يبدو أن مشكلة الدستور باتت مشكلة عالمية ولا تقتصر علي مصر فقط .. وآخر الدول التي بدأت تشهد أزمة دستورية وأصبحت علي أبوابها علي الأقل هي فنزويلا.. والسبب في تلك الأزمة هو رئيسها المريض هوجو شافيز الذي لا يعلم أحد هل سيكون حياً عندما يطالع القارئ تلك السطور أم يكون أجله المحتوم قد وافاه. وكما هو معروف فإن شافيز يعالج حالياً في كوبا من مرض السرطان الذي اصابه في الحوض وقد اجري هناك عمليته الجراحية الرابعة.وبعدها اصابته مضاعفات عديدة في الرئة وغيرها لا يزال يعالج منها حتي الآن. وقد استبقت بعض المدونات المعارضة له الأحداث وقالت إن شافيز "58 سنة" مات سريرياً. وإن الاستعدادات تجري حالياً لتنظيم الأمور في البلاد قبل اعلان وفاته رسمياً. واستدلوا علي ذلك بسفر نائبه والقائم بعمل الرئيس حالياً نيكولا مادورو إلي كوبا وظهوره علي شاشة التليفزيون الفنزويلي الحكومي وهو يدلي بتصريحات مطمئنة إلي حد ما وقد وقفت إلي جانبه كريمتا شافيز. وكذبت الحكومة هذه التكهنات وأكدت أن الرئيس يعاني بالفعل من بعض مضاعفات الجراحة. لكنه لا يزال علي قيد الحياة ولم يمت. وفي الوقت نفسه افلتت تصريحات أو كانت مقصودة للتمهيد النفسي من بعض المسئولين مثل وزير الإعلام قالوا فيها إن الرئيس في حالة صعبة وطلبوا من المواطنين الصلاة من أجل رئيسهم المحبوب كما تم الغاء كافة الاحتفالات الرسمية بالعام الجديد. وهنا تبدو المشكلة التي ستتفجر بعد أيام وبالتحديد في العاشر من يناير بعد أن فاز شافيز في انتخابات اكتوبر الماضي. فالمفروض في هذا اليوم أن يؤدي شافيز اليمين الدستورية لبدء فترة رئاسة جديدة. وكان من المقرر أن يسافر إليه اعضاء المحكمة الدستورية العليا التي سيؤدي اليمين أمامها إلي كوبا ليؤدي اليمين في المستشفي الذي يعالج فيه لكن يبدو أن حالته الصحية قد تراجعت ولم يعد ذلك ممكناً. وهنا اندلعت الأزمة الدستورية بسبب الصياغة الفضفاضة لبعض بنوده. فالمحكمة الدستورية تقترح تأجيل موعد حلف اليمين إلي موعد لاحق بعد أن يكون شافيز قد استرد عافيته أو تأكد عدم قدرته علي الاستمرار في منصبه. وفي الحالة الأخيرة يتم الدعوة لاجراء انتخابات رئاسية جديدة خلال شهرين. وبعيداً عن الأزمة الدستورية التي تشهدها فنزويلا تبقي حقيقة تلفت الانظار في هذا البلد الواقع في أمريكا الجنوبية. هذه الحقيقة هي الشعبية الواسعة التي يتمتع بها شافيز في بلاده. رغم أن المنطق يقضي بغير ذلك. فشافيز يدير نظام حكم غير ديمقراطي. يحاول فقط تجميل وجهه. والأزمات تعصف بفنزويلا مثل انتشار الجريمة وانقطاع الكهرباء المستمر وتلال القمامة التي تحاصر سكان المدن بما فيها العاصمة كراكاس وتتصاعد منها الروائح الكريهة بسبب حرارة الطقس هناك. وكل ذلك مرجعه سوء الإدارة والفساد رغم العوائد البترولية الضخمة التي تؤول إلي خزانة دولة يزيد عدد سكانها قليلاً عن 38 مليون نسمة. . السبب كما يري المراقبون هو البرامج الاجتماعية للفقراء التي كان شافيز ينفق عليها بسخاء مما كون له شعبية واسعة بين مواطنيه. ويأتي ذلك رغم أن عيوباً كثيرة تشوب هذه البرامج. فهي تقدم لهم مثلاً علاوات كبيرة لموظفي الدولة ومساكن وغيرها. وكان من الأفضل لو وجهت هذه المبالغ لدعم قطاعات انتاجية تجعل الدولة كمن قدمت للمواطن سنارة بدلاً من السمكة.