مبارك.. الإخوان.. مرسى.. البرادعي.. سياسيون وعلماء اختفوا من المناهج الدراسية.. وخبراء: السياسة لا تستطيع تزييف التاريخ لم يكن يدرى الكثير من الشخصيات العلمية والسياسية، والتي يتم تدريسها في المناهج الدراسية، تكريمًا لها على ما قامت به من إنجازات، أنه سيأتي اليوم الذي يصبح فيه هذا التكريم وسيلة ضغط عليهم وتنكيل بهم عقابًا لهم على موقف سياسي اتخذوه أو رأي أباحوا به. بين ليلة وضحاها، يعيش هؤلاء الشخصيات ضجة؛ بسبب حذف اسمهم من المناهج الدراسية لأسباب يقال عنها إنها سياسية من قِبل المحللين، وأسباب غير واضحة من قبل المسئولين وخاصة في وزارة التربية والتعليم والتي تتتبع أسلوب نفي تلك الوقائع أو بالأحرى اتهام بعضهم البعض. ورغم انتشار هذا الأسلوب في العقاب بعد ثورة 25 يناير إلا أنه استخدم أيضًا على مدار التاريخ؛ حيث يتعمد كل نظام إخفاء إنجازات النظام الذي يسبقه أو تجاهل نجاحات الشخصيات المعارضة له أو التي لا تتفق معه سياسيًا. بالرجوع إلى ذاكرة التاريخ، نجد أن المناهج الدراسية كانت تمجد أعضاء أسرة محمد علي حتى قيام ثورة يوليو ومن بعدها اتهمت المناهج الدراسية الملك فاروق وأسرته بالفساد، وفضائح ونزوات، إلى أن تم حذف ذلك من كتاب التاريخ، بناءً على تعليمات وزير التعليم السابق محب الرافعي. كما أن الرئيس الأسبق محمد نجيب تم حذفه عقب إقالته من منصبه كرئيس للجمهورية، وفقًا لكتاب "شاهد على عصر الرئيس محمد نجيب"، والذي جاء فيه أن نجيب "قد ظلمه التاريخ عندما حذف اسمه من كتب المدارس وحاول البعض إلغاء تاريخه الوطني"، مشيرا إلى أن الكتب الدراسية، أكدت أن جمال عبدالناصر هو أول رئيس لمصر بعد الثورة، وهو ما يخالف الواقع، إلا أن نجيب عاد إلى الكتب الدراسية في عهد مبارك. وتحدثت المناهج الدراسية عن مشروعية الثورة، في عهد "عبدالناصر" إلا أنها تغيرت إلى نصر أكتوبر، في عهد أنور السادات، قبل أن تختصر المناهج نصر أكتوبر في الضربة الجوية فقط في عهد "مبارك"، متجاهلة شخصيات من أبطال أكتوبر كسعد الدين الشاذلي. وظل الوضع هكذا طوال عصر مبارك، إلى أن تم تنحيه من منصبه، تنفيذًا لمطالب الثوار أثناء ثورة يناير، ليعود الحذف من المناهج، بقوة وسيلة لعقاب الأنظمة لبعضها البعض. حذف البرادعي من كتاب اللغة العربية آخر الوقائع التي نتحدث عنها، حذف اسم وصورة الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق، من كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي، باعتباره أحد الحاصلين على جائزة نوبل. ومن المعروف أن البرادعي من منتقدي النظام الحالي والمهاجمين له، وهو ما عده البعض السبب الحقيقي لحذف اسمه. حذف البرادعي تسبب في تبادل الاتهامات بين وزارة التربية والتعليم، برئاسة وزير التربية والتعليم الحالي، الدكتور الهلالي الشربيني، ووزير التربية والتعليم السابق الدكتور محب الرافعي. في الوقت الذي أكد فيه المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، بشير حسن، أن الدكتور محب الرافعي هو مَن قام بحذف اسم وصورة البرادعي، مؤكدًا أن جميع المناهج التي تدرس في العام الحالي تمت مراجعتها وطباعتها من خلال لجان تم تشكيلها بموافقة الوزير السابق، وأعرب "الرافعي" عن تعجبه من الزج باسمه في الواقعة، موضحًا أن الحذف تم بعد رحيله من الوزارة. وأضاف "بشير" في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن الصورة كانت في درس بخصوص نجيب محفوظ وصورة البرادعي كانت ضمن تدريب ليس أكثر، مؤكدًا أن الوزير الحالي أمر بتشكيل لجنة للتحقيق مع الوزير السابق للتحقيق لتحديد الأسباب والمسؤولية. وأوضح أن الوزير الحالي لم يعط تعليمات بحذف أو إضافة أي معلومات للمناهج بعد توليه الوزارة، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع أحد تزييف التاريخ الخاص بالبرادعي، قائلاً: "إننا من الناحية السياسية نستطيع انتقاد البرادعي والهجوم عليه ولكن لا نستطيع محو تاريخه". ورد "الرافعي"، أن اللجان التي تم تشكيلها كانت مؤقتة، مشيرًا إلى أنه كان يجب على الوزارة تشكيل لجان لمراجعة كتب الفصل الدراسي الثانى ومعرفة ما تم حذفه من عدمه إلى أنه شكل لجانًا خلال توليه حقيبة التعليم لمراجعة المناهج الدراسية والحذف كان في مقررات الفصل الثاني، مؤكدًا أن اللجان انتهت من عملها أواخر يوليو 2015. كما قال أيمن البيلي الخبير التعليمي، إن حذف "البرادعي" من المناهج لموقف سياسي خطأ علمي، موضحًا أن تدخل السياسة في وضع المناهج يؤدي إلى ضعف المصداقية، مشددًا على أن حذف الحقائق جريمة. واستنكر البيلي وصف البرادعي بالخائن لاختلافه مع النظام قائلًا: "إذا كان اختلافنا مع شخص يؤدي إلى تغييبنا للحقائق، فهناك مَن يختلف مع الدكتور أحمد زويل كونه يعمل مستشارًا للرئيس الأمريكي ويحمل الجنسية الأمريكية، ومن يختلف مع السادات لتوقيعه على اتفاقية "كامب ديفيد"، متسائًلا: لماذا لم نحذف هذين من قائمة الحاصلين على نوبل؟!. وفي السياق ذاته، استنكر الكاتب خالد صلاح، الواقعة، قائلا: "تزييف للتاريخ وتدنٍ في السلوك ونفاق مبالغ فيه"، متسائلاً: "كيف حدث هذا التواطؤ المخِل المخيف؟"، مشيرًا إلى أنه إذا استمر الخلاف السياسي، يؤدى إلى إقصاء جذري، فلن يعيش أحد داخل الدولة، مطالبًا بإخضاع الواقعة للتحقيق". كما قال الحقوقي جمال عيد: "هعلم بنتي أن مواطن اسمه البرادعي حصل على نوبل، لكن ناس جهلة هللوا لكذبة علاج الإيدز بالكفتة شالوا اسمه، علموا أولادكم الحقيقة مش التزوير". وفي سياق مختلف، أشاد يحيى قدري، النائب السابق لرئيس حزب الحركة الوطنية، بدور الحكومة في حذف البرادعي من المناهج، لافتًا إلى أن البرادعي لم يحقق أي إنجازات لصالح البلاد، واصفًا إياه بالخائن، ويسعى لتدمير الدولة، قائلاً: "يجب نزع أسماء الخونة من المناهج حتى لا تتذكرهم الأجيال القادمة". وبدوره، وصف النائب هيثم الحريري، الواقعة ب"التزوير الفج" للتاريخ، مطالبًا بضرورة إبعاد الأهواء، قائلاً: "لو كل منتصر كتب التاريخ، فلن يبقى لدينا شيء". وأضاف "الحريري" أنه لا يجوز أن يتم تدريس المناهج وفقًا لمعتقدات الأشخاص، فأنا أرى أن السادات وقع على "اتفاقية للعار" فهل أحذفه من قائمة نوبل، ومبارك سرق ونهب هل أنكر دوره في حرب أكتوبر، وأعتبر مرسي "خائنًا" هل أنفي عنه رئاسة مصر". ثورة يناير تتسبب في حذف "مبارك" تسببت ثورة يناير في حذف اسم "مبارك" من المناهج الدراسية، ففي مارس 2011، قامت وزارة التعليم بحذف فصل من كتاب التربية الوطنية لطلاب الثانوية العامة، لأنه يعرض عهد مبارك بشكل دعائي وليس علميًا، حسب وصفهم، فضلاً عن إلغاء نصوص تناولت إنجازات زوجته سوزان مبارك. كما قرر الدكتور جمال العربي، وزير التربية والتعليم الأسبق، في مارس 2013، حذف وحدتين من كتاب الدراسات الاجتماعية للصف السادس الابتدائي، تتحدثان عن إنجازات مبارك، واستبدال الوحدتين بوحدة جديدة تتناول ثورة 25 يناير «الحرية والكرامة» 2011. واقتصر اسم مبارك في كتاب التاريخ على توليه الرئاسة بعد مقتل السادات وإنشاء مترو الأنفاق ومشروعات البنية التحتية والتوسع في إنشاء المدارس، ثم إبراز المخالفات والفساد الإداري وتزوير انتخابات مجلس الشعب ما أدى إلى اندلاع الثورة. وبدورها، قالت الدكتورة نادية جمال، مدير مركز البحوث التربوية، إن حذف اسم مبارك من المناهج الدراسية تزييف للتاريخ، وهو من شأنه أن يضع الطالب أمام تساؤلات تطرح على ذهنه وتجعله أسيرًا لحالة من الشك نظرا للتغييرات التي يراها، وأنه ربما ينظر إلى معلمه على أنه "منافق" تحول ضد من كان معهم. واعتبرت "نادية" أن الحذف محو للتاريخ وحرمان الطالب من التعرف على تاريخ بلاده بكل ما فيه، سواء إيجابيًا أو سلبيًا. الإخوان في المناهج أثناء حكمهم وبعده مع قدوم الإخوان وتقلد الرئيس المعزول محمد مرسي الرئاسة تغيرت المناهج، وأضيفت عبارة «الإخوان بناة الإنسانية.. الإخوان السبيل للتقدم» على كتاب اللغة العربية، كما حُذف فصل دراسي، في مايو 2013، من كتاب «الإرهاب المعاصر»، الذي يتم تدريسه لطلاب الفرقة الثانية بأكاديمية الشرطة يصف الإخوان بالتنظيم الإرهابي، كما يتحدث عن أن الجماعة تتلقى تمويلًا من التنظيم الدولي لها بالخارج، فضلًا عن جمع تبرعات من المساجد. وبعد الإطاحة بمرسي، تم تعديل كتاب التاريخ للصف الثالث الثانوي ليذكر فترة حكم الإخوان قائلًا: «الجمهورية الجديدة، التي وقعت في يد الإخوان بدأت تمارس السلطة بنفس الأسلوب، الذي كانت تمارس به الحكومات السابقة سلطاتها ألا وهو حماية المصالح وتريد من الجميع الانصياع لها، وبالتالي الذين يعارضون يدخلون في دائرة التمرد ويحق عليهم العقاب». وذكر في فقرة أخرى: «لم يمض وقت على حكم الإخوان حتى أدرك الشعب أنهم لم يقدموا حلولاً للمشكلات، بالإضافة إلى الاستبداد في الحكم، وتجمعت نذر الثورة مرة أخرى ضدهم، مؤكدًا أن حركة تمرد جمعت 22مليون توقيع لسحب الثقة من مرسي الذي رفض إجراء انتخابات رئاسية مبكرة". الإخوان يحذفون "درية شفيق" رفض أكثر من عشرين حزبًا وحركة سياسية حذف درية شفيق، أحد رواد حركة تحرير المرأة من كتاب التربية الوطنية للصفين الثانى والثالث الثانوي، خلال فترة حكم الإخوان، معتبرين أنها محاولة لأخونة التعليم. وبدوره، أشار محمد السروجي، المستشار الإعلامي لوزارة التربية والتعليم، آنذاك، إلى أن الوزارة تنظر للمناهج الدراسية مثل نظرة التأسيسية للدستور، مؤكدًا أن ما يقال في الإعلام عن أخونة التعليم وحذف أجزاء وشخصيات من المناهج لن يحدث.