تتجه الأزمة التي تسود العلاقات المصرية الإيطالية نحو التصعيد يومًا بعد آخر، لاسيما بعد أعلنت إيطاليا، اليوم، أنها ستتخذ إجراءات "فورية وملائمة" ضد مصر إذا لم تتعاون الحكومة المصرية بشكل كامل في الكشف عن الحقيقة وراء مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني. ريجيني (28 عامًا) طالب دكتوراه في جامعة كامبريدج البريطانية ويتواجد في مصر لكتابة أطروحة حول الحركات العمالية عندما اختفى في وسط القاهرة في 25يناير ليعثر على جثته بعد 9أيام وعليها آثار تعذيب. ورأى الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، أن "النظام المصري في قضية "ريجيني" يتبع نفس سلوك الطالب الفاشل، عند اقتراب الامتحان، حين يلجأ إلى التبرير والمطالبة بتأجيل الاختبار حتى لا يظهر فشله أمام الجميع". وأضاف: "مصر تمارس سياسة إخفاء الرؤوس في الرمال لإخفاء الحقيقة التي ستظهر شاء مَن شاء وأبى مَن أبى"، واصفًا السياسة التي يتبعها النظام المصري مع إيطاليا بأنها "مماطلة وشيء مخزٍ". وتوقع دراج أن تكون هناك إجراءات صعبة وأن يكون لها تأثيرات سلبية خلال الفترة المقبلة، وذلك لأن القائمين على شأن مصر "دماغهم ناشفة"، على حد وصفه. وتابع: "المسئولون في إيطاليا مدركون جيدًا للوضع الاقتصادي المتردي الذي تشهده مصر"، لافتًا إلى أنهم سيعلمون على ذلك إلى جانب الملف السياسي والدبلوماسي، متوقعًا أن تسحب إيطاليا سفيرها إضافة إلى عدد من دول أوروبا. وأوضح الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية والسياسية، أن العقوبات المحتملة ستكون لها تأثير على العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. وتابع مهران: "من المتوقع أن يصل الأمر إلى الجنائية الدولية والتي ستفرض من جانبها عقوبة على مصر، مما سيفرض على مجلس الأمن مطالبة مصر بتسليم المتورطين، وهو ما يعد إهانة للسيادة المصرية لعدم وجود اتفاقية بين الدولتين تبيح تبادل المتهمين". تتسم العلاقات المصرية الإيطالية على الجانب الاقتصادي بأهمية خاصة، فبحسب الهيئة العامة للاستعلامات، فإن إيطاليا هي الشريك التجاري الأوروبي الأول لمصر والثاني على مستوى العالم، وخامس دولة في مجال الاستثمار. فمع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي، مقاليد الحكم في 2014، كانت إيطاليا أولى الدول التي صوّب إليه وجهته لإبرام الاتفاقيات، وتحديدًا في 25 نوفمبر 2014، حيث وقع السيسي على عدة مذكرات تفاهم بين مصر وإيطاليا خلال زيارته لروما، كان منها: مُذكرة تفاهم بين وزارة الاستثمار وهيئة دعم ائتمان الصادرات الإيطالية SACI، مُذكرة التفاهم بين مركز تحديث الصناعة والوكالة الإيطالية للاستثمار SIMEST والتي تهدف إلى زيادة الاستثمارات الصناعية ونقل التكنولوجيا وتنمية الموارد البشرية، مُذكرة تفاهم بين وزارة الصناعة والتجارة وبنك الإسكندرية وجامعة Naples Federico II في مجال التعاون الصناعي ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مُذكرة تفاهم بين جهاز التمثيل التجاري المصري ووكالة التجارة الإيطالية ICE بشأن تدريب كوادر التمثيل التجاري وتعزيز بناء القدرات، مُذكرة تفاهم بين شركة MENARAIL وشركة ITALFERR في مجال السكك الحديدية. اتخذت العلاقات السياسية بين مصر إيطاليا بعد تولي السيسي، طابعًا خاصًا ومميزًا؛ حيث وصل تبادل الزيارات على المستوى الرسمي من رؤساء ودبلوماسيين وبرلمانيين بين البلدين، منذ 2014 أكثر من 25 زيارة، كان آخرها الزيارة التي قام بها جوزيني بيناتوني، نائب عام روما لمصر في 14 مارس 2016، استقبله المستشار نبيل أحمد صادق النائب العام. ناقش الجانبان خلالها قضية مقتل المواطن الإيطالي جوليو ريجيني والوقوف على آخر ما توصلت إليه التحقيقات حتى الآن. ويرى سياسيون أن العلاقات السياسية بين البلدين، مهددة بشكل بالغ إثر مقتل "ريجيني" في مصر، والتصريحات الهجومية على النظام المصري، لاسيما بعد مطالبة رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الإيطالي لويجي مانكوني، حكومته باستدعاء السفير الإيطالي من القاهرة وأن تعلن مصر بلدًا غير آمن للزائرين إذا لم يفض التحقيق إلى شيء. وقال مانكوني وهو عضو في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ماتيو رينتسي: "إذا لم يقدم وفد المحققين المصريين الذي سيصل إلى روما للقاء المسئولين الأمنيين الإيطاليين أي جديد، فينبغي على وزارة الخارجية الإيطالية اعتبار مصر بلدًا غير آمن"، مضيفًا: "لا يتوجب قطع العلاقات.. لكن يجب أن تخضع لمراجعة كبيرة جدا". كما هددت السلطات الإيطالية، اليوم، مصر من أنها ستتخذ إجراءات "فورية وملائمة" ضدها إذا لم تتعاون بشكل كامل في الكشف عن الحقيقة وراء مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني. وقال وزير الخارجية الإيطالي، باولو جنتيلوني، أمام البرلمان: "إذا لم يطرأ تغير في المسار - الذي تتخذه السلطات المصرية - فإن الحكومة مستعدة للتصرف واتخاذ إجراءات ستكون فورية وملائمة".