حقوقيون: 4000 طفل معتقل وما يقرب من 2000 بلاغ يخص اعتقال الأطفال أبوسعدة: رعايتهم أولى من تعذيبهم فى السجون
أطفال لم تتجاوز أعمارهم سن الطفولة بعد، يقبعون خلف الجدران وقضبان الزنازين رغم صغر سنهم، متهمون بالتظاهر بدون تصريح أو محاولة قلب النظام، أو الانضمام لجماعة محظورة أو حمل سلاح وقطع الطرق وفقًا لاتهامات سجلت بمحاضر النيابة التى تحررت ضدهم. وفى سابقة هى الأولى من نوعها، حكم القضاء المصرى بالمؤبد على طفل لا يتجاوز عمره الأربع سنوات، بتهمة التحريض على العنف وقتل أربعة أشخاص والشروع فى مقتل 8 آخرين. ولم تكن هذه القضية الأولى التى يتم الزج فيها بأطفال لكنها كانت الأغرب على الإطلاق، حيث يتعرض الأطفال فى مصر عقب الأحداث السياسية التى شهدتها البلاد خلال الفترة السابقة للاعتقال. ووصل عدد بلاغات قضايا الأطفال على مستوى نيابات القاهرة إلى 1000 و2000 بلاغ، على حد قول حقوقيين مختصين فى قضايا الدفاع عن الأطفال. وأكد أحد الحقوقيين أن عدد الأطفال المعتقلين على ذمة قضايا سياسية يبلغ 4000 طفل. كما استنكر مراقبون وحقوقيون استمرار عمليات الاعتقال بحق عشرات الأطفال والتى تتم بشكل تعسفى لمن هم تحت سن الخامسة عشر عامًا، مشددين على مخالفة الأمر لأى قانون وتشريع، حيث لا تستند المحاكم فى أحكامها إلى أى سند قانونى سليم. وعلى هذا النحو رصدت "المصريون" بعض حالات اعتقال الأطفال على النحو التالى.. الطفل منصور 3 سنوات و5 أشهر آخر ضحايا الاعتقال منصور هو أصغر طفل حكم القضاء عليه بالمؤبد، حيث أصدرت محكمة غرب القاهرة حكمًا على طفل يدعى منصور قرنى أحمد علي، عمره 3 سنوات و5 أشهر فقط، بالسجن المؤبد، بتهمة قتل 4 مواطنين والشروع بقتل 8 آخرين، وتخريب ممتلكات عامة، أثناء تظاهرة فى محافظة الفيوم. معتقل "التيشيرت" بعد عامين من التحقيق يحوّل لأمن الدولة "معتقل التيشيرت" هكذا لقب الطفل محمد محمود أصغر سجين فى مصر، بعد أن تم اعتقاله بسبب ارتدائه "تيشيرت" مكتوبًا عليه "25 يناير". محمود محمد، الذى لم يتجاوز ال18 عامًا عندما تم إلقاء القبض عليه فى الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير عام 2014. وتم اعتقال محمود فى كمين بمنطقة المرج مع أحد أصدقائه، أثناء توجهه لمنزله فى محافظة القليوبية، وبعدها تم اقتياده إلى قسم شرطة المرج، والذى تعرض فيه لاعتداءات جسدية بدأت بالضرب بالأيدى والصعق بالكهرباء فى مختلف أنحاء جسده، ثم تم نقله إلى سجن أبو زعبل. محمود ظل عامين فى السجن حتى قامت السلطات مؤخرًا بتحويل قضيته لأمن الدولة بعد عامين من الاعتقال. اعتقال أكرم لكشفه عن اعتقال وتعذيب 200 طفل أكرم إبراهيم الصاوى طفل لا يتجاوز عمره ال14 عامًا تم اعتقاله مرتين، فى المرة الأولى كانت التهمة قطع الطريق الدائرى، والثانية كانت بسبب كشفه عن تعذيب واعتقال أكثر من 200 طفل رآهم داخل مكان احتجازه. وقال أكرم فى شهادته: "معسكر بنها عبارة عن 3 أدوار، الدور الأول والثالث سياسى واللى فى الوسط عساكر مسجونين، وكل زنزانة فيها حوالى 25 واحدًا، الموجودون هناك وسنهم صغير ييجو 200 واحد، كان فيه واحد بس أصغر منى عنده 13 سنة، وواحد كبير حوالى 20 سنة اسمه حسين". "صهيب" عامان خلف القضبان قضى الطفل صهيب ما يقرب من العامين خلف القضبان، حيث تم إلقاء القبض عليه فى فبراير قبل الماضى بتهمة التخطيط لحرق سيارات الشرطة، وأحيلت قضيته للجنايات وتم تجديد حبسه لمدة 6 مرات متتالية حتى تم التأجيل مرة أخرى. وأصيب صهيب الذى يبلغ من العمر 16 عامًا، داخل محبسه، بروماتيزم بركبته اليمنى، بسبب سوء المعاملة داخل المؤسسة العقابية ولم تنجح العقاقير فى شفائه حتى قام بإجراء عملية جراحية بها فى أغسطس الماضي، وحينها كان يذهب جلسات المحاكمة على كرسى متحرك. "شوشة" محكوم عليه بثلاث سنوات و50 ألف جنيه غرامة سيف أسامة شوشة، طفل يبلغ من العمر 16 عاماً، تم اعتقاله يوم 3 أغسطس 2014 بعد قيام بلطجية بالاعتداء عليه بالأسلحة البيضاء، وتسليمه إلى قسم شرطة دمياط الجديدة، ولم يتم علاجه أو نقله إلى المستشفى. وبرغم أن سيف وقت اعتقاله لم يكمل العام السادس عشر، نجح فى الصف الثالث الإعدادى بمجموع 93%، وهو على أعتاب المرحلة الثانوية، إلا أنه تم صدور حكم ضده بالحبس لمدة ثلاث سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه على الطفل. "البراد" طفل تحول للقضاء العسكري "عمر محمد البراد" الطالب بالصف الثالث الثانوي، المدرسة الثانوية العسكرية بطهطا بمحافظة سوهاج، تم اعتقال الطالب من قبل قوات الأمن فى يوم 2 مارس الحالى من إحدى المقاهى بمركز طهطا، وتم بعد ذلك احتجازه بفرق قوات الأمن بسوهاج، وتوجيه عدة تهم من أهمها "إطلاق شماريخ وألعاب نارية على مدرسة ثانوية"، والتى على إثرها تمت إحالته للقضاء العسكري، ليكون مصيره السجن لمدة خمس سنوات. الحكم بالسجن 10 سنوات على طالب واجه الطفل أحمد جمعة عبد الهادى، نفس مصير الأطفال المعتقلين، وتم اعتقال أحمد منذ عامين، حيث تم اعتقاله يوم 25 يناير 2014 وحكم عليه بالسجن 10 سنوات يقضيها حاليًا بالمؤسسة العقابية بالمرج. وقامت قوات الأمن باقتحام منزله بالدقهلية وحطمت محتوياته رغم عدم وجود أحد به سوى والدته ومعها طفلان. "الباجورى" طفل محكوم عليه ب15عامًا والتهمة قتل ضابط أحمد صبحى الباجوري، طالب الثانوية العامة ويبلغ من العمر 17 عاما، حكم عليه بالسجن 15 عاما فى قتل ضابط، وشغب وحرق عربة شرطة وانتمائه للجماعة المحظورة. السجن 4 أعوام وغرامة 30 ألألف جنيه لطفلين وقامت قوات الأمن باعتقال طفلين شيقين، هما القسام طه الصالحى 17 عامًا و مصعب 16 عامًا. وتم اعتقالهما فى 28 مارس 2013، ووجهت لهما تهم منها الانتماء لجماعة إرهابية، تكدير السلم العام. وقضت المحكمة على الأول بالسجن 17 عامًا لمدة أربعة أعوام وغرامة ثلاثين ألف جنيه، وعلى شقيقه الأصغر "مصعب" 16 عامًا، وتم إيداعهما فى مؤسسة رعاية الأحداث بشربين. مرضه لم يرحمه من الاعتقال والتعذيب وتم اعتقال الطفل السيد جمال السيد، البالغ من العمر 12 عامًا، يوم الجمعة 23 يناير عام 2015، من مدينة السادات بالمنوفية، وتم تعذيبه وضربه بداخل القسم وتم عرضه على النيابة بملابسه الداخلية برغم أنه مريض بالسكر. 5 سنوات لطفل بسبب التظاهر بدون ترخيص وقضت محكمة جنايات أحداث أبو حماد بالشرقية، بحبس الطفل عبد الرحمن الحبوني، طالب بالصف الأول الثانوى الأزهري، لمدة 5 سنوات. جاء ذلك على خلفية اتهامه فى قضية رقم 23 لسنة 2015، جنايات أحداث أبو حماد، حيث وجهت له المحكمة تهم التظاهر بدون ترخيص وأحداث عنف من شأنها الإضرار بالصالح العام. وكانت قوات الأمن قد اختطفت الطفل عبد الرحمن الحبونى من الشارع منذ أربعة أشهر، وأودعته سجن أبو حماد المركزي، ووجهت له النيابة تهم التظاهر والقيام بأعمال عنف وشغب. فيما استنكرت أسرة الطفل حكم المحكمة، مؤكدة أنها أحكام ظالمة ومسيّسة، مناشدين منظمات حقوق الطفل وحقوق الإنسان سرعة التدخل لوقف تلك الأحكام والانتهاكات التى تتم بحق طفلهم. حقوقيون: اعتقال الأطفال جريمة وعددهم تجاوز ال4000 معتقل أكد المحامى حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن اعتقال الأطفال من المسائل التى تثير الشفقة والحزن، مطالبا الحكومة والقضاء بأخذ الأمور بجديه أكثر. وأضاف "أبو سعدة " فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن من عدم المعقولية وعدم الصحة حبس الأطفال، قائلا: "من مستحيل المستحيل ارتكاب الأطفال للتهم المنسوبة إليهم". وتابع أنه لا يجوز حبس الأطفال قبل سن المسؤولية الجنائية، وفقا لاتفاقية حقوق الإنسان وحقوق الطفل، قائلا "اعتقال الأطفال جريمة"، مطالبا بمراعاة الأطفال وليس اعتقالهم وتعذيبهم وحبسهم فى السجون. وفى السياق ذاته، أوضح مسؤول الملف المصرى فى منظمة الكرامة لحقوق الإنسان أحمد مفرح، أن تجاوزات وزارة الداخلية بحق الأطفال المعتقلين ليست حالات فردية، مؤكدا أن النيابة العامة تتعامل فى معظم الحالات خارج إطار قانون الطفل. من جهته، أكد المحامى والناشط الحقوقى عمرو على الدين، أن التقديرات الحقيقية لعدد الأطفال المعتقلين فى قضايا سياسية، تجاوزت أربعة آلاف طفل. وأشار إلى وأن وزارة الداخلية تنفى الاتهامات الموجهة إليها من قبل منظمات دولية ومحلية بارتكاب تجاوزات، مؤكدة التزامها بالمعايير الدولية فى معاملتها للمعتقلين فى سجونها من مختلف الأعمار. فيما قال أحمد مصيلحى، محامٍ فى الائتلاف المصرى لحقوق الطفل، إن عدد الأطفال المعتقلين ازداد بشكل كبير، خاصة بعد تظاهرات ال30 من يونيو، التى على إثرها تم اعتقال عدد ضخم من أطفال الإخوان المسلمين من مدارسهم أو من أمام المسيرات المشاركين بها، على الرغم أن كل ذلك مخالف للقانون لأن الطفل لا يمكن اعتباره إرهابيا. وأكد مصيلحى خلال تصريحات خاصة ل«المصريون»، أن أغلب القضايا التى اعتقل فيها الأطفال، ما هى إلا قضايا سياسية فمنهم من اعتقل لارتدائه تيشيرت رابعة العدوية ومنهم من اعتقل لسيره فى مسيرة مناهضة للحكم الحالى، وكل ذلك مخالف تمامًا للدستور والقانون. وتابع مصيلحى أن هناك سابقة حدثت خلال حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى، ولم تحدث فى مصر فى مختلف عصورها، وهى أن جميع الطلاب المعتقلين هم من طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية بسبب آرائهم السياسية، فى عمر يتراوح من 14 إلى 16 عامًا. وأوضح أنه وفقًا للقانون، توجد إدارة خاصة للأطفال فى وزارة العدل تسمى «الإدارة العامة لحماية الطفل»، ومن واجبها حصر عدد الأطفال المعتقلين وحمايتهم وتوفير المكان الملائم لهم مع عدم تعريضهم للتعذيب والإهانات، لكل ما يعد مخالفا تمامًا لمهام تلك الإدارة، فهى لم تحصر عدد الأطفال المعتقلين على الرغم أنه عدد كبير جدًا حتى الآن، وبجانب أن الطفل المعتقل يعامل معاملة الكبار بالضبط ولا يفرق بينه وبين البالغين فى شيء من ناحية التعامل، خاصة أن هناك مؤسسة عقابية واحدة فى المرج تقبل عدد المعتقلين من سن ال15 حتى 18 عامًا، وهذا غير قانوني، لأن المكان لا يتسع للعدد الضخم من الأطفال المعتقلين، ما يتسبب لهم فى أمراض خطيرة. وأكد "مصيلحى"، أن بلاغات قضايا الأطفال على مستوى نيابات القاهرة وصل إلى 1000 و2000 بلاغ، على حد قول أحد المحامين المختصين فى قضايا الدفاع عن الأطفال.