ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن المناضل مجدي أحمد حسين وربما لن تكون الأخيرة ما قدر لي وله البقاء على قيد هذه الحياة فالرجل وكما يعرفه الجميع يستحق أن يكتب عنه الكثير والكثير فهو ظاهرة سياسية وفكرية جديرة بالنظر والبحث والتأمل بل يمكنني وبكل أريحية أن أؤكد أنه ليس لباحث في تاريخ الحركة الوطنية المصرية الحديثة أن يتجاهل الدور السياسي الذي لعبه مجدي حسين لأكثر من ثلاثين عاما متواصلة ومنذ أن كان عضوا بالبرلمان المصري خلال التحالف بين حزب العمل بقيادة الراحل إبراهيم شكري وجماعة الإخوان المسلمين في الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي ومرورا بالحملات الصحفية ضد رموز الحزب الوطني الحاكم زمن مبارك ومشاركاته الفاعلة بل ومبادرته كأول قيادي يقول بصوت عالي "لا لمبارك" حتى قبل تأسيس حركة "كفاية" وهو ما تشهد به مظاهرة حزب العمل أمام مجلس الشعب في الأيام الأولي من شهر ديسمبر من عام 2004 وقبل أول تظاهرة ل"كفاية" بنحو أسبوع كامل فضلا عن مواقفه المشرفة في التعاطي مع الكثير من القضايا الداخلية والخارجية. والحقيقة أن ما يدفعني إلى تكرار الكتابة عن مجدي حسين "أبو أحمد" والتضامن معه ليس فقط البعد السياسي فذلك ربما يشاركني فيه الكثيرون لكن ثمة واجب إنساني آخر يفرض علي ذلك فقد قدر لي أن أقترب من الرجل لسنوات طويلة كنت وبشكل شبه يومي في منزله حيث تمتد لقاءاتنا لساعات نتباحث خلالها في أمور تنظيمية وفكرية وسياسية وأيضا أسرية كما لم يكن يبخل علي بزيارتي وقتما تيسر له ذلك في محل سكني خلال إقامتي بحلوان ومن ثم فإني أزعم أن ما بيني وبين مجدي حسين ليست علاقة بين أستاذ وتلميذ أو بين قائد ومقود ولكنها علاقة أكبر من ذلك ربما وكما كان يؤكد لي باستمرار "إني أتخذك صديقا يا أسامة رغم فارق السن بيني وبينك" وهو ما كنت أعتز به أيما اعتزاز فتلك الكلمات كانت كفيلة بأن ترفع من معنوياتي في ظرف سياسي واجتماعي يصيب أشد المؤمنين بالإحباط. مثلي مثل غيري اختلفت ولا زلت مع مجدي حسين في بعض المواقف السياسية والتنظيمية والفكرية ما كان سببا للافتراق لكن ومع ذلك لم استشعر يوما حالة نكران لدور الرجل ووطنيته وإخلاصه اللامحدود لدينه وأمته – وفق اجتهاده - بل كنت ولا زلت أراهن على أن الرجل يمتلك القدرة والشجاعة على مراجعة ذاته وأنه يوما سينتبه لما اعتقدنا أنه الأصوب وفق اجتهاداتنا نحن أيضا والتي تصدقها أحداث الواقع حتى الآن لذا فلم يكن هذا الخلاف أو الاختلاف أبدا مبررا لأن نغمط حق الرجل أو نقلل من شأنه كما لا يدفعنا إلى التخلي عن دورنا المبدئي لمواجهة أية مظالم يمكن أن ترتكب بحقه فالمبادئ لا تتجزأ. إن قناعتي الكاملة أنه لا خير فينا إن لم نقف مع مجدي حسين ندعمه ونؤازره وننقل صوته المكبوت خلف القضبان ولا خير فينا إن لم نطالب بالإسراع في إطلاق سراحه وإعادته سالما آمنا إلى بيته وأسرته ولا خير فينا إن لم نحذر من بقاء ظلمه فتلك جريمة في حق مصر والمصريين خاصة وأن هذا الظلم بحق رجل أخلص نفسه لهذا الوطن ولم يتوان لحظة للدفاع عنه حتى وصفه البعض بالجنون. كتبت في مقال سابق يوم غيب نظام مبارك مجدي حسين في السجن أنه سيأتي اليوم الذي يخرج فيه مجدي حسين رافع الرأس منتصرا فيما سيبقى أزلام النظام ومناصروه ناكسوا الرؤس مهزومين ولم تكد تمر شهور قلائل على ذلك المقال حتى اندلعت ثورة يناير لأفاجئ بمجدي حسين فوق منصة التحرير بين الثوار يخطب فيهم بكلماته الحماسية بل ويخاطبني وبشكل شخصي بعدما لمحني بين المحتشدين "عملتوها يا أسامة – يقصد الثورة – وأنا في السجن " ففرحت بكلماته ورددت عليه بأنه كان أول من مهد لهذه الثورة وأننا جميعا نفخر به وقد سارعت لألتقط معه صورة وأنا بين المحتشدين فيما هو فوق المنصة. واليوم أقولها من جديد " ستخرج أيها المناضل الشريف وستنسى كل ما عانيته في غيابات السجن فيما سيظل يذكر لك الجميع كما سيذكر لك التاريخ أنك كنت ضمير هذا الوطن لا تتردد لحظة واحدة في أن تبشر بالخير وتحذر من الكوارث وتكشف الفاسدين وتواجه الاستبداد بلا شفقة على نفسك أو ضعف أو تخاذل رغم جسدك الضعيف وقلة مناصريك.