إعلان تنظيم داعش الإرهابي، مسئوليته عن مقتل ثمانية شرطيين بمدينة حلوان، قالت الداخلية إنهم كانوا في مأمورية أمنية في الساعات الأولى من صباح اليوم، قابله روايات متضاربة، ما بين تبني حركات مقاومة للنظام، وثأر بين الشرطة والعرب الذين يقطنون الضاحية الجنوبية من القاهرة. وكشفت معاينة النيابة العامة للحادث، أن إطلاق الأعيرة النارية على ميكروباص الشرطة (كانت تستقله المأمورية الأمنية) كان عن قرب وأنه تم العثور على فوارغ أكثر من مائة طلقة بمكان الحادث.
ورغم كون العملية ليست الأولى بالقاهرة الكبرى، التي يتبناها التنظيم النشط في شمال سيناء، يرى مراقبون أن عمليات التنظيمات المتشددة تشهد تطورًا نوعيًا في عملياتها، تمثلت في "الأريحية" في استدراج شرطيين بزي مدني، وتصفيتهم بأسلحة خفيفة وليس في عملية تفجيرية على غرار استهداف المقار الأمنية والملحقات الدبلوماسية، كما حدث في تفجيري مديرية أمن المنصورة في نهاية ديسمبر 2013، والقنصلية الإيطالية في يوليو 2015. في الجانب المقابل، كشف شهود عيان في شهادتهم على الواقعة، بحسب ما نقله على لسانهم نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، عن رواية مخالفة للروايتين السابقتين (الداخلية وتبني داعش). الصحفية جانيت عبدالعليم، نقلت على لسان شهود عيان قولهم إن "العربية كان عليها جرينوف والخناقة بين عرب أبو ساعد بحلوان وضباط وأمناء قسم حلوان". وأضافت جانيت عبر فيسبوك "ولا إرهاب ولا داعش، الداخلية قررت تستغل الحادث وتلم بيه تعاطف وتلم اللي كسرته ال 9000 حالة فردية الفترة اللي فاتت (في إشارة لتعدي بعض رجال الشرطة على مدنيين في وقائع منفردة، مؤخرًا)". وأكملت "كل اللي حصل إن ضباط من القسم من يومين حطوا (أهانوهم) على ناس من عرب أبو ساعد، والنهادرة عرب أبو ساعد، حطوا (استهدفوا) ضباط القسم". ومدينة حلوان، منطقة صناعية مكتظة بالسكان، تشهد مظاهرات مؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين، غير أنها لم تشهد مثل هذه الهجمات الإرهابية من قبل. وبينما تتهم الحكومة، جماعة الإخوان المسلمين بتدبير بعض هذه الهجمات، تنشط في سيناء تنظيمات مسلحة متشددة من بينها تنظيم "ولاية سيناء" الذي يوصف بأنه فرع تنظيم داعش في مصر. وفي تبني ثالث للعملية، أعلنت حركة "المقاومة الشعبية"، مسئوليتها عن الحادث، وقالت الحركة إنه وصل إليها معلومات عن خط سير قوات الشرطة وقاموا بعمل كمين محكم لهم وقتلهم. وبينما زعمت الحركة أن أحد ضحايا الحادث "اغتصب بنتين من حلوان"، وحاولت اغتياله في وقت سابق (حسب قولها)، قالت إن أخبار تحركات الأمن تأتي من مكاتبهم (مكاتب الأمن). ورغم إعلان التنظيم "المتشدد" مسئوليته عن عملية حلوان، حمَّل الجهادي السابق، نبيل نعيم الجهادي السابق الأمن المسؤولية، قائلًا، إن "جهاز الشرطة مخترق أمنيًا من الجماعات المتشددة". وفي حديثه ل"المصريون"، ربط نعيم بين استهداف المأمورية الشرطية، وما فسره ب"الاختراق الأمني" لصفوف وزارة الداخلية، مشيرًا إلى أن "توقيت تنفيذ العملية (الثانية منتصف الليل)، يؤكد أن الاستهداف ليس مسبقًا فقط، بل معرفة خط سير المأمورية". وحول أسباب اختيار العناصر المسلحة لمدينة حلوان تحديدًا، والتي تعد المدخل الجنوب للقاهرة، أوضح نعيم أن "حلوان منطقة بها مجموعة كبيرة من الإسلاميين والتكفيريين، وتعد بجانب حي الطالبية بالجيزة، أحد مناطق انطلاق مظاهرات الإخوان، التي لا تزال مستمرة منذ فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة منتصف أغسطس 2013". وأضاف نعيم أن "حلوان كمنطقة جغرافية، مرتفعة، وسهلة في الهروب داخل الشوارع، بجانب القدرة على تنفيذ مناورات للهجوم على رجال الأمن، وتعد حاضنة لمثل هذه العمليات". وبشأن تداعيات استهداف 8 شرطيين جنوبي القاهرة، وسعي تنظيم داعش للتغلغل في قلب القاهرة، ذكر نعيم أن الجماعات التكفيرية تسعى للسيطرة على كل المناطق الحيوية بما فيها العاصمة. وأشار الجهادي السابق إلى أن "الجماعات المسلحة في مصر تعد خلايا عنقودية، مترابطة ومتوحدة خلف داعش"، متوقعًا "امتداد عملياتها لتفجيرات واغتيالات سياسية وأمنية". وتوعد اللواء جمال أبوذكري، الخبير بجهاز الأمن القومي، بضبط الجناة قبل نهاية الأسبوع، مشيرا في تصريح مقتضب ل"المصريون" إلى أن "رجال المباحث، معروفون لدى العناصر الإرهابية". وقال أبوذكري إن "سبب نشاط الجماعات المسلحة في حلوان يعود إلى كونها مدينة ذات ضروب صحراوية، ويمكن من خلالها الهروب ناحية الصعيد"، متوقعا "عدم توقف عمليات الاغتيال الأمني". وفي الثانية صباح اليوم، قُتل 8 شرطيين في هجوم شنه مسلحون على قوة في حلوان، حسب بيان أعلنت عنه وزارة الداخلية. وقالت الوزارة في بيان رسمي إن "من بين القتلى ضابطا برتبة ملازم أول يعمل في إدارة المباحث بقسم شرطة حلوان"، فيما تبنى تنظيم "داعش" الإرهابي، العملية. وجاء في البيان أن العملية تأتي "ثأرًا للنساء العفيفات الطاهرات في سجون المرتدين في مصر". وتشهد حلوان استنفارًا أمنيًا بعد نشر عدد كبير من قوات الأمن الساعية للبحث عن منفذي الهجوم الذين تمكنوا من الفرار من مكان الهجوم. وذكرت الوزارة أن رجال الشرطة القتلى كانوا في مهمة "لتفقد الحالية الأمنية" ويرتدون ملابس مدنية ويستقلون سيارة ميكروباص. وقال بيان الوزارة إن "منفذي الهجوم كانوا يستقلون سيارة نقل صغيرة اعترضت سيارة المأمورية ثم ترجل منها عدد أربعة أشخاص كانوا مختبئين بالصندوق الخلفي لها وقاموا بإطلاق أعيرة نارية كثيفة تجاه السيارة الميكروباص من أسلحة آلية كانت بحوزتهم ولاذوا بالفرار". وعثرت قوات الأمن على عدد كبير من فوارغ الطلقات الآلية بجوار السيارة الميكروباص التي كان يستلقها أفراد القوة الأمنية. وفي وقت لاحق أمرت نيابة حلوان، بتشريح جثامين ضحايا حادث حلوان الإرهابي وصرحت بدفنهم، وانتهت المناظرة داخل مستشفى النصر، وأسفرت عن أن جثامين كل ضحية مصابة بأكثر من 10 طلقات متنوعة في أماكن متفرقة من الجسم وأن الأسلحة التي استخدمت في الحادث متنوعة. وكشفت معاينة النيابة، أن إطلاق الأعيرة النارية على ميكروباص الشرطة كان عن قرب وأنه تم العثور على فوارغ أكثر من مائة طلقة بمكان الحادث. كما انتهى المعمل الجنائي من رفع ومعاينة آثار الحادث الإرهابي، حيث تبين من المعاينة أن السيارة الميكروباص التي كان يستقلها شهداء الشرطة بها آثار لأكثر من 50 طلقة.