تقول الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الموارد المائية والري، إنها أوقفت الإعلان عن منسوب المياه في بحيرة ناصر، لأسباب تتعلق بالأمن القومي، في حين يؤكد المتخصصون انخفاض منسوب المياه في البحيرة نتيجة بناء سد النهضة الإثيوبي، بشكل يُنذر بقلق شديد، ما استدعي وزارة الري إلي إخفاء بيانات منسوب المياه عن الإعلام. كان آخر بيان صادر عن وزارة الموارد المائية والري بخصوص نسبة المياه في بحيرة السد العالي حصلت عليه «المصريون»، يوم 23 أغسطس 2014، وقالت الوزارة حينها إن "الإيراد الواصل للسد من المياه بلغ 673 م.م3، بينما أكدت أن منسوب الماء أمام السد 175,42 متر". اعتُبرت تلك البيانات مقلقة للغاية، وتناولها المتخصصون بأنها دليل علي انخفاض منسوب المياه في بحيرة السد العالي، ما دعا وزارة الموارد المائية والري إلي إخفاء نسبة المياه، غير أن تصريحات منسوبة لرئيس هيئة السد العالي، المهندس عماد ميخائيل، قال فيها أن نسبة المياه ارتفعت 5 سم عن المعدل المقلق دون أن يُفصح رسميًا عن أي بيانات، وكان ذلك في يناير 2015. وعاد الهاجس مرة أخري ليُطارد المتخصصين في الموارد المائية، وخصوصًا بعد فشل مفاوضات سد النهضة، وبناء إثيوبيا للسد دون مراعاة لشعور المصريين، ليُطرح التساؤل الأهم.. لماذا يُخفي وزير الموارد المائية والري الدكتور حسام مغازي البيانات المتعلقة بمنسوب المياه أمام السد العالي؟ يُجيب الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة، أن منسوب المياه منخفض للغاية ويُنذر بخطر كبير، متسائلاً عن الموقف عندما تنتهي إثيوبيا من بناء السد وتبدأ في ملء خزانها، قائلاً: إذا كان هذا الحال ولم تُكمل إثيوبيا سوي نصف المشوار.. فماذا بعد أن تنتهي من بناء السد؟!. وطالب نور الدين في تصريح ل«المصريون»، وزير الري بالإعلان عن منسوب المياه أمام بحيرة السد، مؤكداً أن ذلك سيكون مفيدا ويجلب تعاطف وحشد رأي عام دولي ومحلي، كما يخاطب الوعي العام المصري لترشيد استهلاك المياه. واستدل نور الدين، بموقف السودان وإثيوبيا الواضح والصريح حينما أعلنا توقف سدود النيل الأزرق وعطبرة عن توليد الكهرباء بسبب استمرار الجفاف للسنة التاسعة، في السودان توقف الروصيرس وسنار، عن توليد الكهرباء وفي إثيوبيا توقف سدود تاكيزي على عطبرة وسد بحيرة تانا، مطالبًا وزير الري بالشفافية التامة في التعامل مع الشعب. وفي السياق ذاته، ذهب خبير السدود بالأمم المتحدة، الدكتور أحمد الشناوي، مؤكداً فشل المسئولين عن ملف الموارد المائية والري في جميع الأصعدة، ومطالبًا إياهم بالتخلي فوراً عن مناصبهم وتقديم كشوف تفصيلية عن إدارة الملف منذ توليهم المسئولية، قائلاً: يجب تقديمهم للعدالة فوراً. انتقد الشناوي، في تصريح خاص ل«المصريون»، ما وصفه بأنه تخاذل رسمي وتعمد لضياع القضية وتواطؤ لصالح إثيوبيا، لافتًا إلي أن الرئيس السيسي عليه اتخاذ خطوات سريعة وعملية لوقف ما يحدث من مهازل. ويعتبر خبراء مصريون، أن إثيوبيا تتعمد إضاعة الوقت وتأجيل المباحثات بهدف إنهاء بناء السد، حيث استطاعت بالفعل انجاز ما يقرب من نصفه، وسط مخاوف متصاعدة من انهيار السد في فترة ملء خزانه ما يؤدي إلي تغيير مسار مجري نهر النيل وإخفاء معالم مصر الحضارية. وتُقيم «أديس أبابا» السد علي النيل الأزرق والذي يُغذي نهر النيل بما يقرب من 86 % من إجمالي مياهه، وتقول "أديس أبابا" أن هدفها من إنشاء السد هو توليد الكهرباء، فيما يُشكك المصريون في نوياها الحقيقية وينحاز السودان (الطرف الثالث) في القضية إلي إثيوبيا.