فى العاشر من أبريل الحالى كتبت فى نفس هذا المكان مقالاً بعنوان "أين الشفافية يارئيس الجمهورية ؟!! " والذى تناولت فيه اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والممكلة السعودية والتى أسفرت عن نقل تبعية جزيرتى تيران وصنافير للسعودية . وقد طرحت فى المقال المشار عدة تساؤلات كانت وما تزال تبحث عن إجابة حتى الآن منها : لماذا لم يتم نشر الإتفاقية الموقعة بين مصر والسعودية فى عام 1950 بشأن هاتين الجزيرتين ؟ واذا كانتا من حق السعودية – كما يقال- فلماذا تم إجراء 11 جولة مفاوضات قبل اتمام الإتفاق على اعادتهما للسعودية ؟ وإذا كانتا سعوديتين فلماذا تقوم المملكة بدفع مليارين من الدولارات إلى جانب ربع الموارد فيهما سنوياً لمصر ولمدة 65 عاماً ؟ .
وفى نفس السياق أشير إلى أننى قررت العودة لهذا الملف من جديد , وأرجو ألا يفهم البعض أن إعادة طرحى لتلك القضية تشكيكاً فى نزاهة ووطنية الرئيس عبدالفتاح السيسى أو المؤسسة العسكرية , ولكن ما دفعنى لذلك , أن هناك جهات ما تزال تبحث هذه القضية حتى الآن ومن بينها مجلس النواب . ورغم تأكدى من أن موقف مجلس النواب فى تلك القضية لن يقدم أو يؤخر فيما يتعلق بإعادة النظر فى بنود الإتفاقية التى وقعها الرئيس السيسى مع الملك سلمان بن عبدالعزيز عاهل السعودية خلال زيارته الأخيرة للقاهرة , إلا أن ما دفعنى لإعادة طرح القضية أننى تلقيت رسالة مهمة للغاية من أحد المتخصصين والباحثين فى هذا المجال وهو الدكتور محمد حمودة المدرس المساعد بقسم الآثار بكلية الآداب جامعة المنيا , والذى قام بإعداد بحث مفصل بالخرائط والوثائق التاريخية التى تؤكد تبعية الجزيرتين لمصر . وفيما يلى نص الرسالة والتى تتضمن تلخيصاً موجزاً لهذا البحث الذى أرى أنه يمثل اضافة جديدة لهذا الملف الشائك ويكشف جوانب قد لا تكون بعض الشخصيات أو الجهات على دراية بها .. يقول د. محمد حمودة فى رسالته :
" ....... \ محمد .. قمت بإعداد بحث مفصل مكون من 90 صفحة حول جزيرتى تيران وصنافير في ضوء الخرائط التاريخية والجغرافية والعسكرية في الفترة من 1701 – 1933م , والتى أثبتت بالأدلة القاطعة ملكية مصر للجزيرتين منذ هذا التاريخ الي الآن ومن بينها مجموعة الخرائط المحفوظة بالمكتبة الوطنية بباريس وبعض المصادر التاريخية والجغرافية والمصرية مع إشارة سريعة لبعض الإشارات التاريخية عن الجزيرتين حتى عام 1916م .
وقد كشفت من خلال البحث أنه في عام 1707م رسم رسام الخرائط الفرنسي جيوم ديليس الذي رسم خريطة تركيا وشبه الجزيرة العربية , خريطة لمصر والنوبة والحبشة بعنوان " Carte de l'Egypte, de la Nubie, de l'Abissini" وكان جيوم رسام خرائط فرنسي معروف بخرائطه المشهورة والدقيقة لأوروبا والأمريكيتين والاستكشافات الحديثة وافريقيا، ضمن أطلس الجغرافيا المجلد الرابع عشر أيضا الذي يضم خرائط عامة لآسيا وامريكا وافريقيا والمحفوظة بالمكتبة الوطنية في فرنسا قسم الخرائط والخطط "Bibliothèque nationale de France, département Cartes et plans" وتم نشرها في 22/2/2011م وتكشف تلك الخريطة وجود الجزيرتين تيران وصنافير ولكن دون أي كتابات عنهما ضمن حدود مصر بجوار راس محمد في الجهة الشرقية الجنوبية لجزيرة سيناء علي مدخل خليج العقبة في نوفمبر عام 1707م .
وقد اثبت العديد من الباحثين امثال المستشارة هايدي فاروق وغيرهم ملكية جزيرة تيران وصنافير لمصر منذ القرن الثاني الميلادي كما نشر البعض مثل الدكتور نور فرحات وثائق متعلقة بملكية مصر للجزيرتين اعتماداً علي كتب محيط الشرائع وبعض الوثائق العربية والبريطانية , وهنا نسلط الضوء علي تأكيد كل ما سبق بخصوص ملكية مصر للجزيرتين في الفترة من 1701 - 1933م في ضوء مجموعة من الخرائط التاريخية والجيولوجية والجغرافية والعسكرية باللغات الفرنسية والألمانية وايضا اللاتينية والنرويجية .. الخ , وفي ضوء الخرائط التي نشرت في كثير من مصادر الجغرافيين والرحالة والعسكريين وكثيرين غيرهم والأطلس المصري والخريطة الجيولوجية المصرية وخريطة الحملة الفرنسية وغيرها من عام 1701م الي عام 1933م أي قبل وبعد نشأة الدولة السعودية بما يقطع بمصرية الجزيرتين قطعا باتا لا يحتمل الشك , اضافة الي العديد من الاشارات التاريخية والجغرافية للرحالة والجغرافيين والمؤرخين عن الجزيرتين ومن ذلك ما أضافه وكتبه نعوم شقير مؤلف كتاب تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها وكان سكرتير اللجنة المشاركة في ترسيم الحدود بعد أزمة طابا عام 1906م، حيث أشار الي أن جزيرتى تيران وصنافير ضمن حدود شبه جزيرة سيناء .
كما أن هناك العديد من الاشارات التاريخية للرحالة والمؤرخين والجغرافيين الذين زاروا مصر في عصور مختلفة كشفت أن الجزيرتين ضمن حدود الدولة المصرية ومن ذلك أنها كانت تنظم لها رحلات من شبه جزيرة سيناء وتحديدا من جبل الطور الي مصواع مرورا بالجزيرتين تيران وصنافير, وأيضا هناك اشارة هامة ترجع لعصر عباس حلمي باشا الاول منذ عام 1950م تتضمن الاتي: السير الكسندر جوهانستون كيث الذي يشير في قاموسه الجغرافي عام 1850م الذي طبع في عام 1855م والذي رسم خريطة هامة لشبه جزيرة سيناء عام 1847م مبين عليها بالاسماء موقع الجزيرتين الي جزيرة تيران وصنافير في إشارة هامة للغاية علي النحو التالي: يحيط بجزيرة سيناء جزيرة تيران "The island Tiran" التي تقع في مدخل خليج العقبة وهي جزيرة محصنة من العرب علي الجانب الشرقي اعلي الخليج أقرب للشمال خط عرض " Lat. 29° 2-1'30' N" وخط طول "lon. 36‘ 6' E" وبها حامية حسن المصرية "Hasan Egyptian garrison". جزيرة صنافير "Senefer": هي جزيرة في البحر الأحمر ستة أمتار شرق جزيرة تيران عند مدخل خليج العقبة، مما يعني ان الجزيرة بها حامية مصرية منذ هذا التاريخ، اضافة الي ذلك انا لا اتكلم عن ملكية الجزيرتين باعتبار انها من ضمن الاراضي والبلاد والجزر التي سيطر عليها محمد علي وخلفائه مثلها مثل السودان او ليبيا او حتي الحبشه بل اتكلم عنها باعتبارها جزء لا يتجزأ من الاراضي المصرية وهناك العشرات بل ممكن ان نقول المئات من الخرائط التي تثبت ملكية الجزيرتين لمصر منذ القرن الثاني الميلادي " .