لماذا تدخَّل حزب الحرية والعدالة ومستشارة الرئيس للإفراج الفورى عن منسق «6 أبريل».. وأين دومة وباقى المعتقلين؟ ليس وحده، أحمد ماهر، المنسق العام ومؤسس حركة 6 أبريل، الناشط السياسى الذى يتم الزج باسمه فى قضايا جنائية مؤخرا، وسبقه إلى السجن الاحتياطى عديد من النشطاء الذين كانوا فى الصفوف الأولى للثورة، ورغم ذلك نال خبر القبض على ماهر من مطار القاهرة مساحة كبيرة من اعتراضات حزب الحرية العدالة وشخصيات قريبة من الرئاسة، واستقبلت تلك الجهات خبر إخلاء سبيله بنفس الدرجة من الاهتمام والترحيب.
كأن هؤلاء لا يعرفون أن هناك فى السجن الاحتياطى الآن نشطاء وجهت إليهم النيابة العامة تهما عدة، من بينهم الناشط أحمد دومة، المحبوس بسجن دمنهور العمومى، على ذمة قضية اتهامه بإهانة الرئيس، وحسن مصطفى، الذى أحالته النيابة العامة بالإسكندرية إلى محكمة الجنايات مؤخرا بتهمة الاعتداء على وكيل نيابة المنشية.
طريقة القبض على ماهر وإخلاء سبيله طرحت عديدا من الأسئلة، التى من بينها هل القبض على ماهر من المطار رسالة إلى باقى النشطاء السياسيين بأن سيف الضبط والإحضار مسلط على الجميع، خصوصا أن من بينهم من هو مطلوب فى قضايا أخرى؟ جمال عيد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، يرى أن تلك القضايا يستخدم فيها القانون للتنكيل بالنشطاء «خصوصا أن النيابة جهة غير محايدة»، ويريد النظام، «المصاب بنفس هستيريا القمع التى أصابت نظام مبارك فى 2010 فى التعامل الأمنى مع النشطاء» حسب عيد، أن يرسل رسالة إلى النشطاء مفادها بأن حرية الرأى والتعبير غير مرغوب فيها ومحاولة للتخويف، «وأعتقد أن الرسالة وصلت إلى الجميع لكنهم يرفضونها» وفقا لعيد. من بين الأسئلة التى طرحتها قضية القبض على ماهر وإخلاء سبيله بعد ساعات من قرار النيابة بحبسه 4 أيام على ذمة قضية التحريض على التظاهر أمام منزل وزير الداخلية بالملابس الداخلية فى مارس الماضى، تساؤل آخر عن مدى قانونية ذلك؟ المحامى عصام الإسلامبولى يرى أن من حق النيابة العامة الرجوع عن قرار حبس المتهم وتغيير القرار وإخلاء سبيله، ويضيف بأنه «ربما يأتى القرار بعد تدخل سياسى ما، أو اتصال جرى بين مؤسسة الرئاسة ومكتب النائب العام والداخلية صاحبة البلاغ». ما توقعه الإسلامبولى له وجاهته خصوصا أن سرعة إخلاء سبيل ماهر جاءت بعد بيان «الحرية والعدالة» الذى جاء فيه «نتمنى أن يتم الإفراج عن أحمد ماهر فورا، وأن تتم مراعاة أن الرجل كانت له مواقف جيدة كثيرة»، وكذلك ما جاء فى تغريدة باكينام الشرقاوى، مستشارة رئيس الجمهورية للشؤون السياسية، على «تويتر» التى قالت فيها «لا يمكن نسيان الدور الوطنى لأحمد ماهر ولا الإسهام الثورى ل6 أبريل، آمل أن ينتهى هذا الموقف سريعا..»،
وما قاله عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط عن القبض على ماهر إن «الموضوع غير مريح، والنائب العام يستطيع تصحيحه وإخلاء سبيل أحمد ماهر فورا»، وهو ما دفع البعض إلى القول إن عملية القبض على ماهر وإخلاء سبيله ما هى إلا «تمثيلية» تهدف إلى إعادة الجبهة التى يتزعمها ماهر فى حركة 6 أبريل إلى صدارة المشهد السياسى من جديد، خصوصا بعد مواقف جبهة ماهر التى اعتبرها البعض «مسكا للعصى من المنتصف»، ومشاركة الجبهة الجمعية التأسيسية للدستور، وكان ماهر نفسه ممثل الحركة فى الجمعية، لكن يبقى أن ماهر واحد من النشطاء الذين كانوا فى الصفوف الأولى للثورة وأحد الداعين إليها وتم اعتقاله فى عهد النظام السابق.
لكن لماذا تم التعامل مع قضية ماهر بهذه الدرجة من الاهتمام بينما هناك نشطاء مثل حمادة المصرى، وعبد الرحمن محسن الشهير ب«مانو»، وغيرهما من النشطاء المحبوسين فى سجون النظام، خصوصا أنه ترددت أنباء أمس مفادها أن مؤسسة الرئاسة تدخلت فى أزمة القبض على أحمد ماهر وطلبت من وزير الداخلية التنازل عن بلاغه ضد ماهر، إلا أن المستشار محمد غراب المحامى العام الأول لنيابة استئناف القاهرة، قال فى تصريحات له أمس إن القضية المتهم فيها أحمد ماهر «لا تزال رهن التحقيق وأنه لم يصدر فيها القرار بالتصرف حتى الآن نظرا إلى كون التحقيقات مستمرة..».
فادى وجدى عضو جبهة الدفاع عن متظاهرى مصر، يقول إنهم كانوا يتوقعون إخلاء سبيل باقى النشطاء المقبوض عليهم فى قضايا شبيهة لكنه لم يحدث، مشددا على أن التعامل مع قضية أحمد ماهر «سياسى بالدرجة الأولى»، فإن كان المحرض على الجريمة حصل على إخلاء سبيل فكان من المنطقى أن يحصل باقى المتهمين فى الجريمة على إخلاء سبيل أيضا.
ويبقى أن قضية القبض على أحمد ماهر وإخلاء سبيله تحمل من التناقضات ما يؤكد أن هناك أزمة حقيقية فى تعامل النيابة العامة مع النشطاء، وأنها توظف القانون فى أغراض سياسية.