فى الوقت الذي يطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى، المواطنين، بالتبرع "التصبيح" ولو بجنيه لصالح تنمية ودعم اقتصاد مصر، تم استحداث مادة في اللائحة الداخلية لمجلس النواب تمنح أعضاء مجلس النواب 450 مليون جنيه خلال فترة عضويتهم التي تقدر بخمس سنوات في لجنة إعداد اللائحة الداخلية لمجلس النواب التي يرأسها المستشار بهاء أبوشقة. ومن بينها مادة مستحدثة أخذت رقم 430، تنص على "تقاضى عضو مجلس النواب مكافأة شهرية تقدر ب15 ألف جنيه تستحق من تاريخ حلف اليمين أمام مجلس النواب، وتزيد بنسبة 7% سنويًا، ولا يجوز التنازل عنها أو الحجز عليها، وتكون معفاة من جميع أنواع الضرائب والرسوم". ليبلغ مجموع المكافآت لأعضاء البرلمان الذين يشكلون أكبر نسبة تمثيل نيابي في تاريخ مجلس النواب نحو 90 مليون جنيه في السنة الواحدة، وبإجمالي 450 مليون جنيه في 5 سنوات هي مدة عمل المجلس، فضلاً عن بدلات الانتقال والمهمات الخارجية والعلاج وتخصيص جراجات لسيارات النواب. وقال الدكتور عبدالرحمن طه، الخبير الاقتصادي، إن "هذه المبالغ الكبيرة التي تدفع إلى النواب من خزينة الدولة ستساهم في تردى الأوضاع الاقتصادية للدولة مع مرور الوقت"، مضيفًا: "معظم النواب حالتهم الاقتصادية كما يعلم الجميع جيدة إلا أنه يوجد 20% من أعضاء المجلس شباب ويحتاجون إلى هذا الدعم للاستمرار في تقديم الخدمات للدوائر". وشدد طه على أنه "يجب خصم نسبة معينة من قيمة الراتب الذي يتم دفعه لعضو مجلس النواب والمقدر ب15 ألف جنيه للعضو لمن يتجاوز دخلهم الشهري خارج المجلس 20 ألف جنيه، موضحًا أن هذه الأموال التي سيتم توفيرها من خلال هذه الخطوة ستسهم بشكل كبير في إنشاء مشروعات جديدة للدولة من مصانع ووحدات سكنية فيما يعرف اقتصاديًا ب"الملاءة المالية". واقترح طه أن "يتم إنشاء صندوق مشروعات داخل مجلس النواب يتم فيه وضع الأموال التي يتم توفيرها من الرواتب التي يتم دفعها بناء على المقترح الأول، بالإضافة إلى تبرعات النواب الذين يقومون بالتخلي عن مرتبهم ليقوم هذا الصندوق بدعم المشروعات وتوفير فرص عمل لأبناء الدوائر بدلاً من توظيفهم على نفقة الدولة". وأردف أن "الدولة حينما تقرر أن هذا الراتب معفى من الضرائب، فإنها بذلك تناقض نفسها على الرغم من أن مجلس الشعب هو الوحيد الذي يحدد ذلك إلا أنه من المفروض أن يخضع هذا الراتب لقانون الضرائب، مؤكدًا المساواة بين المواطنين في خضوعهم لهذا القانون دون إعفاء لأحد من المواطنين دون الآخر على خلفية الوظيفة". ورأى أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، أن "هذه الرواتب التي تدفعها الدولة للنواب ستؤثر على اقتصاد البلد عمومًا خلال الخمس سنوات"، مشيرًا إلى وجوب ترشيد نفقات المجلس معللاً ذلك بأن تلك الرواتب لا تناسب الضوائق المالية التي تمر بها البلاد. وأضاف خزيم ل"المصريون": "إذا كان الرئيس طلب من الشعب أن يتبرع ولو بجنيه واحد لمصر فمن باب أولى على نواب الشعب أن يتبرعوا بجزء من رواتبهم للمشاركة في دعم الاقتصاد المصري"، مشيرًا إلى أن نفقات العضو تتجاوز العشرين ألف جنيه. وأوضح أن هناك عجزًا كبيرًا في الموازنة العامة للدولة ولكي نسد هذا العجز لابد من توفير في المبالغ التي يتقاضاها الموظفون في مختلف القطاعات وعلى رأسها مجلس النواب، معللا ذلك بأن السادة النواب يجب أن يكونوا الأكثر حرصًا على المساهمة في تخفيض هذا العجز. وحذر الدكتور عماد مهنا، الخبير الاقتصادي من أن رواتب أعضاء مجلس النواب ستصيب الموازنة العامة بشلل على مدار السنوات الخمس الماضية، ما قد يودى بالبلد في مرحلة اقتصادية صعبة، مشيرًا إلى أن الرواتب لن تقف عند رقم 90مليون جنيه بل ستتجاوزه إلى 100 مليون جنيه سنويًا حصيلة نفقات المجلس. وأشار مهنا ل"المصريون"، إلى أنه يوجد بخلاف رواتب النواب في البرلمان نحو 7000 مستشار يتقاضون رواتب، بالإضافة إلى رواتب العاملين في الجهاز الإداري للدولة وحصيلة جمع رواتب الفئتين من خزينة الدولة تقدر ب218 مليار جنيه سنويًا وهو ما يمثل نحو 28 % من الموازنة العامة. وأضاف: "إذا كان حصيلة الجمع السابقة لرواتب المستشارين والموظفين في الجهاز الإداري للدولة هو 218 مليار جنيه، بالإضافة إلى 100 مليون التي يتقاضاها النواب ويصيب الموازنة بعجز واضح إذا لم يتم تحقيق العدالة الاجتماعية على جميع من يتقاضون تلك الرواتب الكبيرة". وتابع مهنا، أنه "في ظل عجز الموازنة الذي يقدر بنحو 251 مليار جنيه وفي ظل طلب الدولة اللجوء للاقتراض كحل لسد العجز وتوفير العملة الصعبة فالبرلمان كذلك يحتاج إلى تقليل نفقاته بالنسبة للأعضاء الذين يقدر دخلهم خارج البرلمان شهريًا بنحو عشرين ألف جنيه".