تزايدت قيمة الدين العام المصري خلال السنوات الخمس الأخيرة لتتجاوز 2تريليون جنيه, بفائدة سنوية تقدر قيمتها بنحو 245 مليار جنيه, لتمثل عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة للدولة تقدر بنحو 33% تقريبًا من الإنفاق العام في الموازنة العامة للدولة, وبهذا تشكل عبئًا مستقبليًا وإهدارًا لحقوق الأجيال القادمة. واستبعد خبراء اقتصاديون أن يصدر البرلمان مشروع قانون يُسقط جزءًا من الديون لاسيما التي نمت نتيجة لتراكم الفوائد أو حتى المبلغ الأصلي, وذلك لكون هذه الديون، متضمنة الفوائد، ملكًا للشعب ولا يملك البرلمان سلطة على الجهاز المصرفي والذي قد ينهار إذا ما تم انتهاك استقلاليته. غير إنهم قالوا إنه بالإمكان أن يُصدر البرلمان تشريعًا يوقف استدانة الحكومة من البنوك عند حدٍ معينٍ مع إجراء إصلاحات هيكلية شاملة في جميع جوانب الاقتصاد المصري. ودعا المهندس إبراهيم حسن محمد، الباحث الاقتصادي، مجلس النواب إلى تبني مقترح مشروع قانون يقضي بإسقاط جزء من ديون مصر الداخلية لدى البنوك أو إسقاط قيمة الدين غير الحقيقية الناتجة عن فوائد الدين المتراكمة، والتي تقدر بنحو 245 مليار جنيه تقريبًا, وذلك لكونها تمثل عبئًا يمنع تقدم الدولة اقتصاديًا. وقال عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي, إن إسقاط جزء من ديون مصر الداخلية والخارجية ليس بيد مجلس النواب أو الحكومة، وهو أمر مستبعد الحدوث لعدة أسباب, أهمها أن الديون والفوائد مستحقه للبنوك وتقوم بدفعها للمودعين، وتحقق أرباحًا بقيمة الفارق. وأضاف أن الفوائد وأصولها هي ملك للشعب المصري وتم إقراضها عن طريق البنوك لوزارة المالية لدعم الموازنة العامة للدولة, ومن ثم إسقاطها يعد إسقاطًا لودائع المصريين في البنوك. وأشار إلى أن إجمالي الديون المحلية بلغت 1.8 تريليون جنيه تقريبًا, بقيمة فوائد سنوية تقدر بنحو 245 مليار جنيه تقريبًا من إجمالي الدين العام الذي يزيد على 2 تريليون جنيه, وتقدر بنحو 33% من الإنفاق العام في الموازنة العامة للدولة. ولفت حسانين إلى أنه يمكن إسقاط الديون الخارجية من خلال تعاون سياسي يكون بين رؤساء الدول بعيدًا عن الحكومة أو مجلس النواب. وفرّق حسانين بين إسقاط الديون عن الفلاحين وإسقاطها عن البنوك التجارية لصالح الدولة، قائلا: "ديون المزارعين هي قرض من بنك التنمية والائتمان الزراعي الذي يمثل ذراعًا مالية للحكومة يمكنها استخدامها لإسقاط الديون عن المتعثرين وبحد معين, أما ديون البنوك لا يمكن إسقاطها إلا إذا تمت بمبادرة من البنوك تجاه عملائها وتتحمل هي الخسائر التي قد تحدث, وهذه لم تحدث من قبل". وأوضح أن ما يقرب من 49 بنكًا في مصر تعمل بأموال المودعين، ولذا إسقاط جزء منها يعد انهيارًا للجهاز المصرفي, وأقصى ما يمكن أن يسعى إليه مجلس النواب هو وقف الاستدانة من البنوك ووضع حدٍ أقصى لها, بألا تزيد على ما وصلت إليه في الوقت الحالي بما يزيد على 2 تريليون جنيه. وتابع: "تم إسقاط نصف ديون مصر الخارجية في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك, من أجل حثه على المشاركة في حرب الخليج وإرسال قوات حفظ سلام في معظم دول العالم, وكذلك بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، مما يعني أن الديون الخارجية يمكن إسقاطها بتحرك سياسي على مستوى رئيس الدولة مع تحركات وزيرة التعاون الدولي". وقالت بسنت فهمي، الخبير الاقتصادي وعضو مجلس النواب, إنه من المستحيل أن يناقش مجلس النواب أمر إسقاط الديون الداخلية لمصر لكونها التزامات على الدولة، ومن ثم يجب الوفاء بسدادها في مواعيدها المحددة. وأضافت ل"لمصريون", أن معالجة أمر تراكم الديون يكون من خلال عمل هيكلة شاملة للاقتصاد المصري تتضمن إصلاحات جذرية ترفع من حجم الناتج المحلي، وبالتالي تحقيق وفورات مالية تستعيض بها الدولة عن الاقتراض من البنوك وتجنب تراكم الفوائد.