أكد الدكتور محسن ريان أستاذ القانون الدستوري بجامعة أسيوط أن الجمعية التأسيسية للدستور لم تخرج عن عباءة دستور 71 وفشلت في تحقيق رمانة الميزان لأي دستور في التوازن بين أبواب السلطات والحقوق والواجبات. جاء ذلك خلال رئاسته حلقة نقاشية نظمها نادي أدب أسيوط بقصر ثقافة أحمد بهاء الدين بأسيوط بحضور ضياء مكاوي مدير القصر وفراج فتح الله مدير اللقاء ورئيس نادي الأدب والذي أوضح بيانات الثلاث قوي الرافضة للدستور متضمنة اتحاد كتاب مصر والسلفيين والقضاء وذلك بحضور بعض كبار المثقفين وخلال اللقاء قال الدكتور محسن ريان إن صياغة الدستور كانت ركيكة لأبعد الحدود وبها انشاء واستطراد غريب وكثير من بنودها تحتمل التأويل وعدم الوضوح وأحياناً التفصيل علي حالات معينة موضحاً أنه طالب بالغاء نص كامل لعدم وجود هدف نهائي من صياغته. أوضح أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جماعة أسيوط أن دستور 1971 كان به عيب وحيد وهو تركيز السلطة المطلقة في أيدي مؤسسة الرئاسة وتبع ذلك تركيزها في الوزراء والمحافظين وفي الوقت ذاته عدم التوازن مع ذلك بوجود مسئولية العقاب الجنائي ولذا كانت سلطات دون ردع وفي ذات الوقت جمع بين سلطات تنفيذية وتشريعية. وبالتالي كان بصفة عامة دستوراً فاقداً للتوازن. كشف الدكتور محسن ريان عن وجود 5 مواد ايجابية فقط ومستحدثة تحسب للجمعية التأسيسية في الدستور الجديد وهي النص علي "احترام الكرامة الإنسانية" معللاً أنها أمر يفتقده المصريون قبل ميلادهم وأثناء حياتهم وحتي بعد موتهم مما يحدث من عدم احترام جثثهم في الداخل وخارج البلاد مضيفاً أن من المواد الأخري الهامة المستحدثة هي "حق المصريين في سكن ملائم" وكذلك النص علي "حق المواطنين في الأمن". حتي لو كانوا من غير المصريين فضلاً عن مادة "حق حرية اصدار الصحف للأشخاص الطبيعيين" وذلك بدلاً مما كان في الدستور 71 الذي نص أن هذا الحق للأشخاص الاعتبارية العامة التي تعني الشركات المساهمة. فقد كفلت مسودة الدستور حرية اصدار الصحف وانشاءها باخطار فقط. فضلاً عن اشتمالها عدم مسئولية الصحفي أو حبسه احتياطياً وهي أمور بالغة الأهمية لتعزيز حرية الرأي والتعبير. بالاضافة لذلك اشتمل الدستور علي بند خامس في غاية الأهمية وهو "حق المواطنين في الاطلاع علي المستندات وتبادل المعلومات" وهو ما نعرفه بحقوق الاتصال الحديثة البالغة الأهمية لتطور ونمو المجتمعات. قال الروائي الكبير زكريا عبدالغني حاصد جائزة الدولة التشجيعية أنه برغم عدم انتمائه لأي تيار سياسي أو ايدلوجية فكرية لكنه حزين للغاية أن يسيطر علي الجمعية التأسيسية تيارات يجمعها فكر ماضوي يتجه إلي الماضي غافلين الحاضر وغير متطلعين إلي المستقبل برغم أن الثورة تعني قفزة إلي الأمام مضيفاً أن في الوقت ذاته لم يجمع بين أعضائها التوافق. وتسائل زكريا: كيف تكون لجنة تأسيسية لوضع الدستور ولا تضم المفكرين والفقهاء الدستوريين أمثال الدكتور مجدي واهب وطارق صبحي وجلال أمين وغيرهم الكثيرون والذين تم اهمالهم واقصاؤهم عمداً لأنهم تيار المستقبل الذي يقف ضد تيار الماضي الرافض للحوار والتفكير. وتناول المهندس زكريا عبدالغني المادة 3 والتي تتضمن المسيحيين واليهود قائلاً إنها استمرار للتفرقة بين المسلمين والمسيحيين التي بدت منذ انشاء الجماعات الإسلامية في عهد السادات مقترحاً أن تكون صياغة المادة "الإسلام والمسيحية واليهودية ثلاثة أشكال لدين واحد". مؤكداً أن لديه سنداً من الدين الإسلامي ومن القرآن ذاته في ذلك. وأوضح الروائي زكريا عبدالغني عضو اتحاد كتاب مصر اعتراضه الشديد علي عبارة هيئة كبار العلماء يؤخذ برأيها موضحاً أن كلمة "رأيها" في غاية الخطورة في وسط الجماعات المتشددة وأنه ينبغي تعديلها لكونها صاحبة الاختصاص الوحيد لأنه لا توجد هيئة أو جهة منوط بها تفسير الشرعية سوي هيئة كبار علماء الأزهر الشريف لأن باقي الجهات متشددة والذي فضحه تناولهم لقضايا اجتماعية عديدة منها الختان ووضع المرأة. مضيفاً أن مسودة الدستور كذلك تضمنت مادة "لمساواة المرأة بالرجل" مع عدم الاخلال بمبادئ الشريعة وهو ما يضيف الغموض التام علي المادة. متحدثاً عن المواد الأخري التي تضمنت أحداها الغاء "الرق" وقد الغي منذ مائتين عام فضلاً عن مادة دستورية حول "الأسماء" وكان يكفي كثير من مواد الدستور القوانين الطبيعية للإنسان والتي لا داعي للدستور اقحامه فيها. وانتقد زكريا عبدالغني أن يكون هناك نص لمادة تعطي "السيادة للشعب في صون الوحدة الوطنية" وهو أمر لا يمكن تحقيقه بدون السلطات الحكومية بالاضافة لوجود مادة ضمن مواد الدستور تتحدث عن "تعريب العلوم والمعارف". وهو الأمر المستحيل تطبيقه علي أرض الواقع وثبت فشله في كليات الطب. وأشار الروائي زكريا عبدالغني إلي وجود مادة تطالب بالتوسع في التعليم الفني وهو تعليم فاشل في الوقت الحالي وكان من الأفضل ايجاد مادة تعيد النظر في التعليم الفني لتنقيته وتطويره ليلائم الحضارة الحديثة. كما انتقد الروائي الكبير وجود جهاز مركزي لمكافة الفساد في مسودة الدستور دون ذكر تبعيته وهو ما أعقبه الدكتور محسن ريان أنه جهاز مستقل لا يتبع أي جهة موضحاً خطورته الدستورية الكبيرة في تعدد السلطات وحدوث الشقاق والنزاع ضارباً المثال بالأمر الذي تطرقت له العديد من الهيئات مثل المطالبة باستقلال الجامعات والدستورية وغيرها مما يضع الدولة أمام أزمة كبري. فيما شرح الناشط السياسي اليساري ممدوح مكرم العديد من المواد الدستورية التي بها مشكلات سوء فهم ومنها مادة حظر عمل الأطفال إلا في الأعمال المناسبة منتقداً التلاعب في الألفاظ للسماح بعمالة مجرمة دولياً وغير انسانية فضلاً عن محاولة اضعاف سلطات المحكمة الدستورية العليا والتي أيده فيها الدكتور محسن ريان قائلاً إنها من أخطر الأمور التي ترمي لاستبداد السلطات كون المحكمة الدستورية العليا أنشأها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر تحت اسم المحكمة العليا في عام 1969 نجحت في رقابة دستورية القانون ولذلك تم تطويرها للدستورية العليا في عام 1971م لتمارس أخطر الأدوار طوال تاريخها. مواد تفريق وناقش ممدوح مكرم عضو نادي أدب أسيوط 4 مواد للتفريق بين الموطنين منها مادة 221 والتي تحدثت عن أهل السنة والجماعة دون الشيعة الاثنا عشر وغيرها مما اعتبره طائفية دينية فضلاً عن بند 136 والذي تحدث عن الجنسية بشكل غريب دون مراعاة خطورة أبناء المتزوجين من إسرائيليات فضلاً عن مادة 163 باب 3 والتي تحدثت عن فتح الترشيح عند سن الأربعين وفق شروط تسمح لترشيح أسماء بعينها وهما حازم أبو إسماعيل وأحمد زويل. بالإضافة لخطورة عدم وجود مادة تخص سيناء الخارجة عن سيطرة مصر ووضعها المعقد منذ معاهدة السلام خاصة وكونها بؤرة مشتعلة دائماً وتمثل قضية أمن قومي. وأثناء الجلسة الثرية. وبينما يتحدث الحضور انقطع دوي الحوار في حدوث مشادة كلامية بين الشاعر الدكتور سيد عبدالرازق عضو نادي أدب أسيوط وممدوح مكرم علي أثر مطالبة الأول بضرورة تعديل المادة 8 التي تتضمن "حرية العقائد حرية مطلقة فيما لا يخالف النظام العام" متسائلاً كيف يسمح للمسلم حق التنصر والتهود وهو ما أثار اعتراض جميع الحضور باستثناء الشاعر محمد جابر سكرتير نادي أدب أسيوط والذي اتفق مع الشاعر الدكتور سيد عبدالرازق في ضرورة تطبيق أحكام الشريعة بشكل صريح مما أحدث بعض التناقض خلال الجلسة بينهما والمعارضين للفكرة باعتبارها رجوعاً عن المدنية التي يرجوها الجميع لأجل النهوض بالبلاد. بينما أوضح الباحث القانوني أحمد عبدالمتجلي عضو نادي أدب أسيوط أن الجمعية التأسيسية لم تراع توافق القوي المجتمعية فمجلس الدولة لم يمثل بعدد صوابع اليد برغم تعداده والنيابة التي تتجاوز 1400 عضو تم تمثيلها بواحد فقط والمذهل المدهش أن أساتذة القانون الدستوري في الجامعات المصرية لم يتم تمثيلهم بينما انحصر الأمر لحالة استحواذ واستئثار في مقاعد الجمعية. منحة وصلاحيات وأضاف أحمد عبدالمتجلي أن الدستور هو تعاقد بين الحاكم والمحكوم علي الدستورية والحكم الرشيد وما حدث يتضح كأنه منحة وليس أسلوب تعاقد مطالباً المثقفين بدلاً من التراشق إلي مخاطبة الرأي العام وكشف حقائق الأمور المشينة التي حدثت قائلاً أيضاً إنه يطالب الرئيس محمد مرسي بتطبيق وعوده السابقة التي قال فيها إنه سيعيد تشكيل الجمعية التأسيسية. أوضح أحمد عبدالمتجلي أن الدستور الجديد يمنح صلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية من الدستور السابق ويلغي وظيفة نائب الرئيس ويعيد لنا من جديد لمجلس الشعب أن يكون سيد قراره ليمنح سلطات غريبة لعضو مجلس الشعب حتي يرجع لنا إمكانية إيجاد العضو الفاسد والمرتشي والمتاجر بالمخدرات في ظل الدستور الذي يحمي العضو ويمنحه نفوذاً وسلطات تمكنه من حماية فساده برغم كونه نفساً بشرية قد تكون صالحة أو فاسدة فضلاً عن تضمن الدستور الجديد إلغاء الإشراف القضائي علي الانتخابات الذي يعد كارثة ليعيد من جديد إشكالية نزاهة الانتخاب. وتساءل عبدالمتجلي عن المادة 136 من الدستور الجديد التي تشترط علي عضو مجلس الشيوخ أن يكون حاصلاً علي مؤهل جامعي في حين لم تشترط ذلك لرئيس الجمهورية وهو أمر غير مفهوم وطالب وهو المحقق القانوني أيضاًً لاقليم وسط وجنوب الصعيد الثقافي التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة الحكومية أن تكون النيابة الإدارية جهة قضائية وتنام بالغ التأثير والأثر في كافة . شيء إيجابي بينما قال عبدالمتجلي الشيء الوحيد الإيجابي في مسودة الدستور هو محاولة اصلاح منظومة القضاء بايجاد النيابة المدنية المشابهة لما في فرنسا والجزائر ودول أخري والتي تتضمن مهمة استيفاء وتجهيز الأوراق للقاضي وهو ما يضمن سرعة تطبيق الأحكام التي تتجاوز عشر سنوات خاصة مع ايماننا أن العدالة البطيئة هي ظلم في حد ذاته مضيفاً أن ذلك الجهاز لو تم تطبيقه في مصر سيمثل طفرة قضائية لراحة الملايين الذين يقضون سنوات طويلة في المحاكمة بالاضافة لمساهمته في تحسين صورة مصر عالمياً لأنه ضمن مقاييس تقييم البلدان من البنك الدولي ومدي سرعة تطبيق أحكام القضاء. وأشار إلي أن دستور سنة 1971 لم يقم به سوي 50 شخصاً ولم ينفذه فعلياً سوي 12 عضواً فقط بينما الدستور الأمريكي لم يتضمن سوي 12 مادة فقط تشمل 52 ولاية بمثابة 52 دولة بينما لكل ولاية دستورها ولدقة صياغته لم يتم التدخل لتعديله طوال 200 سنة إلا 20 مرة فقط.