أبرزت صحيفة "الجارديان" البريطانية دلالات عزوف الناخبين المصريين عن التوجه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية, التي انطلقت منذ 18 أكتوبر . وقالت الصحيفة في تقرير لها في 22 أكتوبر إن هذا العزوف غير المسبوق يشير إلى أن النظام الحالي في البلاد بدأ يفقد شعبيته, وأن المصريين أصابهم اليأس, وباتوا على قناعة أن الأمور ستبقى كما هي. وأضافت الصحيفة أن هذه الانتخابات لم تشكل أهمية بالنسبة للمصريين, لأنهم يعتقدون أنها شكلية, وتهدف فقط لإظهار أن مصر بها انتخابات. ونقلت "الجارديان" عن أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حازم حسني, قوله :" إن الانتخابات تهدف فقط لإظهار صورة للديمقراطية, وإن البرلمان القادم سيكون أداة بيد السلطة, وسيضمن إبقاء الأمور كما هي", حسب تعبيره. وتابعت الصحيفة أن أحزاب المعارضة غابت عن هذه الانتخابات, وأن تشكيلة البرلمان القادم هي بالأساس من المرشحين الفرديين. وأشارت إلى البرلمان القادم يتكون من 568 عضوا، منهم 448 عضوا ينتخبون على أساس فردي، و120 عن طريق القوائم، ويجوز للرئيس أن يُعين حوالي 5%. وكانت هيئة الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله" قالت أيضا إن البرلمان القادم في مصر سيكون شكليا, وأداة في يد السلطة, ولن يقوم بدوره التشريعي, خاصة فيما يتعلق بتغيير القوانين المقيدة للحريات, حسب تعبيرها . وأضافت "دويتشه فيله" في تقرير لها في 21 أكتوبر أن عزوف الناخبين المصريين عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية, لم يكن مفاجئا لكثيرين, بالنظر إلى ما سمته انزلاق البلاد إلى "القمع" بشكل غير مسبوق في تاريخها, حسب تعبيرها. وتابعت "اليأس انتشر بين المصريين, خاصة الشباب, بعد فشل ثورة 25 يناير 2011 في تحقيق أهدافها, والابتعاد عن الديمقرطية, وعودة الممارسات القمعية بشكل أعنف من السابق". وأشارت "دويتشه فيله" إلى أن الانتخابات البرلمانية في مصر , أجريت في ظل تزايد حالات الاختفاء القسري, بالإضافة إلى سجن النشطاء والمعارضين, على حد قولها. واستطردت "السلطات المصرية ادعت أن الانتخابات البرلمانية هي الخطوة النهائية في تحول مصر نحو الديمقراطية, إلا أن العكس تماما, هو الذي يحدث, حيث تنزلق البلاد إلى القمع أسوأ من أي وقت مضى", حسب تعبيرها. وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قالت أيضا إن الانتخابات البرلمانية, التي انطلقت في مصر منذ 18 أكتوبر, وكان من المتوقع أن تعزز القبضة السياسية للنظام الحالي في البلاد, أظهرت إقبالا ضعيفا. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 21 أكتوبر أن السلطات المصرية ادعت أن هذه الانتخابات هي الخطوة الأخيرة للانتقال للديمقراطية, في إطار "خارطة الطريق", التي تم وضعها بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وتابعت الصحيفة أن عزوف الناخبين عن التوجه إلى صناديق الاقتراع يدحض مثل هذا الادعاء, ويظهر عدم وجود حماس شعبي لرؤية النظام الحالي في البلاد. وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن النظام المصري طالما أشار إلى وجود تأييد شعبي واسع لسياساته, إلا أن تدني الإقبال في الانتخابات البرلمانية, وعزوف الشباب عن المشاركة فيها, يشكك في صحة هذا الادعاء, حسب تعبيرها. وتابعت أن ما يزيد من المأزق, الذي تعيشه مصر, أن مناشدة السلطات للشباب للمشاركة في هذه الانتخابات, لم تجد أي استجابة, واقتصر الإقبال الضعيف على كبار السن. وكانت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر, التي انطلقت في الخارج في 17 أكتوبر وفي 18 أكتوبر في الداخل, شهدت إقبالا ضعيفا على التصويت, مع غياب ملحوظ لفئة الشباب. وأجريت انتخابات الداخل على يومين, وجاء اليوم الثاني على غرار اليوم الأول فيما يتعلق بضعف الإقبال, على الرغم من الإجراءات الحكومية لحمل الناخبين على التصويت. ورصدت وكالة "رويترز" التي زار مراسلوها مراكز الاقتراع في 18 و 19 أكتوبر إقبالا ضعيفا, "على عكس الصفوف الطويلة التي شهدتها لجان الاقتراع في انتخابات عام 2012", التي أجريت بعد ثورة يناير 2011. وقالت الوكالة إن أغلب الناخبين من كبار السن ومؤيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأفادت وكالة "الأناضول" بأن العديد من مراكز الاقتراع تأخر فتحها عن موعدها في التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي، وأن الإقبال كان ضعيفا في كافة محافظات المرحلة الأولى وعددها 14 محافظة. وقد سبب الإقبال الهزيل في اليوم الأول صدمة لدى المسئولين ووسائل الإعلام الموالية للنظام، وهو ما دفع أجهزة الدولة إلى اتخاذ إجراءات مختلفة -بعضها عقابي- لحمل الناخبين على التصويت. فقد أعلنت اللجنة العليا للانتخابات تفعيل قرارها بتجميع أسماء المتخلفين عن التصويت، وإحالتها إلى النيابة لدفع غرامة مالية قدرها خمسمئة جنيه (62 دولارا تقريبا). وقرر رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل منح العاملين في الحكومة والقطاع العام عطلة نصف يوم "لتمكينهم من الإدلاء بأصواتهم في اليوم الثاني والأخير للمرحلة الأولى من الانتخابات"، بحسب بيان من رئاسة مجلس الوزراء. وقالت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن نسبة المشاركة في اليوم الأول لم تتجاوز 4%.