أثار رفض مجلس النواب لتوصية مجلس الدولة الخاص بالمادة رقم 404 من اللائحة الداخلية، التي تنص على إدراج ميزانيته برقم واحد في موازنة الدولة، حالة من الجدل القانوني حول عدم دستورية هذا الاعتراض. ورأى قانونيون أن هذا الأمر غير دستورى ويعرض اللائحة البرلمان لعدم الدستورية حال الطعن عليها، وأنه كان يجب على البرلمان أن يأخذ بتوصيات مجلس الدولة في هذا الشأن قبل العرض على رئيس الجمهورية. من جهته قال عمرو عبد السلام الفقيه الدستوري، إن "المشرع الدستوري حدد بشكل قاطع علي سبيل الحصر الجهات التي يتم إدراج الموازنات الخاصة بها برقم واحد في الموازنة العامة للدولة ونص صراحة علي تلك الجهات في المواد 185 و191 و203 من الدستور المصري الصادر عام 2014 ووردت تلك الجهات في الهيئات القضائية والقوات المسلحة والشرطة". وتابع عبد السلام ، أن "ما قام به مجلس النواب باستحداث المادة 404 من اللائحة الداخلية له و منح لنفسه فيها حق إدراج الموازنة الخاصة به برقم واحد في الموازنة العامة للدولة يعد مخالفة دستورية ، لن من السلطة المنوط بها سن التشريعات، وبالتالي ما فعلوه النواب هو تجاوز لما قصده المشرع الدستوري من حصر الجهات والهيئات التي منحها ذلك الحق، ومن ثم فإن مجلس النواب يكون قد تعدي علي مبدأ سيادة القانون الذي يعتبر أساس الحكم في الدولة وخالف المبادئ الدستورية لتحقيق منفعة شخصية له". وأضاف عبد السلام في تصريح خاص ل " المصريون "، أنه بعد موافقة البرلمان على هذه المادة سيكون بمقدور أي شخص ذو صفة أن يتقدم بدعوى بعدم دستورية اللائحة الداخلية إلى المحكمة الدستورية العليا، التي ستفصل في هذا الأمر، موضحًا أن ملاحظات مجلس الدولة كان الهدف منها وقاية اللائحة الداخلية من "عدم الدستورية". وأشار الفقيه الدستوري، كان يجب على النواب احترامًا لمبدأ سيادة القانون واحتراما للدستور الذي اقسم نوابه علي احترامه آن يعود لسيرته الأولي وان يعدل المادة 404 من اللائحة الداخلية، موضحًا بأن تمسك المجلس بمادته المخالفة للدستور يحق لكل ذي شان أن يتوجه شطر المحكمة الدستورية العليا بدعوي عدم دستورية تلك المادة 404 لتدخل المحكمة بولايتها لتفرض رقابتها الدستورية وتقضي بعدم دستوريتها لتلك المادة . كما علق الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، والخبير القانوني، علي رفض مجلس النواب لتوصية مجلس الدولة على المادة 404 من اللائحة الداخلية، بقوله إن "توصيات مجلس الدولة جاءت صحيحة وفقا للدستور والقانون". وأشار مهران، إلي أن مجلس النواب يخالف الدستور الذي أقسم عليه، فيما يقوم به من رفض توصيات مجلس الدولة، حيث من الضروري أن يحمي الدستور ولا يخالفه، بسبب مستحقات النواب المالية. واعتبر مهران، أن هذه التعديلات في اللائحة الداخلية، بهدف تحقيق مصالح شخصية لنواب البرلمان، لافتًا إلي أنه عند رفع دعوى بعدم دستورية هذه اللائحة، سيترتب عليها وقف صرف مستحقاتهم، لحين الفصل في الدعوى، والأمر الذي قد يطول ويصل إلي عام أو اثنين في المحكمة الدستورية العليا، مما يؤدي إلي إضعاف قيمة مجلس النواب، ويهدر دوره المجتمعي المنتظر منه، لتحقيق طموحات وآمال الشعب المصري. وفي السياق ذاته، رأى محمد عطا لله، الخبير الدستوري والقانوني، أن إصرار البرلمان على تمرير المادة 404 من اللائحة الداخلية سيعرضه للمساءلة من قبل الشعب المصري، مفيدًا أن البرلمان يمارس الدور الرقابي والتشريعي على أجهزة الدولة والحكومة، لافتًا إلي أنه كان يجب أن يترك الأمر مفتوحاً للمراقبة المالية عليه. ولفت «عطا لله»، إلي أن اللائحة بهذا الشكل مخالفة لما نص عليه الدستور المصري وإذا لم يتم تعديلها فسيحكم عليها بعدم دستوريتها وإعادتها للبرلمان مرة أخرى، مشيرًا إلى أنه كان ينبغي علي المجلس أن يأخذ بتوصيات مجلس الدولة.