أعجب لرجل في قيمة وقامة المستشار أحمد مكي وزير العدل أن يلجأ إلي أسلوب التهديد والوعيد لقاض زميله لأنه اتخذ موقفا من قضية معروضة عليه.. ولم يقتصر تهديد الوزير علي القاضي نفسه. بل امتد إلي شقيقه وهو قاض أيضا.. ثم إلي شقيقه الثاني رغم أنه محاسب ولا ينتمي إلي السلطة القضائية!! هذا التهديد وجهه الوزير إلي المستشار محمود حمزة رئيس محكمة جنح الأزبكية.. وصرح به المستشار حمزة إلي صحيفة "الأهرام" التي نشرته أمس في صفحتها الثانية. كان المستشار حمزة قد رفض نظر دعوي محالة إليه من النائب العام المستشار طلعت عبدالله لبطلان قرار الاحالة لصدوره من غير ذي صفة مشيرا إلي أن القانون يستوجب ترشيح النائب العام عن طريق مجلس القضاء الأعلي وليس بقرار أحادي منفرد من رئيس الجمهورية. لكن ما هي صيغة التهديد التي وجهها الوزير إلي المستشار محمود حمزة كما جاءت علي لسانه: قال المستشار حمزة إن الوزير هدده وشقيقيه بأسوأ العواقب والتنكيل بهم إن لم يتراجع عن موقفه ويقضي في القضية التي سبق أن رفضها!! هل يمكن أن يصدر هذا التهديد بهذا الشكل القاسي من المستشار أحمد مكي وزير العدل علي افتراض صحته؟! هل يمكن للمستشار مكي وهو الرجل الذي سبق أن تعاطف معه شعب مصر حين تم اضطهاده من نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك أن يلجأ إلي هذا الأسلوب المرفوض؟! كيف يمكن لرجل عاني الأمرين أن يصير إلي ما صار إليه الذين اضطهدوه؟! المستشار أحمد مكي وزير العدل.. وأضع كلمة "العدل" بين قوسين لأن "العدل" هو أحد أسماء الله الحسني.. فكيف يسمح لنفسه أن ينكل بقاض زميله لخلاف علي موقف قانوني؟! وما ذنب شقيقه القاضي بمحكمة طنطا وشقيقه الثاني المحاسب ليطولهما التنكيل؟! هل وجود الانسان في السلطة يختلف عنه وهو خارج السلطة؟! هل يفترض بالوزير أن يتبني دائما وجهة نظر السلطة دون اعتبار لما هو حق أو غير حق؟ خاصة إذا كان هذا الوزير له ماض مشرف وله منزلة خاصة بين المواطنين؟! هل الكرسي يغير المواقف لهذه الدرجة.. وأؤكد مرة ثانية علي فرض أن هذا التهديد صدر من المستشار أحمد مكي وبهذا الأسلوب الذي لا يمكن أن يصدر عن قاض جليل مثله!! لقد وصف المستشار حمزة الوزير مكي كما جاء في الصحيفة بأنه "ظالم" وطالبه بالتنحي عن منصبه فوراً حفاظاً علي تاريخه.. كما طالب النائب العام بالعودة إلي منصة القضاء والرحيل عن هذا المنصب "غير الشرعي" علي حد تعبيره. سؤال أخير: لمصلحة من هذا الانقسام الذي طال كل أبناء الشعب حتي السلطة القضائية؟! ومن المتسبب فيه؟! وكيف الخروج منه؟!