أثارت تصريحات وزير الموارد المائية والرى، محمد عبد المطلب، حول الوضع المائى المستقر والمطمئن لمصر، استياء معظم الجهات المعنية بملف مياه النيل، فى الوقت الذى تسعى فيه القاهرة للضغط على المجتمع الدولى للتدخل لحل أزمة سد النهضة الإثيوبى، والعلاقة المتوترة بين القاهرة وأديس أبابا، وباقى دول منابع النيل للنزاع على آليات إدارة المياه فى حوض النهر. وأكد مصدر حكومى مطلع ل«الشروق» أن تصريحات وزير الرى، التى حاول خلالها نقل صورة إيجابية عن الوضع المائى المصرى، أثارت استياء الجهات المعنية بملف مياه النيل، بعد محاولات عدة اتخذتها هذه الجهات للتأكيد على الموقف المائى الحرج لمصر، وكسب تأييد المجتمع الدولى لرفض بناء سد النهضة. وقال المصدر إن جهات فى الدولة، طالبت وزير الرى بالحرص فى تصريحاته حول ملف المياه، بعدما تسبب فى مشاكل دبلوماسية سابقة وحالية. وكان وزير الموارد المائية والرى، قال فى تصريحات صحفية له خلال جولة فى الفيوم - والتى تعانى معظم أراضيها من الجفاف ونقص مياه الرى فى الموسم الصيفى كل عام – أمس الأول، إن الوضع المائى فى مصر مستقر، ومخزون المياه خلف السد العالى يكفى لعامين. وأكد مصدر بوزارة الموارد المائية والرى ل«الشروق»، أن تصريح الوزير لا يرد عليه فنيا إلا بالنفى التام. وأوضح المصدر أن «التصريح هدفه أغراض سياسية داخلية، ولم يضع فى حسابه الموقف الخارجى لمصر فى ملف مياه النيل»، مشيراً إلى أن بحيرة التخزين فى السد العالى مصممة لتخزن المياه بشكل «قرنى»، وفى حالة استغلال جميع الموارد المائية المتاحة فيها على مدار عامين لا تكون هناك أهمية للسد العالى بعد ذلك. ومن جانبه أوضح خبير المياه والسدود، مغاورى شحاتة، أنه لا يمكن وصف الوضع المائى فى مصر الآن بالمطمئن، فى ظل الاحتياجات المتزايدة من المياه وعدم كفاية ومحدودية الموارد المتاحة. وقال شحاتة: المخزون الاستراتيجى للمياه خلف السد العالى يقدر بحوالى 110 مليارات متر مكعب، وهو رصيد كاف كبنك للمياه يمكن إمداد مصر به فى حالات الجفاف أو نقص الفيضان، وفقاً للهدف من بناء السد العالى، إلا أن هذا لا يعنى الاستغناء عن تدفقات المياه الواردة إلى مصر من الهضبة الإثيوبية أو الإستوائية، والتى باتت مهددة الآن منذ توقيع اتفاقية عنتيبى وبناء سد النهضة. وأكد شحاتة أن المخزون المائى لمصر فى بحيرة السد العالى هو فقط لتعويض مسائل النقص، وفقاً لاحتياجات البلاد لكنه لا يعنى كونه بديلاً عن الحصة السنوية لمصر، كما أنه لا ينفى مخاطر سد النهضة على مصر، والمنتظر بدء آثارها فى 2017، مع بداية التشغيل التجريبى للسد. وأضاف شحاتة أن نقص منسوب المياه فى بحيرة السد العالى يؤثر أيضاً على آليات تشغيل السد العالى، وتقليل كفاءة انتاج الطاقة، وذلك فى حالة سحب المياه من المخزون الاستراتيجى بالبحيرة كما يعلن وزير الرى. وتحصل مصر على حصة سنوية مقدرة ب55.5 مليار متر مكعب من المياه، تأتى 85% منها من الهضبة الإثيوبية، والباقى من النيل الجنوبى، الذى ينبع من البحيرات الاستوائية، وفقاً لاتفاقية 1959 الموقعة بين مصر والسودان، والخاصة بتقسيم الحصص المائية فى نهر النيل، إلا أن هناك تخوفات بالتأثير السلبى والإضرار بهذه الحصة، بعد بناء مشروعات سدود على مجرى النيل، من شأنها حجز المياه وتقليل معدلات وصولها إلى بحيرة السد العالى فى مصر.