أبدى الأكاديمي اللبناني فواز جرجس, أستاذ العلاقات الدولية ومدير مركز الشرق الأوسط في جامعة لندن, عدم استغرابه من تباين مواقف الدول العربية فيما يتعلق بالتدخل العسكري الروسي في سوريا, حيث رفضت السعودية وقطر هذا التدخل, فيما أيدته مصر والعراق, على حد قوله. وقال جرجس في تصريحات ل"الجزيرة" إن المواقف العربية منذ بداية الأزمة السورية, شهدت خلافات جذرية ظهرت جليا في الجامعة العربية، فكان هناك محور السعودية وقطر, الذي يحمَّل نظام بشار الأسد الكارثة, التي حصلت في سوريا, ويعتبر رحيله المخرج الوحيد للأزمة، والمحور الثاني المضاد, الذي يضم الجزائر والعراق ومصر, والذي كان منحازا لنظام الأسد, وإن كان على استحياء وقتها, لوجود مؤشرات حول قرب سقوط الأسد, حسب تعبيره. وتابع " التدخل الروسي في سوريا جعل المواقف العربية واضحة، وأصبحت مصر تقود المحور الثاني، وترى أن السيادة تتمثل في الدولة السورية والجيش، مع خوف من المعارضة السورية, خاصة الإسلامية منها". وأشار جرجس إلى أن هدف التدخل الروسي واضح للغاية، وهو مساعدة الرئيس السوري بشار الأسد على البقاء في السلطة، ومساعدة الجيش النظامي السوري في ثلاث محافظات, هي حمص وإدلب وحماة, أحرزت المعارضة فيها إنجازات كبيرة خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن روسيا لا تميز بين كتائب المعارضة السورية المختلفة, وتعتبرها جميعا إرهابية. وبالنسبة لفكرة وجود تفاهم أمريكي روسي على الضربات الروسية، استبعد جرجس هذا الأمر, ولكنه قال إن هناك مخاوف أمريكية روسية مشتركة من أن يؤدي سقوط نظام الأسد إلى انهيار الدولة السورية، أو أن تغير المعارضة الإسلامية وجه المشرق العربي. وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية شككت في إمكانية أن تحقق روسيا إنجازا ملموسا يحول مسار الحرب الأهلية المستمرة منذ 4 سنوات في سوريا. ونقلت الصحيفة في تقرير لها في 4 أكتوبر عن محللين قولهم : "إذا لم تعزز موسكو مشاركتها العسكرية المحدودة المقتصرة على العمليات الجوية فمن المرجح ألا يكون لها دور مؤثر في الحرب". وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الروسي يمتلك معدات قديمة، كما أن شريكه الجيش السوري منهك وضعيف وغير مدرب جيدا، فضلا عن أن معظم الجمهور الروسي لايفضل إطالة أمد الصراع. ونقلت الصحيفة عن إيفجيني بوجينسكي، الجنرال المتقاعد بالجيش الروسي، قوله: "روسيا خاضت حروباً برية صغيرة في السنوات الأخيرة، لكن هذه هي المرة الأولى التي تتبع فيها الولاياتالمتحدة, القصف من الجو لإلحاق أكبر ضرر ممكن هي تكتيكات خاصة بالولاياتالمتحدة". كما نقلت الصحيفة عن رسلان باخوف، الخبير في شئون الدفاع ومدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات بموسكو، قوله: "نحن في الأساس مبتدئون في هذا النوع من الحروب. وعندما تكون مبتدئا، سترتكب بعض الأخطاء نأمل ألا تكون قاتلة، ولكن من الواضح أن هناك خطر وقوع إصابات". وفي 5 أكتوبر, دعا 41 فصيلا سوريا مسلحا معارضا دول المنطقة الداعمة للثورة في سوريا إلى تشكيل تحالف مضاد للتحالف الروسي الإيراني الذي وصفته بالمحتل لسوريا، وتعهدت بمقاومته. وقالت الفصائل في بيان -ومن أبرزها حركة أحرار الشام والجبهة الشامية وجيش الإسلام وجيش المجاهدين وحركة نور الدين زنكي- إن الواقع الجديد الذي فرضه التدخل العسكري في سوريا لدعم نظام بشار الأسد يحتم على دول الإقليم عامة والحلفاء خاصة المسارعة إلى تشكيل حلف إقليمي في وجه الحلف الروسي الإيراني. ووصف البيان التدخل العسكري الروسي بأنه احتلال غاشم قطع الطريق على أي حل سياسي، محذرا من أن هذا التدخل سيزيد العنف والإرهاب. وكان سلاح الجو الروسي بدأ في مطلع أكتوبر غارات جوية استهدف معظمها مواقع للمعارضة السورية المسلحة، بما فيها فصائل الجيش الحر، في محافظات بوسط وشمال سوريا، مثل حمص وحماة وإدلب. وقالت موسكو بداية إن تدخلها يستهدف تنظيم الدولة، لكنها أوضحت بعد ذلك أن عملياتها ستستهدف أيضا جماعات "إرهابية" أخرى, في إشارة إلى الفصائل التي تُصنف إسلامية على غرار حركة أحرار الشام والجبهة الشامية، بالإضافة إلى جبهة النصرة. وفي بيانها , قالت الفصائل السورية المسلحة إن أي قوات احتلال في سوريا تعد أهدافا مشروعة لها، وأكدت تمسكها بوحدة الأراضي السورية، ورفضها أي مشروع تقسيمي من قبل نظام الأسد, ومن وصفهم البيان "بأسياده". وخاطبت هذه الفصائل المعارضة الشعب السوري بالقول إن الحرب القادمة هي حرب تحرير الأرض السورية مما وصفته بالاحتلال الروسي والإيراني، ودعت كل "الفصائل الثورية المسلحة" إلى توحيد الصف والكلمة. وقالت إن الغرض من التدخل العسكري إنعاش النظام السوري بعد "موته سريريا"، وبعدما باتت هزيمته وشيكة. واتهم البيان روسيا بقتل عشرات المدنيين بارتكاب مجزرة في ريف حمص (وسط سوريا) راح ضحيتها نحو خمسين مدنيا. وحسب "الجزيرة", وصف البيان أيضا حكومة الأسد بأنها "حكومة فاشية عميلة" استجلبت قوات محتلة إلى سوريا للمرة الثانية (الروس بعد الإيرانيين)، وحذرت جميع الأطراف من أن تتحول لشريكة في احتلال سوريا من الروس والإيرانيين.