حالة من الذعر تنتاب ما يقرب من 70% من المصريين بعد نشر مشروع قانون إيجارات المساكن القديمة! هذه الحالة لها أسباب كثيرة.. لعل في مقدمتها زيادة الإيجارات بما يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية للمباني قبل 68 سنة وستة أضعاف القيمة الإيجارية حتي أكتوبر 1973. وبنسبة 100% من سبتمبر 1977 وحتي يناير 1996 ثم تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر! ولا شك أن هذه النسب المقترحة تشكِّل ذبحاً للمستأجر قبل أن تكون انحيازاً صارخاً لأصحاب العقارات.. ويبدو أن الذين اقترحوه لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بظروف المواطن الغلبان! ولا شك أنه بالنسبة للعقود المحررة قبل 68 عاماً فهي محدودة. وربما توفي مستأجروها.. وربما كان هناك مبرر لزيادة القيمة الإيجارية علي من قامت لجان تحديد الإيجارات بتحرير عقودهم وتحديد القيمة الإيجارية لهم.. ولكن ليس بهذه النسبة المجحفة. حيث تمت زيادة هذه الايجارات من قبل. أما بالنسبة للشريحة الأخيرة والتي قام بها بتحرير عقودهم مع الملاك طبقاً لاتفاق بينهما.. فزيادة الإيجار بنسبة 100% خلال خمس سنوات. ثم تحرير العلاقة بين الطرفين بعد خمس سنوات أو بعد سنة واحدة إذا كان دخله يزيد علي 3 آلاف جنيه فيه ظلم بيِّن وهناك عدة أسئلة تفرض نفسها: ماذا يفعل من كان دخله 3 آلاف جنيه ثم خرج إلي المعاش يتقاضي بضعة "ملاليم". لا تكفيه شراء الخبز الحاف؟! وإذا كان مقبولاً "تحرير العلاقة" أو بتعبير أصح "طرد المستأجر" إذا كان له مسكن آخر.. فما معني طرده أو "تحرير العلاقة" إذا لم يكن له غير المسكن الذي يؤويه؟! بالنسبة لزيادة القيمة الإيجارية 100%. كيف يتم ذلك دون التمييز بين الذين حرروا العقود طبقاً للتراضي بين المالك والمستأجر. دون تدخل من لجنة تحديد الإيجارات.. مع علم كل منهما بأن الإيجار ممتد؟! ولا شك أن مبدأ التوريث مرفوض.. لكن كيف يتم طرد ساكن بعقد تم تحريره بكامل حرية طرفيه ودون تدخل أو إجبار من طرف ثالث.. مع أن المستأجرين خلال الفترة من 1977 وحتي 1996 يقولون إن أزمة السكن في ذلك الوقت قد اضطرتهم للإذعان لشروط المالك والإيجار الذي حدده وقبلوا بإيجارات مرتفعة قياساً بأسعار ذلك الزمان. ويتساءل الكثيرون: كيف للمستأجر أن يترك شقته التي أنفق عليها الكثير والكثير في تشطيبها من الداخل سواء في السباكة أو الكهرباء أو الدهانات أو الأرضيات أن يختار بين تركها للمالك أو الرضوخ لما يفرضه عليه من إيجار؟! يضاف إلي ما سبق أن هذه الشريحة من المستأجرين قد دفع كل فرد منها مبالغ كبيرة في صورة مقدمات إيجار. لدرجة أن بعض المستأجرين في مناطق شعبية من بولاق الدكرور وإمبابة وغيرها سددوا ما يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف جنيه كمقدم علي أن يتم خصم نصف الإيجار الشهري منها وسداد النصف الآخر نقداً. وبالطبع لم يتم إثبات ذلك في العقود. التي كانت أشبه بعقود إذعان بالنسبة للمستأجر. وبأسعار ذلك الوقت كان هذا المقدم يكفي لبناء الشقة وزيادة.. ومثالاً علي ذلك فقد كان سعر حديد التسليح في ذلك الوقت يتراوح بين 300 500 جنيه علي أكثر تقدير! ثم.. كيف نسوي في زيادة الإيجار بين أفراد شريحة إيجارية تمتد لحوالي عشرين عاماً "من 1977 1996" فهل كانت الإيجارات ثابتة طوال هذه الفترة ولم يطرأ عليها أي تغيير..؟! أين هي القدرة المادية للمصريين وأين دخولهم التي تسمح لهم بالانتقال من مسكن لآخر يفوقه أضعافاً في القيمة الإيجارية؟! وألا يشفع للمستأجر أن يحتفظ بمسكنه بعد ما سدده للمالك علي مدي عشرين عاماً. ثم نأتي إلي البعد السياسي.. وهنا يثور السؤال: هل الحكومة بحاجة إلي اضطرابات جديدة.. أم انها تريد تحويل الصراع بينها وبين المواطن إلي صراع بين الملاك والمستأجرين.. حتي ينعم هؤلاء الساسة براحة البال ووجاهة السلطة وينفضوا أيديهم عن الجميع؟! وإذا كانت الحكومة تريد تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر.. فما لها لا تريد رفع الأجور بالنسبة نفسها خلال تلك الفترة. حتي يتمكن المواطن من الحصول علي المسكن الملائم والذي يتفق مع قدراته المادية؟! يجب علي اللجنة التي شكلها د.طارق وفيق وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة برئاسة المهندسة نفيسة هاشم.. أن تضع هذه الأمور في اعتبارها عند مناقشة بنود مشروع القانون.. وأن تحرص علي تلافي ما يمكن أن يترتب عليه من أمور سلبية قد تنعكس علي المجتمع بأكمله!! ** أفكار مضغوطة: قال الشاعر: لا يخدعنك هتاف القوم بالوطن فالقوم في السر غير القوم في العلن