... هل فقدت كلمة الفلول معناها ومغزاها,ولو فتشت في الحقيقة فستجد أن من ينطبق عليه لفظ الفلول بالملايين,ولو الثورة قامت لتطهير مصر من الفساد,فتلك غاية نبيلة نسأل العلي القدير أن يحققها,أما لو ظلت الثورة وظل ثوار من بين الثوار يفتشون في النوايا والتواريخ., فيا عزيزي كلنا مستور بفضل رب ستير,وهم بهذا يريدونها تطهيرا عرقيا وليس تطهير فساد,وفرق شاسع بين الإرادتين.وأمس شاهدت شابين من طليعة الثوار الأحرار الذين رفضوا السكوت وخرجوا ضمن مائة ألف رائعين صبيحة يوم الخامس والعشرين من يناير, وصدمني كلامهم وسبهم وانتقادهم منفلت العيار لكل شخص على الساحة,والتجريح كان الغالب على الكلام,و وحدهما كانا الطاهرين المنزهين,مع أن أحدهما عمه هو أول من همس في أذن جمال مبارك و وسوس له بفكرة التوريث,ولكن أيضا أكاد أسمعك تقول:و ما المشكلة فقد كان أبو لهب عم خير البشر صلى الله عليه وسلم,وصدقت وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم,ولكن الرسول أيضا علمنا كيف نبغض البذاءة ومبدأ الاطلاع على ما في الصدور,و عندنا في الصحيح من القول:أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن باللعان ولا الشتام ولا الفاحش ولا البذيء,وهذه المبادئ تناقلتها الأجيال,وكنا نحفظ صغارا عند تدريبنا على كتابة موضوعات التعبير بيت شوقي المبني بطوبة من ذهب و طوبة من فضة: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا. الأمم الأخلاق,وبالأخلاق تعمر البلاد ويمتلأ البيت بالدفء في ليالي الشتاء,وبالتجريح تمزق مصر وتصير ميادين وشوارع دموية,وائتلافات بعضها يزايد على بعض وليس بينهم مجال للفخر غير المعايرة بتاريخ المواقف.ويكفيك زيارة لأي جريدة على الإنترنت-اللهم إلا بعض المواقع المحترمة- واقرأ اي خبر وليكن عن المجلس العسكري أو البرادعي أو ستة أبريل أو الإخوان المسلمين,وستفاجأ بمقدار مرعب من البذاءة يكفي لهدم البلاد. ونقل الأديب العالم ابن قيم الجوزية في كتابه الفوائد عن ابن مسعود عبارة مدهشة تلخص كل ما أرغي وأزبد فيه من مقال,يقول ابن مسعود:"يكون في آخر الزمان قوم أفضل أعمالهم التلاوم بينهم".يعني لا شغل لديهم ولا مشغلة لهم غير توزيع اللوم والمعايرة والهجوم بعيوب الآخرين.يرون الغبار على وجوه الناس,بينما الرماد يعفر أفواههم التي ينفخون بها في الجير الحي والفحم المشتعل. قبل أسبوع امتلأ التحرير وبمقابله احتشد الآلاف في العباسية,الأولون يطالبون بدم الشهداء وانتقال السلطة من العسكر إلى مجلس رئاسي,والآخرون ينشدون الاستقرار وتسيير الحال وتأكيد الثقة بالمجلس العسكري,أهل التحرير يهتفون ضد المشير ويطالبونه بالرحيل,وأهل العباسية يهتفون للمشير وللمجلس ويطالبون المؤسسة العسكرية بحفظ مصر,وهذه وتلك وجهتا نظر,وكل منهما لها أسباب و أهداف,والكل مصريون .أخطأوا أو أصابوا فهم مصريون.وكل شيء يمكن أن يكون مقبولا,أما غير المقبول والمرفوض هو المغالاة والاتهام بالعمالة مقابل الخيانة,وبالكرامة مقابل لقمة العيش.افعلوا ما شئتم لكن لا مكان للردح على الهواء,فالهواء بات يكره روائح كل فم يملؤه بالبذاءة. [email protected]