قرار محكمة جنايات القاهرة، أمس السبت، إخلاء سبيل عدد من القيادات ب"تحالف دعم الشرعية"، على رأسهم: حسام خلف، ومحمد أبوسمرة، ومجدي قرقر، ومجدي حسين، وفوزي السعيد، وعبدالحميد جاد، ونصرعبدالسلام، وحسام عيد، ومحمد الطاهر، أثار حالة من الجدل مما أدى إلى فتح باب التكهنات ووضع السيناريوهات حول أسباب القرار المفاجئ. يرى البعض أن القرار لا يخرج عن كونه قراراً قضائياً لا يمكن تحميله أي بُعد سياسي، خصوصاً أنه ليس نهائياً، فى حين يرى البعض الآخر أن الأمر لا يمكن التفكير به دون الأخذ في الاعتبار البعد السياسي، سواء في إمكانية اعتباره مبادرة حُسن نوايا من الدولة تجاه معارضيها من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، أو أن يكون القرار يأتي كضربة انتقامية من مؤيدي الزند لتوريط النظام في أزمة بعد الإطاحة به من منصبه كوزير للعدل منذ أسبوع تقريباً. من جانبه قال أحمد أبوالعلا ماضي، محامي حسام خلف القيادي بحزب الوسط، إن قرار إخلاء السبيل ليس نهائياً ومن المحتمل أن يكون هناك استئناف من النيابة خلال 24 ساعة من إصدار القرار، لافتاً إلى أنهم لم يطلعوا حتى الآن على أسباب إخلاء السبيل. وأضاف المحامي فى تصريحات صحفية أن الغريب في قرار إخلاء السبيل هو أنه صدر من دائرة من دوائر الإرهاب برئاسة المستشار حسن فريد، وتابع: "لا نعرف ماذا يدور خلف الكواليس"، مشيراً إلى أنه صدر اليوم قرار بإخلاء سبيل عدد من المتهمين في قضية قناة "مكملين" بضمان محل إقامتهم. ورصدت صحيفة هافينتجون بوست الأمريكية 4 سيناريوهات وراء الإفراج عن قادة " دعم الشرعية": 1- لا بوادر للمصالحة من جانبه قال منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية المعروف، إن القرار الصادر اليوم لم يكن الجديد بخصوص المتهمين من قيادات دعم الشرعية في تلك القضية، وصدر منذ 3 أشهر قرار مماثل من نفس الدائرة التي تنظر القضية، ولكن النيابة العامة طعنت على قرار المحكمة بالإفراج عن المتهمين. وأكد الزيات ل"هافينغتون بوست عربي" أن المتابع لمسار القضية يعلم أن قرار المحكمة جاء في إطار قانوني، ومن الممكن أن تطعن النيابة عليه مرة أخرى، ولا يتم الإفراج عنهم، مشيراً إلى أنه سابق للأوان إصدار تحليلات وتفسيرات سياسية ليس لها ملامح على أرض الواقع. وعن وجود معلومات عن احتمال عقد صفقات سياسية مع قيادات التيار الإسلامي بمصر، أكد الزيات أن الواقع على الأرض ومن يتابعه بشكل جيد يعلم أنه لا يوجد أي ملامح تغيير تحدث تعطي مؤشراً على ذلك، سواء بالأوضاع الإنسانية داخل السجون، والكثير من الانتهاكات التي تحدث بحق مَنْ بداخلها، التي لم يُستثن منها أحد سواء من الشباب الصغير أو القيادات. واستبعد محامي الجماعات الإسلامية فكرة قدرة أي قاضٍ على اتخاذ قرارات "انتقامية"، لإبعاد المستشار أحمد الزند عن وزارة العدل، والخلاف الدائر الآن بينه وبين الحكومة، مضيفاً أن الزند لم يكن محبوباً بين القضاة بشكل عام، باستثناء المجموعة المقربة منه التي لا تمثل شيئاً في جسد القضاة، ولا يستطيع قاضٍ أن يُقدم على تلك الخطوة في ظل أن كافة الامتيازات مازالت في يد الدولة وليست في يد الزند كشخص. 2- المصالحة خطر على النظام وفي ذات الاتجاه قال المستشار عصام الإسلامبولي، الفقيه الدستوري، إن مسألة إخلاء السبيل في تلك القضية لا يمكن أن نضعها في معايير سياسية، خصوصاً أن القرار الصادر اليوم ليس قراراً نهائياً، ومازال هناك إمكانية لطعن النيابة كي توقف هذا القرار أمام دائرة أخرى. وأكد الإسلامبولي ل"هافينغتون بوست عربي" أنه لا يمكن تصوّر أن يكون هناك تهور من أي قاضٍ بالإقدام على إدخال موقفه من استبعاد المستشار أحمد الزند من وزارة العدل في الحكم الذي يصدره في أي قضية، وعلى وجه الخصوص قضية بتلك الحساسية. وأشار إلى أن المتابع للحياة السياسية المصرية يدرك يقيناً أن الدولة والنظام الحالي لا يستطيعان أن يقدما على ما يطلق عليه "المصالحة السياسية" مع معارضيه من المحسوبين على الإسلام السياسي، وذلك لما يمثله من خطر كبير عليه، وسوف يواجه بالعديد من الإشكاليات الكبيرة في حال أقدم على ذلك. 3- غير محسوبين على الإخوان في حين قال عمار علي حسن، الباحث والمفكر السياسي في ملف الإسلام السياسي، إن تلك الأسماء التي صدر قرار بإخلاء سبيلهم اليوم جميعهم ليس لهم ارتباط تنظيمي بجماعة الإخوان المسلمين، وتاريخهم شهد العديد من الخلافات بينهم وبين قيادات الجماعة في الأوقات المختلفة، ومنذ التحالف الذي كان يجمع الجماعة بحزب العمل في عهد إبراهيم شكري. وأكد حسن ل"هافينغتون بوست عربي" أن خروج تلك الشخصيات لا يُحدث أي تأثير في ملف المصالحة، ولا يعتد بهم في حال خروجهم كباب لهذا الأمر، ولم يكن في تصور أحد أن يُقبض عليهم، ولكن موقفهم عقب إسقاط مرسي كان السبب في ذلك، وكان كذلك محل اعتراض من الكثيرين من المتابعين لهذا الملف، وكان هناك العديد من المطالبات بالإفراج عنهم لأسباب سياسية وصحية للعديد منهم. 4- سعد الدين إبراهيم: مؤشر لموافقة النظام على المصالحة في المقابل قال الدكتور سعد الدين إبراهيم، الناشط الحقوقي الليبرالي أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية في القاهرة رئيس مركز ابن خلدون الشهير، إن تلك الخطوة مباردة طيبة من الدولة إذا ما اكتملت، وتأتي تمهيداً جيداً للمصالحة، وبالتأكيد سيكون مرحّب بها من جميع الأطراف. وطالب سعد الدين في تصريحات خاصة ل"هافينغتون بوست عربي" جماعة الإخوان المسلمين ضرورة اتخاذ مبادرات تعبر عن استجابتهم لتلك الخطوة، وذلك ليكون الأمر تمهيداً جيداً لحوار بنّاء من أجل إحداث مصالحة حقيقية وواقعية داخل مصر. وعن وجود اتصالات بينه وبين الحكومة قبل قرارات المحكمة اليوم، أكد سعد الدين أنه لم يحدث تواصل مباشر مع الحكومة في هذا الشأن، ولكن حدثت لقاءات مع شخصيات قريبة جداً من النظام، وعندما كان يوجّه لي سؤال في هذا الأمر، كنت أتحدث عن خطوة الإفراج عن عدد من القيادات، خصوصاً من غير المحسوبين بشكل مباشر على الإخوان كنوع من مبادرة حُسن النوايا، وأظن أن الحديث كان يتم الاستماع إليه بشكل جيد من دوائر صنع القرار بمصر. وكذلك قال شوقي رجب، القيادي بحزب الاستقلال، تعليقاً على قرار إخلاء سبيل المتهمين في قضية "التحالف الوطني لدعم الشرعية": "إنهم في انتظار تنفيذ قرار الإخلاء". وأضاف رجب في تصريحات صحفية أنه إذا تم الإفراج عن تلك القيادات فيمكن الحديث عن احتمالية وجود المصالحة بين النظام والإسلاميين، خاصة بعد أن أصبحت معارضة الرئيس السيسي أكبر وأوسع، نافياً في ذات الوقت وجود أي اتصالات بينهم وبين الأجهزة الأمنية أو حتى تلقيهم عروضاً بالمصالحة.