تفاقمت أزمة الدولار في مصر، وأصبح الحصول على العملة الخضراء مهمة صعبة للغاية، تتخللها قفزات سعرية مخيفة، تهدد بانهيار قيمة الجنيه أمام الدولار، ليصل لمعدلات تفوق توقعات أكثر الخبراء تشاؤمًا. وقفز سعر الدولار الخميس في السوق السوداء 9:30 للبيع و9.38 جنيه للشراء، لأول مرة مع تفاقم شح العملة الصعبة وتراجع إيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة. وترصد "المصريون" أبرز الأسباب وراء ارتفاع الدولار في الفترة الأخيرة.. تدمير السياحية تدهور القطاع السياحي في مصر عقب الأحداث الإرهابية والاضطرابات السياسية، إذ تظهر الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية في مصر تراجعًا كبيرًا في أعداد السياح وعائدات السياحة منذ ثورة 25 يناير 2011، فقد انخفض عدد السياح من 14.7 مليون سائح سنة 2010 إلى 6.06 مليون سائح فقط خلال الأشهر ال10 الماضية من سنة 2015 أما العائدات، فلم تتجاوز 4.6 مليار دولار هذا العام، في حين 12.5 مليار دولار عام 2010. اختفاء تحويلات المصريين بالخارج انخفضت تحويلات المصريين بالخارج بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين، إذ صدر تقرير عن البنك المركزي المصري في منتصف 2014 يتحدث عن تراجع تحويلات المصريين من الخارج، إذ تراجعت إلى 8.441 مليار دولار بنسبة 8.9%، خلال النصف الأول من العام المالي 2013/ 2014، مقارنة بنحو 9.276 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي 2012/ 2013. انهيار الاحتياطي النقدي الأجنبي فضلاً عن انهيار الاحتياطي النقدي المصري خاصة أن رقم الاحتياطي المعلن من البنك المركزى يتضمن نحو 6 أو 5 مليارات دولار في شكل ذهب وحقوق سحب خاصة لا يمكن تسييلها، أي أن النقد الحقيقي المتاح للاستخدام 10 مليارات دولار فقط، وهو ما يكفي استيراد شهر واحد لا غير لو استمر الاستيراد بنفس الوتيرة، يأتى ذلك بعد إحجام دول الخليج عن تقديم المساعدات لمصر بعد خفض سعر النفط. قناة السويس الجديدة التسرع في تنفيذ مشروع "تفريعة قناة السويس" الجديدة، دون إخضاع المشروع لدراسات جدية تبرز الجدوى الاقتصادية منه، هذا التسرع الذي أدى إلى مضاعفة التكلفة الأصلية للمشروع وسحب العملة الصعبة من البنوك لتغطية تكاليف المشروع، وتزامن هذا مع انخفاض عائدات قناة السويس بسبب الركود الذي أصاب الاقتصاد العالمي، الأمر الذي جعل تفريعة قناة السويس الجديدة عبئا على الدولة وليس داعمًا لها. هروب المستثمر الأجنبي من مصر هروب الاستثمارات الأجنبية، إذ سلط موقع "ماركوبوليس" الفرنسي الضوء على مناخ الاستثمارات في مصر والتحديات التي يواجهها في الوقت الراهن والتي أدت إلى هروب جماعي للمستثمرين، قائلاً إن عجلة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر شهدت تباطؤًا حادًا في الثلاث سنوات ونصف الماضية، ويرجع ذلك لعدة أسباب أبرزها عدم استتباب الأمن ونضوب رؤية اقتصادية رسمية واضحة، الإجراءات البيروقراطية التي تنتهجها الدولة، العنف في الشوارع، الأزمة السياسية، نقص العمالة المدربة وضعف التمويل الائتماني، إجراءات الجمارك البطيئة والعراقيل التجارية غير الجمركية كلها عوامل قد لعبت بالفعل دورًا لا يمكن إغفاله في هروب المستثمر من مصر. الاستيراد من الخارج حجم الاستيراد الضخم غير المدروس للدولة المصرية والذي بلغ 60 مليار دولار سنويًا ما بين سلع أساسية وترفيهية، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري الخاصة بميزان المدفوعات، في مقابل 76مليار دولار، وفقا لبيانات مصلحة الجمارك. قرار البنك المركزي قرار البنك المركزي بوضع حد أقصى للإيداع النقدي لايتجاوز 250 ألف دولار شهريًا، الأمر الذي أوجد أزمة نقص في توفير الدولار عبر البنوك أجبرت المستوردين على اللجوء إلى السوق السوداء للحصول على الدولار عبر شركات الصرافة وبأسعار أعلى من الأسعار الرسمية في البنوك. وقال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن "ارتفاع سعر الدولار يرجع لأسباب متعلقة بالمضاربة، ووجود أيادٍ خفية معينة تتلاعب في حركة الدولار، خاصة أن الأمر لايستند لأي مبررات منطقية لزيادة الطلب على الدولار كموسم حج أو احتياج لاستيراد السلع من الخارج على سبيل المثال". وتابع: "حتى اللحظة الحالية لا أحد يعرف السبب الحقيقي وراء الارتفاع المفاجئ للدولار بمصر". وأكد فهمي، أن "المواطن هو المتضرر الوحيد جراء عملية هذا الارتفاع، إذ يصاحبه زيادة في أسعار السلع والخدمات التي يستهلكها، موضحا أن هذا الارتفاع سيؤدي إلى ضرب مناخ الاستثمار في مقتل، حيث تزيد الأعباء على المستثمر، بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج التي يستوردها من الخارج، فيضطر لتعويض خسائره من خلال المستهلك بواسطة رفع الأسعار، فترتفع معدلات التضخم".