6 مليارات دولار ومليون سائح.. وتوقعات بانسحاب شركة «إيني» من مصر خسائر متعددة خسرتها وتخسرها مصر جراء مقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني" في القاهرة قرابة الثلاثة أشهر، بحسب خبراء ومراقبين، خاصة مع توجه أصابع الاتهام تجاه قوات الأمن المصرية بالتسبب في مقتله، فضلاً عن عدم كشف ملابسات الحادث والوصول إلى الجاني الحقيقي حتى الآن رغم كثرة الروايات المصرية حول كيفية تعذيبه حتى الموت. تلك الروايات أثارت غضب وحفيظة الجانب الإيطالي، مطالبًا بضرورة التعاون معه من قبل الجانب المصري، فضلاً عن تقديم الجاني الحقيقي للعدالة وإلا سيتخذ العديد من الإجراءات الصارمة، بحسب الصحف الإيطالية، وهو ما اعتبره الخبراء تهديدًا صريحًا للنظام المصري. بالإضافة إلى ما سبق، أجمع المحللون على أن مصر بدأت بالفعل في تسديد فاتورة مقتل "ريجيني" وأن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل سيمتد إلى إجراءات أخرى ستدفع مصر ثمن تبعاتها إذا لم تنه هذه القضية، واصفين إياها بالمسرحية الهزلية. مصر تخسر 1.480مليار دولار عقب مقتل "ريجيني" بداية خسائر مصر من مقتل "ريجيني" ما أجمع عليه الخبراء أن روما الشريك التجاري الأول لمصر على مستوى دول الاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى خطورة ذلك على الاقتصاد، خاصة إذا ضغطت إيطاليا على مصر بهذه الورقة. ومن جانبها، أعلنت الهيئة العامة للاستثمار أن حجم الاستثمارات الإيطالية في مصر بلغت نحو 1.480 مليار دولار في الفترة من 1970 وحتى 2016 موزعة على 981 شركة. ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور شريف الدمرداش، أن حجم التبادل التجاري بين مصر وإيطاليا 6مليارات دولار، مشيرًا إلى أن ملف الاقتصاد عامل الضغط الأول لاتخاذ إجراءات ضد مصر، متوقعًا لجوء روما إلى تخفيض استثماراتها في مصر، خاصة أن هناك شركات إيطالية كبيرة في مصر أبرزها أسهم بنك الإسكندرية، وإكسون موبيل مصر. وأوضح "الدمرداش" في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن الحكومة الإيطالية قد تدفع شركة إيني التي تستثمر في التنقيب عن الغاز في مصر، إلى التخلي عن حصتها لشركة أخرى، مما يؤثر على سير العمل وما كانت تأمله مصر من تحقيق نجاحات اقتصادية من خلالها. وتوقع أن يؤثر مقتل "ريجيني" على تبادل العلاقات التجارية وتعليقها بدليل إلغاء الوفد الاقتصادي زيارته إلى مصر، مستبعدًا أن يشمل التوتر الاقتصادي جميع التعاملات الاقتصادية بين البلدين. وأشار إلى خطورة حظر الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدات إلى مصر، خاصة أن مصر والاتحاد الأوروبي بينهما اتفاق على إقامة منطقة تجارة حرة خلال فترة انتقالية مدتها 12 عامًا تنتهي بنهاية العام الحالي، منوهًا بأن الاتحاد أعلن من قبل تقديم نحو 500 مليون يورو مساعدات لمصر خلال مارس الماضي ولم تحدث بسبب مقتل ريجيني. واستطرد أن النظام المصري أعلن في أكتوبر الماضي أنه سيتم أكتوبر المقبل إطلاق برنامج المساعدات الفنية المقدم من الاتحاد لمصر بتمويل 20 مليون يورو، وهو ما يعني إمكانية توقفها. مقتل "ريجيني" ضربة للسياحة السائح الإيطالي يشكل أهم الشرائح السياحية لمصر, حيث وصلت أعداد السائحين الإيطاليين إلى مليون و300 ألف سائح سنويًا, ثم أصبحت لا تتعدى 300 ألف, بعد مقتل "ريجيني". وبدورهم أكد الخبراء أن مقتل "ريجيني" ضربة للسياحة، مدللين على قولهم بإعلان جمعية السياحة الإيطالية، وقف رحلاتها لمصر متخوفين من امتداد الأزمة إلى باقي الأسواق الأوروبية؛ حيث تستحوذ أوروبا على ما يقرب من 70% من السائحين الوافدين إلى مصر. من جانبه، أكد عمرو صدقي، الخبير السياحي، أن التحديات التي تشهدها السياحة أكبر من أن تتم مواجهتها بالوسائل العادية، متوقعًا اتخاذ روما إجراءات تبدأ بتحذير الإيطاليين من السفر إلى مصر واعتبارها بلدًا غير آمن من أجل إرضاء المجتمع الإيطالي، ثم يتبعها إجراءات بمنع سفر السائحين في حالة عدم كشف الحقيقة. وأضاف "صدقي" في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن إيطاليا يمكنها أن تتخذ إجراءات في قطاع السياح مثلما فعلت موسكو، خاصة أن السياح الإيطاليين يفضلون قضاء إجازاتهم في شرم الشيخ والغردقة، مشيرًا إلى أنه لا توجد حالات مماثلة مع إيطاليا تم فيها قتل وتعذيب أحد مواطنيها في دولة أخرى واتخذت إجراءات سلبية ضدها لعدم الكشف عن الحقيقة. واعتبر "صدقي" قرار إدارة متحف "تورينو" في إيطاليا إطلاق اسم ريجيني على قاعة الآثار المصرية بالمتحف، دعاية سلبية للسياحة، لاسيما في ظل زيارة الملايين لهذا المتحف. وأوضح أن اعتبار مصر بلدًا غير آمن للسياح ووقف رحلات الطيران سيكون عقوبة شديدة للسياحة المصرية خاصة مع تراجعها، مشددًا على ضرورة تقديم الأدلة الحقيقية التي تكشف القضية والتأكد من أن مصر تتعامل مع دولة قوية ولها خبرة في هذه القضايا إذا أرادت أن تنقذ السياحة. خبراء: مقتل "ريجيني" سيسقط النظام وضع خبراء السياسة عدة خسائر لمصر على المستوي السياسي عقب مقتل "ريجيني" أبرزها خسارة سمعة مصر الدولية، بحسب قول أمين إسكندر، الخبير السياسي، مشيرًا إلى انعدام الشفافية وعرقلة سير التحقيقات من قبل الحكومة المصرية، مؤكدًا أن النظام المصري ووزارة الداخلية يتبعان نظام الفهلوة في التعامل مع القضايا الشائكة. وأضاف "إسكندر" في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن ما يحدث سياسات حمقاء من الأمن بمعرفة الرئيس، حسب قوله، مشددًا على ضرورة الكشف عن الحقائق وتقديم المجرم إلى المحاكمة، مشيرًا إلى أن الشعب المصري هو الذي يدفع الثمن. واستشهد "إسكندر" بما أعلنته إيطاليا أنها ستتخذ إجراءات "فورية وملائمة" ضد مصر إذا لم يطرأ تغيير في المسار الذي تتخذه مصر تجاه القضية، مؤكدًا أن تغيير المسار يعني عدم القبول بالحقائق الملتوية. ومن جانبه، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي، بيير فرديناندو كاسيني، إن إيطاليا بحاجة إلى رد فعل أكثر وقارًا من مصر، لأنهم بهذه الطريقة يستهزئون بنا، مشيرًا إلى أن ردود الفعل المصرية متناقضة لإضاعة الوقت، ولا يمكن الاعتماد عليها. وردًا على تلك الأحداث، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، اعتزام مصر مواصلة تعاونها مع الجانب الإيطالي للوقوف على ملابسات الحادث وتقديم الجناة للعدالة، معربًا عن ثقته في أن العلاقات المصرية الإيطالية قادرة على التعامل مع هذه الحوادث الفردية وعبورها دون تداعيات سلبية على علاقات البلدين. فيما حذر الكاتب الصحفي "محمد عصمت" من خطورة عدم تنبه النظام المصري إلى خطورة الفاتورة الناتجة عن مقتل"ريجيني". وقال "عصمت" إن عدة تداعيات خطيرة تنتظر النظام منها إسقاط نظرياته عن "متلازمة الأمن والحرية"، لافتًا إلى أن تلك النظريات تهدد مصداقيته، وتهدد شرعية النظام، كما أن مقتل ريجيني سيعرض مصر لعقوبات صعبة، فضلًا عن جعل الغرب مستعدًا لقبول بديل للنظام الحالي. وتابع: "مقتل ريجينى في جوهره عنوان لسياسات لم يعد لها وهناك مَن يتبناها عن قلة خبرة سياسية، أو عن تصورات وهمية حول «الاصطفاف الوطني» بمعناه الضيق الذي يعنى سيادة الصوت الواحد، والضيق بالمعارضة، واعتبارها معرقلة للمسيرة، وتحالفًا مع أعداء الوطن، في استنساخ جديد لتجربة مبارك التي أسفرت في نهاية المطاف عن سقوط نظامه بشكل لم يتوقعه المستفيدون من جرائمه، والذين أصبحوا يتصدرون الساحة السياسية، ويحلمون بإعادة عرش مبارك، وكأنه لا ثورة قامت. وأوضح أن الحل هو تقديم أجهزة الأمن المصرية الحقائق للجانب الإيطالى، مهما كانت صعبة، لأنه مهما كانت تبعاتها ثقيلة، فإنها ستكون أقل وطأة من المراوغة للرهان على كسب الوقت، فالعقوبات الإيطالية لن تكون نهاية المطاف، فالدول الغربية ستحذو حذوها، وساعتها لن نستطيع أن نواجه هذا الحصار الغربي بدون أن ندفع ثمنًا فادحًا. مقتل "ريجيني" يوجه الأنظار نحو الوضع الحقوقى فى مصر تسبب مقتل "ريجيني" في توجه أنظار الدول الغربية نحو الوضع الحقوقي في مصر، متخذة عدة خطوات ضد مصر، أبرزها عقد منظمة الأممالمتحدة جلسة عاصفة في جنيف موصية بتشكيل لجنة تقصى حقائق دولية، للاطلاع على حقيقة الأوضاع في السجون المصرية التي ترى أنها تخالف لوائح السجون الدولية. وأعربت عدة الدول، أبرزها هولندا وألمانيا والولايات المتحدة عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في مصر. وأكد البرلمان الأوروبي أن مقتل "ريجيني" ضمن حلقة في سلسلة من حالات الاختفاء القسري التي تعرض لها عشرات المعارضين السياسيين في مصر، بالإضافة إلى زيادة حالات التعذيب والقتل داخل مراكز الاحتجاز المصرية، مشيرًا إلى القلق لدى الأجانب، من زيارة مصر. فيما أعرب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، عن قلقه إزاء ما وصفه بتدهور وضع حقوق الإنسان في مصر كما أصدرت وزارتا الخارجية البريطانية والألمانية بيانين، مشيرتين إلى قلة ثقة المجتمع الدولي بالتحول السياسي في مصر، مؤكدة أن خطوات الحكومة المصرية تتم بمخالفة للدستور. ومن جانبها، أكدت الحكومة المصرية أن مصر ترفض التدخل في شؤونها، مشيرة إلى أنه بإمكانها انتقاد العديد من الدول الشركاء لتجاوزاتها في مجال حقوق الإنسان، لكنها لن تفعل هذا الأمر إلا من خلال القنوات المناسبة. بدوره، رفض المحامي الحقوقي، نجيب جبرائيل، التدخل الغربي في الشأن المصري، معتبرًا ذلك تدخلاً في السيادة المصرية، مؤكدًا عدم سماح المجلس القومي لحقوق الإنسان أي تدخل دولي في مصر. وأضاف "جبرائيل" في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن تلك الأحداث لعدة أسباب، أبرزها أن مصر مستهدفة من التنظيم الدولي للإخوان، فضلاً عن كونها محل استهداف من الدول الأخرى وأبرزها أمريكا التي تسعي إلى تشويه صورة مصر في المجتمع الدولي سعيًا إلى تنفيذ مخطط تقسيم الشرق الأوسط. هجمة إعلامية غربية على النظام انتقد الإعلام الغربي النظام المصري بعد مقتل "ريجيني"، حيث أكدت صحيفة "واشنطن بوست" أن حالات الاختفاء القسري والتعذيب والقتل العمد خارج القانون أصبحت شائعة في ظل حكم نظام الرئيس "السيسي". كما أفردت صحيفة "انترناسيونالي" الإيطالية صفحتها الأولى لصورة "السيسي" وهو "منبطح”، معلقة "مصر الديكتاتورية المتوحشة لقائد محدود الموهبة". وبدوره، أكد حسن أبوهنية، المحلل السياسي، أن ما يحدث مناوشات كلامية، مشيرًا إلى أن الحفاظ على المصالح في مصر، لن يجعل هذه الدول تقوم بأخذ أي خطوات جادة ضد ما يحدث وأن هذه التصريحات لحفظ ماء الوجه فقط. فيما قال الكاتب محمد عصمت إن الحرب الإعلامية الشرسة على النظام المصري لها أكثر من سبب يوفرها النظام بنفسه، بالتعامل الإعلامي لأجهزة الأمن الذي ينقصه الذكاء لتسويق رواياته حول هذا الحادث الهمجي.