ما أن أعلن رئيس الوزراء اليمني الجديد محمد سالم باسندوة عن تشكيل حكومة الوفاق الوطني , إلا وحذر كثيرون من أن مهمتها لن تكون سهلة في إعادة الاستقرار للبلاد , خاصة وأن هناك اتهامات متزايدة للرئيس علي عبد الله صالح بالسعي لإشعال الأوضاع الأمنية للالتفاف على المبادرة الخليجية التي فرضت عليه التخلي عن صلاحياته لنائبه عبدربه منصور هادي. وكان باسندوة أعلن في 8 ديسمبر أنه جرى الاتفاق على جميع الأسماء في الحكومة التي تشمل 34 وزيرا تتقاسمها المعارضة مع حزب المؤتمر الشعبي الحاكم بواقع 17 وزيرا لكل منهما . وعلى الفور ، قلل الثوار في ساحات التغيير والحرية من أهمية تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وأكدوا أنهم باقون في الساحات حتى تحقيق جميع أهداف ثورتهم والاقتصاص لمن وصفوهم بشهدائها. وقال الشباب في ساحات 18 محافظة يمنية إن ما يقوم به الساسة لا يهمهم، وإنهم اعتصموا منذ عشرة شهور لإسقاط النظام بكامله لا لإسقاط علي عبد الله صالح فحسب، وتعهدوا بالبقاء في الساحات حتى تحقيق جميع مطالب ثورتهم والوفاء لدماء من وصفوهم بالشهداء. ويبدو أن أحداث العنف التي وقعت في تعز وصنعاء بعد توقيع صالح المبادرة الخليجية أواخر نوفمبر الماضي ضاعفت من شكوك الثوار في ساحات التغيير إزاء احتمال تخلي الحزب الحاكم عن الاستحواذ بالسلطة لحكومة الوفاق الوطني . ففي صنعاء , تجددت الاشتباكات بين قوات صالح من جهة وقوات مؤيدة للثورة بقيادة اللواء المنشق على محسن الأحمر ومجاميع قبلية من أنصار الزعيم القبلي صادق الأحمر من جهة أخرى. وفي تعز، لقي أكثر من ثلاثين شخصا مصرعهم في الأيام الماضية في قصف لأحياء سكنية وإطلاق نار على متظاهرين أنحى فيه باللائمة على القوات الموالية لصالح. ورغم أنه تم تشكيل لجنة تهدئة محلية للإشراف على إنهاء المظاهر المسلحة في تعز , إلا أن مصادر يمنية مطلعة أشارت إلى صعوبات تواجه عمل اللجنة بسبب عدم انسحاب قوات من الحرس الجمهوري يقودها أحمد نجل الرئيس صالح من تلال المدينة . وبصفة عامة ، فإن حكومة الوفاق الوطني التي يفترض أن تقود اليمن إلى إجراء انتخابات رئاسية حدد موعدها نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي بالحادي والعشرين من فبراير المقبل , لن تستطيع بسهولة استعادة الأمن وتوفير الخدمات الأساسية ، خاصة في ظل انتشار الفساد وانخفاض الموارد النفطية ، بالإضافة إلى ما يوجه لها من اتهامات بأنها تضم وزراء من الحزب الحاكم حرضوا على قتل الثوار . وأمام ما سبق , فإن بقاء عشرات الآلاف من الثوار في ساحات التغيير يبدو أنه الضمان الوحيد لتحقيق أهداف الثورة اليمنية التي انطلقت في فبراير الماضي.