رفضت وزارة الري المصرية الاعتراف بأن نقص منسوب المياه في النيل يرجع إلى بناء سد النهضة الإثيوبي رغم أن السيسي قد اعترف بذلك في وقت سابق، وأكد خلال افتتاحه لعدد من المشروعات بمدينة 6 أكتوبر أن المصريين عليهم ترشيد المياه بسبب النقص المتوقع في المنسوب نتيجة بناء سد النهضة. ونشرنا في "المصريون" تحقيقا سابقا منذ عام تحت عنوان "لماذا أخفت الحكومة منسوب المياه في نهر النيل؟"، وذكرنا فيه نقص المياه المتوقع خلال السنوات القادمة نتيجة بناء سد النهضة، وأن الحكومة ممثلة في وزارة الموارد المائية والري أخفت المنسوب خوفا من تقليب الرأي العام ضدها.
ورغم أن هذا التحقيق جاء في وقت تكتمت فيه الحكومة على المنسوب إلا أننا استطعنا رصد وجود نقص في منسوب المياه أمام بحيرة السد العالي، وهو ما حدا بوزارة الموارد المائية والري إلى إصدار بيان أكدت فيه إن "الإيراد الواصل للسد من المياه بلغ 673 م.م3، بينما أكدت أن منسوب الماء أمام السد 175,42 متر".
وقبل يوميا لوحظ انخفاض منسوب المياه ببعض الأماكن بشكل ملحوظ حيثُ ظهرت جزر في وسط المجرى النهري إضافة إلى رسو مراكب الصيد على أجزاء صخرية بالنيل، وهو مالا حظه الصيادون بشكل ظاهر أمام العيان، ما يعني أن نقص المياه بدأ فعليا مع إكمال إثيوبيا لمرحلة تخطت النصف من سد النهضة.
سارعت وزارة الموارد المائية والري إلى نفي تلك الأنباء، وأكدت أنها تتحكم بالكامل في منسوب المياه، وأن ارتفاع أو انخفاض المنسوب يكون طبقا للاحتياج "وهي تصريحات في حقيقتها تؤكد أن هناك أزمة بالفعل".
وقال متحدث الإعلامي لوزارة الري الدكتور خالد وصيف ل "المصريون"، إن الحكومة لا تخشى مصارحة الشعب بحقيقة الأمور، وذلك لأن سد النهضة لم يؤثر على منسوب المياه حتى الآن معتبرا أن "الأمور تحت السيطرة".
وأشار المتحدث الإعلامي إلى أن وزارة الري تتلقى بشكل يومي منسوب المياه أمام بحيرة السد العالي، وأن ضخ المياه في المجرى متحكم فيه بشكل كامل، ومنسوب المياه يتغير أسبوعيا حسب الاحتياج، مضيفا: نحن الآن في مرحلة لا تحتاج إلى مياه للزراعة بشكل كبير.
تلك التصريحات انتزعت من مسئول بالحكومة، ما يعني أن الرئيس السيسي حينما أشار إلى نقص المياه المتوقع لم يكن يقصد الفترة الحالية وإنما يقصد مستقبلا.. فماذا بعد أن ظهرت الجزر بالنهر وعدم قدرة الصيادين على القيام بأعمالهم لنقص المياه؟.. هل تشهد الأيام القادمة نقصا أكبر في المياه؟.
يؤكد خبير المياه والسدود بالأمم المتحدة، الدكتور أحمد الشناوي، أن الأيام القادمة ستشهد نقصا للمياه خصوصا مياه الزراعة، أما مياه الشرب، فأشار إليها الخبير بسخرية على أنه سيتم معالجة مياه الصرف الصحي وشربها.
وأوضح الشناوي ل "المصريون"، أن سد النهضة بالتأكيد هو السبب في نقص منسوب المياه، وأن أي حديث للحكومة غير ذلك "لاقيمة له" لأن المواطن أصبح يعرف الحقيقة من مصادر عدة، لافتا إلى أن هناك كذب وتضليل متعمد للشعب.
ويعتبر خبراء مصريون، أن إثيوبيا تتعمد إضاعة الوقت وتأجيل المباحثات بهدف إنهاء بناء السد، حيث استطاعت بالفعل انجاز ما يقرب من نصفه، وسط مخاوف متصاعدة من انهيار السد في فترة ملء خزانه ما يؤدي إلي تغيير مسار مجري نهر النيل وإخفاء معالم مصر الحضارية.
وتُقيم «أديس أبابا» السد علي النيل الأزرق والذي يُغذي نهر النيل بما يقرب من 86 % من إجمالي مياهه، وتقول "أديس أبابا" أن هدفها من إنشاء السد هو توليد الكهرباء، فيما يُشكك المصريون في نواياها الحقيقية من بناء السد.