكريا علي أن الثورة المصرية قد بدأت ترتد إلي الخلف. وأنه مع انتشار الفوضي والاضطرابات بالتزامن مع الذكري الثانية للثورة بدأ يظهر نوع من الحنين للنظام القديم.. وقارن فريد زكريا بين الدول التي شهدت ثورات الربيع العربي والتي تعاني من الفوضي والاضطرابات مثل ليبيا ومصر وسوريا.. ودول أخري مثل المغرب والأردن والتي اتخذت السلطات فيها مساراً إصلاحياً وحافظت علي استقرارها. وإذا كان كلام أبوالفتوح ومقال فريد زكريا يحملان قدراً من الحقيقة.. فليس من قبيل المبالغة القول إنه في مجال الصراع السياسي. خصوصاً خلال الفترات التي تلي الثورات والتي يتم فيها الإطاحة بأنظمة قائمة.. فإن النظام الذي يتم إسقاطه لا يستسلم بسهولة ولا بالسرعة التي قد يتخيلها البعض. إذ يظل متشبثاً بأهداب الأمل عله ينقض علي السلطة من جديد ويستعيد هيمنته المفقودة في أقرب فرصة! ولا أعتقد أن بعض أعضاء ورموز الحزب الوطني استثناء من ذلك.. وهم الذين حققوا أكبر استفادة من وجودهم في السلطة باستغلال النفوذ وتحقيق الأرباح غير المشروعة.. ومن هنا فإن لديهم استعداداً للتحالف مع الشيطان من أجل تحقيق هدفهم بالقفز علي السلطة من جديد.. وهذا الأمر ليس بجديد ولا غريب في عالم السياسة. علي مر التاريخ! وإذا كان ذلك جائزاً بالنسبة لأعضاء الوطني المنحل الذين تجمعوا وشكلوا ما يزيد علي 15 حزباً سياسياً. حسبما يتردد. فإن ما أثاره د.عبدالمنعم أبوالفتوح عندما طالب أعضاء جبهة الإنقاذ بالتطهر من علاقتها برموز وأموال النظام السابق يثير أكثر من علامة استفهام ويرفع مالا نهاية له من علامات التعجب!! ولا أظن أن "أبوالفتوح" يمكن أن يوجه اتهامات جزافية لجبهة الإنقاذ. فبعد قدر من التأمل أمكنني استيعاب ما يقوله أبوالفتوح إلي حد ما.. خصوصاً في ظل المتناقضات.. التي تتسم بها الجبهة وفي مقدمة هذه التناقضات.. إن الجبهة تضم أصحاب توجهات متضاربة وقيادات متفرقة ذات ميول سياسية متنافرة. إن لم تكن متصادمة.. فكيف مثلاً يلتقي حمدين صباحي الاشتراكي الناصري فكرياً مع البرادعي. صاحب الفكر الليبرالي الغربي قلباً وقالباً؟!!.. ثم كيف يلتقي الاثنان.. وهما اللذان يتفاخران دوماً بأنهما من قيادات الثورة مع رجل مثل عمرو موسي.. وهو شئنا أم أبينا يحمل سمات النظام السابق؟!! هذه الرموز السياسية لا يجمع بينها سوي هدف واحد. وهو الوقوف في وجه التيار الإسلامي ومناطحته والعمل علي إسقاطه بأي وسيلة. حتي لو كانت هذه الوسيلة هي الاستعانة برموز النظام السابق وأمواله لتحقيق هذا الهدف؟!! هذا التحالف الهش بين أعضاء الجبهة بعضهم البعض. والقائم علي التناقض وعلي المصلحة الآنية المتمثلة في الإطاحة بالنظام "الإخواني" أو بالتيار الإسلامي عن سدة الحكم.. سكت لفترة طويلة علي ما يحدث من إثارة القلاقل والاضطرابات والعمل علي الحيلولة دون استتباب الأمور في البلاد من أجل إظهار النظام الحالي بمظهر الضعف والفشل في إدارة شئون الدولة.. بدلاً من أن يمارس العمل السياسي بمعناه المتعارف عليه.. الأمر الذي أدي إلي ما نشهده من فوضي واضطرابات ومظاهرات واشتباكات مع الشرطة واعتداءات علي مرافق الدولة. كل ذلك أسهم في نشر حالة من اليأس والحنين إلي النظام القديم. والكفر بالثورة لدي البعض.. بل وكراهية المعارضة نفسها بقدر ما أثار قدراً من السخط حيال النظام القائم حالياً.. بل وضد السياسة وكل من يمارسونها! ولعل ما يشير إلي هشاشة جبهة الإنقاذ وترجيح ما يوجهه أبوالفتوح لها من انتقادات.. إن قادة ورموز هذه الجبهة الذين ترشحوا للرئاسة. لم يحقق أي منهم مركزاً متقدماً في انتخابات الرئاسة.. كما أنها لم تتمكن من الفوز بحصة برلمانية لها ثقلها في انتخابات مجلس الشعب المنحل. رغم رضاها وخوضها الانتخابات علي أساس القانون الذي قضي بعدم دستوريته. لقد أجريت الجولة الأخيرة من انتخابات الرئاسة بين د.محمد مرسي المرشح من قبل جماعة الإخوان المسلمين ود.أحمد شفيق المحسوب علي النظام السابق.. وهذا يشير بشكل واضح إلي أن الثورة قد انتهت بالمنافسة بين الإخوان المسلمين والحزب الوطني وهما أكبر قوتين سياسيتين كانتا علي الساحة قبل الثورة! وبناء علي ما سبق يتضح مدي حاجة جبهة الإنقاذ.. في صراعها مع التيار الإسلامي.. إلي مساندة رموز الحزب الوطني وأموالهم وخبرتهم في خوض الانتخابات. بقدر حاجة أعضاء الحزب الوطني لخوض انتخابات تحت عباءة الجبهة باعتبارها واجهة من واجهات ثورة 25 يناير! لكن الأمور وصلت في النهاية إلي الصدام والصراع الخشن متمثلاً في أعمال العنف والشغب وتحطيم الممتلكات والمنشآت وتبين أنه لا سبيل سوي الحوار والجلوس إلي مائدة التفاوض بعد أن تفاقمت الأوضاع إلي حافة الهاوية وتهديد الأمن القومي للبلاد. وفي اعتقادي.. أنه لولا الرسالة القوية التي وجهها الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي القائد العام للقوات المسلحة وتحذيره للفرقاء المتصارعين علي حلبة السياسة من أن استمرار المشهد دون معالجة من كافة الأطراف سوف يؤدي إلي "عواقب وخيمة".. لما شهدنا كل هذه المبادرات الرامية إلي لم الشمل والتوصل إلي حلول وسط للمشكلات السياسية المثارة.. ولما لمسنا هذا الاستعداد من جانب مختلف الأطراف للتحاور ونبذ العنف. علَّنا نخرج من هذه الدائرة الجهنمية التي تهدد بالقضاء علي الأخضر واليابس. ونصل إلي مصالحة وطنية شاملة! ** أفكار مضغوطة: عندما تقول إن نصف المجتمع سييء. فسوف تستفز الجميع.. بينما لو قلت إن نصف المجتمع جيد. فسوف يحتفون بك.. مع أن العبارتين بمعني واحد تقريباً! "جورج برنارد شو"