"أم أحمد" سيدة في العقد الثالث من العمر، توجهت إلى منفذ الشركة المصرية لتجارة الأدوية بشبرا الخيمة لصرف ألبان أطفال مدعمة، ففوجئت بطابور طويل أمام المنفذ، حتى وصلت للصيدلي بالداخل، وبعد إطلاعه على شهادة ميلاد الطفل، أخبرها بأنها ستحصل على عبوتين فقط بدلاً من 3 نظرًا لقلة المخزون. حديث الصيدلي ل "أم أحمد"، كان طرف الخيط الذي التقطته "المصريون" لمعرفة أسباب نقص الألبان، خاصة بعد أن طرحت وزارة الصحة مناقصة استيراد الألبان الأسبوع قبل الماضي وفازت بها الشركة المصرية لتجارة الأدوية. واستطلع "المصريون" آراء مصادر أجمعوا على حدوث أزمة في ألبان الأطفال، خلال الشهر المقبل، بسبب السحب من المخزون الاستراتيجي للألبان والتأخر في استيراد شحنات جديدة. وقالت علي عبدالله، مدير المركز المصري للدراسات الدوائية والإحصاء ومكافحة الإدمان، إن "أزمة نقص ألبان الأطفال ترجع لعدم قدرة الدولة على زيادة الدعم المخصص له، فالدولة تستورد 18 مليون علبة لبن أطفال ب645 مليون جنيه، منذ أن كان عدد السكان 60 مليون نسمة، وحتى الآن لم تتم زيادة المبلغ المخصص". وأشار إلى أن "الدولة تستورد الألبان من أوروبا، وهناك شائعات بأن بعض الصيدليات تبيع الألبان المدعمة لمحال تصنيع الحلوى، وهناك توزيع غير عادل على بعضها، مما دفع وزير الصحة الدكتور أحمد عماد إلى تأجيل طرح مناقصة لاستيراد الألبان، لأكثر من 6 أشهر". ولفت عبدالله إلى أن تأجيل وزير الصحة للمناقصة تسبب في أزمة كبرى وهى السحب من المخزون الاستراتيجي للألبان خلال هذه الفترة، حتى تمت إعادة طرح المناقصة الأسبوع قبل الماضي. وكانت الشركة المصرية لتجارة الأدوية هي المنوطة بتوزيع الألبان في مصر منذ عشرات السنين، إلا أن الوزير قام بتعديل بعض البنود الخاصة بالمناقصة من أجل إسناد 20 في المائة من توزيع الألبان للقطاع الخاص. وهذا ما جعل الشركة المصرية تتقدم بأسعار أقل من الشركات الخاصة حتى تفوز بالمناقصة، حيث تقدمت بسعر 29.5 جنيه للعبوة بدلًا من 31 جنيهًا، التي تقدمت بها شركة خاصة، ما تسبب في خسارتها ما يقرب من 45مليون جنيه، كان أولى بها القطاع العام، رغم فوز الشركة بالمناقصة. وأضاف عبدالله، أن هذه الإجراءات تأخذ من شهر إلى شهرين، بالإضافة إلى ضرورة توفير كميات بديلة للاحتياطي الاستراتيجي بدلاً من التي تم سحبها، وهذا ما سيحدث الأزمة. فيما توقع محمود فؤاد مدير مركز "الحق في الدواء"، أن تستمر الأزمة لمدة شهر، حتى الانتهاء من إجراءات الشحن. وأضاف: "الدولة حاليًا تسحب من الاحتياطى الاستراتيجي، وهناك أوامر من الشركة القابضة للأدوية بصرف عبوة لبن واحدة شهريا للأسرة"، مشيرًا إلى أن الأزمة في الأساس نتيجة لسوء التوزيع وفساده، ولأن صفقة الألبان تقل سنويًا، رغم زيادة عدد المواليد". من جانبه، أوضح الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، في بيان له، أن المخزون الاستراتيجي للألبان يكفى من 3 إلى 5 أشهر، نافيًا الأزمة، ومستبعدًا حدوثها في المستقبل القريب. وأوضح مجاهد، أن "وزير الصحة عرض تقريرًا على رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، بشأن مناقصة ألبان الأطفال، وقال: "المناقصة ضمت، لأول مرة، 5 شركات عالمية لألبان الأطفال من سن شهر وحتى 6 أشهر، و3 شركات عالمية لألبان الأطفال من سن 6 أشهر وحتى عامين".