كان حي باب الشعرية مليئا بالفنانين وأساطين الموسيقي فضلا عن وجود عدد كبير من المنشدين والمبتهلين الذين يقدمون ابتهالاتهم بعد أذان العشاء علي المنابر مثل: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله.. الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله.. والصلاة والسلام عليك يا نور عرش الله.. الصلاة والسلام عليك يا أيها النبي.. الصلاة والسلام عليك وعلي آلك وأصحابك أجمعين.. صلي الله عليك.. والحمد لله رب العالمين.. وقد منعت هذه الابتهالات الآن واقتصرت علي ابتهالات الفجر.. وقد اشتهر الكثير من هؤلاء المبتهلين مثل: الشيخ والد موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وكان عمه هو خطيب مسجد الشعراني بباب الشعرية والذي كان أصلا جدا لعبدالوهاب عن طريق أمه وقد جاءوا من بلدهم جميعا الشرقية وليقيموا بجوار مسجد جدهم. وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب تشبع بهذه الروح من سماعه لهذه الابتهالات وحباه الله صوتا جميلا ونال من قسوة الأهل ما ناله من أجل احترافه الغناء لكنه تغلب علي كل هذه الصعاب وأصبح واحدا من أساطين النغم في مصر.. ومن الذين نشأوا في باب الشعرية أيضا الكحكي الكبير والكحلاوي الكبير خال الموسيقار الشعبي محمد الكحلاوي الذي تشبع بالغناء خاصة المواويل البلدية.. وفي الهزيع الأخير من عمره عاد إلي أصوله الدينية وقدم العديد من الأغنيات التي تعبر عن حبه للرسول - صلي الله عليه وسلم - ومن هذه الأغنيات: خليك مع الله واعمل الطيب.. سلمها لله تلقي البعيد قريب.. ولجل النبي.. وحب الرسول يابا.. عن المعاصي يابا.. توبني توب.. وكان يقضي معظم لياليه مع صديقه محمود إسماعيل في سيدنا الحسين حتي انتقل إلي جوار ربه. وهناك أيضا شفيق جلال الذي ولد في حارة الفوطية بباب الشعرية وبدأ الغناء وهو طفل صغير وكان والده يدفعه دفعا إلي عالم الغناء وقد اشتهر باسم "الكحلاوي الصغير" نسبة إلي الكحلاوي. ومن باب الشعرية - أيضا المطرب ماهر العطار الذي ولد في الفوطية أيضا وبدأ حياته مقلدا لكبار المطربين وحصل علي بكالوريوس تجارة ثم دبلوم معهد الموسيقي العربية وقدم العديد من الأغاني الشعبية والعاطفية مثل: داب قلبي داب وغيرها ثم انتقل إلي عالم الغناء الشعبي. وكانت باب الشعرية مليئة بالمقاهي التي كان يجلس عليها المطربون والموسيقيون عقب قضائهم ليالي الأنس والأفراح.. وعندما جاء فريد الأطراش وأسمهان ووالدتهم علياء المنذر إلي مصر عام 1924 سكنوا في شارع البكرية الذي يمتد من الظاهر حتي باب الشعرية.. وإلي لقاء آخر إن شاء الله.