تشهد مصر- اليوم- الذكري ال53 لوضع حجر الاساس لبناء السد العالي في 9 يناير 1960 الذي يعتبر اعظم المشروعات الهندسية في القرن العشرين. يؤكد قدامي بناة السد العالي أن حب مصر وانتماءهم الشديد للوطن كان هو الحافز الذي دفعهم إلي بذل الجهد والعرق والتضحية بارواحهم لانجاز هذا المشروع القومي العملاق وأكدوا انهم كانوا يشعرون ومازالوا بان السد العالي مشروعهم الشخصي لذلك تناسوا الالام وتجاوزوا الاحزان التي واجهتهم اثناء العمل من أجل تحقيق حلم الشعب المصري في انشاء سد يحميهم من مخاطر الفيضانات المدمرة ويكفيهم شر الجفاف في السنوات العجاف واشاروا إلي ان مصر الان في أشد الحاجة إلي عودة روح السد العالي حتي تعلو مصلحة الوطن فوق أي اعتبار. أكد حسن اصولي حسن من قدامي بناة السد العالي بأسوان ان السد غير وجه الحياة في مصر اقتصاديا وجغرافيا وسياسيا وحمي البلاد من خطر الفيضانات المدمرة والشحيحة في ان واحد. اضاف ان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر اتخذ كل التدابير اللازمة لانجاح هذا المشروع القومي العملاق واستعان بالجهاز الاداري بالقوات المسلحة في إدارة الشئون الادارية والمالية بالسد العالي بالاضافة إلي الخبرات الادارية الاخري الموجودة في الترسانة البحرية والمصانع الحربية والمقاولين العرب. اشار إلي ان العاملين في المشروع كانوا يشعرون بحماس شديد منذ بداية المرحلة الاولي التي تم فيها التجهيز للقناة الامامية والخلفية. إلي ان تم تحويل مجري النيل في مايو 1964 والتي تم فيها التعامل مع جسم السد الرئيسي وغلق المجري القديم لنهر النيل. قال ان بناء السد العالي شارك فيه حوالي 35 ألف مهندس وفني وعامل من المصريين والخبراء الروس. وكان بمثابة المدرسة التي تدربت فيها الكوادر المصرية وانجب هذا المشروع جيلا من الفنيين والعاملين علي أعلي مستوي من الكفاءة علي الرغم من ان معظمهم كان لا يعرف سوي مهنة الزراعة قبل التحاقهم بالعمل به. قال ان كل عامل في السد كان يشعر ان هذا المشروع ملكه هو. وكان الاخلاص والتفاني في العمل من اجل مصر ورفعتها هو شعار الجميع. اضاف انه جلس مع الزعيم جمال عبدالناصر في احدي زياراته لمشروع السد العالي وحينما تطرق العمال في الحديث إلي انهم فقراء ومرتباتهم ضعيفة اقسم لهم الرئيس عبدالناصر بأنه يأكل وجبة عدس. أي انه ليس افضل منهم حالا. اشار إلي ان السد العالي بني علي الحب بخلاف قناة السويس التي بنيت بالسخرة لدرجة ان العامل الذي يلقي حتفه في موقع العمل يتم لفه بعلم مصر ويسافر زملاءه مع الجثمان لدفنه في بلده ثم يعودون سريعا لاستكمال العمل في هذا المشروع القومي بدون كل أو ضجر. يقول الحاج حسن أحمد أبوالقاسم- من بناة السد العالي- انه التحق بالمشرونع في 31/10/1965 في قسم التخريم والحقن. وهو القسم المختص بحقن التربة بمواد كيميائية لزيادة كفاءتها مثل سلكات الالمونيوم وغيرها. موضحا ان الحقن كان علما حديثا في فترة الستينيات في فرنسا وتم تطبيقه في مشروع السد العالي من أجل تقوية مكوناته. أضاف ان عمليات الحقن ساهمت في الوصول بكفاءة ستار السد العالي إلي نسبة96% وتكاد تكون هذه الستارة صماء لمنع تسرب المياه. قال محمد حباشي الشريف مدير عام سابق بالسد العالي وأحد بناة السد انه التحق بالمشروع في عام 1962 ووقتها كان يشعر كل عامل في السد العالي انه يعمل في بيته أو في مشروع يمتلكه شخصيا لذلك كان يبذل كل الجهد والهمة لانجاز العمل لدرجة ان الواحد منهم كان يعمل احيانا لمدة 15 ساعة متواصلة دون أن يطلب اجراً اضافيا. قال أدم محمد آدم كبير فنيين تخريم وحقن بمشروع السد العالي ان الفروق المادية في رواتب العملين بالمشروع كانت ضئيلة فكان لا يوجد فارق كبير بين مرتب المهندس أو العامل وكان جيل السد العالي لا يبحث عن مال ولكن يبغي رفعة الوطن ونهضته. قال انه خضع لمدة ستة اشهر في مركز تدريب السد العالي قبل استلامه العمل في المشروع عام 1965 وكان الجميع يهرول لاستلام العمل مع زملائهم بمنتهي الهمة والنشاط والوطنية. اشار إلي ان المشروع شهد العديد من الحوادث التي راح ضحيتها الكثيرون منها علي سبيل المثال مصرع وردية كاملة تضم 130 شخصا سقطت عليهم الصخور في المرحلة الاولي من بناء السد ورغم ذلك كان العمل يستمر بدون توقف. اضاف المهندس عبداللاه عبدالله الهمشري- مدير عام بالهيئة العامة للسد العالي وخزان اسوان ان شهداء السد العالي الذين بذلوا ارواحهم لانجاز هذا المشروع يستحقون التحية والرحمة لانهم ضحوا بانفسهم وسجلوا اروع ملحمة في تاريخ مصر المعاصر وحققوا حلما طال انتظاره. قال ان السد العالي يعتبر من اعظم المشروعات الهندسية العملاقة في القرن العشرين ويكفي فخرا ان السد العالي بني بايد وارادة مصرية خالصة. أكد ان السد يعتبر صرحا شامخا حيث تتساوي قمته منسوب 196 فوق سطح الارض مع هضبة المقطم في القاهرة ويعتبر بمثابة خط الدفاع الاول لحماية مصر من غوائل الفيضانات المدمرة. مشيرا إلي ان السد العالي حمي مصر ايضا لمدة 9 سنوات خلال السنوات العجاف من عام 1979حتي 1988 حينما تعرضت القارة الافريقية للجفاف ومات بسببه العديد من أبناء الدول الافريقية. وأوضح ان السعة التخزينية للسد العالي تعتبر هي الاكبر علي الاطلاق بدليل ان السعة التخزينية لأضخم سد في العالم والذي بني في الصين عام 2010 لاتتجاوز ثلث السعة التخزينية للسد العالي التي تقدر بحوالي 162 مليار متر مكعب والفارق ان السد العالي هو سد ركامي من كتل الجرانيت وليس سداً خرسانياً من الاسمنت. مؤكاًد ان السد العالي يعمل بكفاءة متناهية ولا صحة للشائعات التي اطلقها البعض منذ ثلاث سنوات علي انه توجد شروخ في السد العالي لان السد عبارة عن جبل ركامي ضخم جدا يبلغ حجمه 17 مرة من الهرم الاكبر وسيبقي السد يعمل بكفاءة عالية كما بقيت اهرامات مصر منذ الاف السنين.