نفى فضيلة الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، أن يكون قد تحدث فى خطبة الجمعة اليوم، بشأن العفو عن مبارك أو أى من رموز نظامه، وقال إن هذا الأمر بين يد القضاء، وذلك عندما تحدث عن الصفح والعفو فى خطبته، فوصل إلى البعض أن مفتى الجمهورية يقصد من كلامه ضرورة العفو والصفح عن مبارك ورموز نظامه. كان الدكتور على جمعة قد قال فى خطبة اليوم إن الطاعة جزء لايتجزأ من بناء الفارس النبيل، كما أن الصفح والعفو جزء لايتجزأ مع حاطب بن أبى بلتعة الذى وبخه رسوال الله- صلى الله عليه وسلم- وعفا عنه، فى حين دعا عمر بن الخطاب إلى قتله، فرفض رسول الله، وهذا ما اعتبره أحد الحاضرين تلميحاً من الدكتور على جمعة إلى طلب العفو عن مبارك، وحين سأل هذا الشخص، مفتى الجمهورية عما إذا كان يقصد الرئيس السابق من كلامه، أم لا، غضب الدكتور على جمعة وعنفه بشدة، ورد بالنفى القاطع، وقال إنه ليس معنى حديثه عن الصفح والعفو يكون المقصود شخص بعينه. وكان الدكتور علي جمعة، قال في خطبة الجمعة التى ألقاها في مسجد فاضل بمدينة السادس من أكتوبر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا كيف يكون المسلم فارسا نبيلاً، وقد وضع لنا الملامح، وأسس لنا الأسس، وأمرنا أن نحافظ على الفارس النبيل، وألا نهدر ما بنيناه، ولا ننكر على ما فعلنا بالبطلان طوال حياتنا، وأن نبني في أنفسنا وفي أبنائنا وفي أمتنا نفسية الفارس النبيل وعقليته وشخصيته. وأشار د.جمعة إلى أن البعض يريد أن ينهار هذا البناء خروجًا من السلطة، فيريدون هدم الأسرة خروجًا على السلطة الأبوية، ويريدون هدم الدولة لأنهم لا يريدون سلطة تنظم المجتمع، كما يريدون هدم الدين لأنهم لا يقبلون أن يحكمهم الدين، كما أنهم يريدون هدم اللغة والثقافة. وأضاف أن هذه الدعوة تتردد بين الناس منذ السبعينيات وتشيع هنا وهناك، مؤكدًا أنها لم تدخل مجتمعاتنا قط إلا ولاقت الاستهجان؛ لأننا تربينا على يد سيدنا رسول الله. وأضاف المفتى أن الفارس النبيل، هو الذي لا يضيع أوقاته فهو يعمل ليل نهار، مشيرًا إلى أن رسول الله قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه"، فكون لهم معرفة الأوقات. وأوضح أن المسلمين عبر التاريخ كانوا يحافظون على أوقاتهم، قال رسول الله "أحب الأعمال إلى الله أدومها، وإن قل"، فعلمنا الديمومة على العمل وهي عنصر من عناصر الفارس النبيل. كما أمرنا الرسول الكريم بالإتقان في العمل، حيث قال: "إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه" كما أمرنا بالجماعة والدين هو الجماعة وأن نعمل في فريق وأن نتناصح وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ويضيف إلى ذلك الطاعة "اسمعوا وأطيعوا، ولو تأمر عليكم عبد رأسه كزبيبة"، مشيرًا إلى وجوب السمع والطاعة للكفؤ حتى ولو كان دميمًا، فالكفاءة هي المقياس في هذا المقام، وأن رسول الله أمرنا بالطاعة للتنظيم، وأنه إذا خرجت عن نطاق الجماعة فأنت ملوم شرعا وطبعا وعرفا، فالطاعة جزء لا يتجزأ من الفارس النبيل، وهي التي تصلنا إلى طاعة الله سبحانه وتعالى، قال تعالى : "وأطيعوا الله ورسوله" ، "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" ، " اصبروا إن الله مع الصابرين". وتناول فضيلة المفتي قصة سيدنا حاطب بن أبي بلتعة، حين أرسل يخبر قريشًا بمسير رسول الله إليهم رغم أنه فارس نبيل ممن رباهم النبي صلى الله عليه وسلم وحضر بدرا، وهذا يعد نوعا من الخيانة في إفشاء الأسرار وقت الحرب وهذا عقوبته الإعدام في جميع الأنظمة. وعندما أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – سيدنا علي ليحضر الخطاب من المرأة التي أرسلها سيدنا حاطب بن أبي بلتعة، مؤكدًا أن سيدنا علي كان ذلك الفارس النبيل، ولم يكن مخنثا، كما لم يكن جبارًا ولا طاغية، وأنقذ المسلمين من إبادة تامة في ذلك الموقف، ووصل لنا هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم – حتى وصل عدد المسلمين اليوم مليار ونصف، كل ذلك جاء من الموقف النبيل لسيدنا علي بن أبي طلب الذي رسم لكل فارس نبيل حدوده في الامتثال لطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى الدكتور على جمعة، قصة سيدنا خالد بن الوليد – سيف الله المسلول – الذي عزله سيدنا عمر بن الخطاب عن القيادة العامة للجيوش الإسلامية، فامتثل سيدنا خالد لأوامر القيادة التي أمرته بذلك، وحارب في سبيل الله جنديا عاديا؛ لأن الدنيا كانت في أيديهم لا في قلوبهم، كما لم يكونوا أصحاب أجندات يخدمون بها أعداء الله، وهم جاهدوا في سبيل الله دون غيره. وأكد المفتى أن الطاعة جزء لا يتجزأ من بناء الفارس النبيل، كما أن العفو والصفح جزء لا يتجزأ مع حاطب بن أبي بلتعة، الذي وبخه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وعفا عنه، في حين دعا عمر بن الخطاب إلى قتله: " يا رسول الله اتركني أقتل هذا المنافق" وذلك لخطورة الفعل، فرفض رسول الله: " لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم إني قد غفرت لكم" فأسس رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أن الحسنات يذهبن السيئات، وليس العكس أن السيئات هي التي تحطم الحسنات. ودعا د.جمعة المسلمين إلى أن تكون الحسنات هي التي تذهب السيئات والإبقاء على الرموز التي انتصرت والتي ضربت والتي فعلت وفعلت ولا تجعلوا السيئات وإن وجدت وإن كبرت تقر على الحسنات بالبطلان، إنه نفس الفارس النبيل وعقله، وتعليم سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أن نلتفت إلى قابل الأيام، وان نتجاوز عما يلقيه علينا اليمين واليسار، " فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير".