كتب - د. حمدي عبدالعظيم: يخطئ من يظن أن الجهاد ضد الفساد, أو ضد نظام الحكم الظالم أفضل من العمل والإنتاج, والسعي لطلب الرزق الحلال, وقد روي أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان يقدم درجة الكسب علي درجة الجهاد فيقول: لأن أموت بين شعبتي رجلي أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله أحب إلي من أن أقتل مجاهدا في سبيل الله) لأن الله تعالي قدم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله علي المجاهدين بقوله تعالي: وآخرون يضربون في الأرض( سورة المزمل آية20). وقد روي ابن مسعود( رضي الله عنه) عن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) أنه قال: طلب الكسب فريضة علي كل مسلم, وفي رواية قال: طلب الكسب بعد الصلاة المكتوبة هي الفريضة بعد الفريضة, وقال أيضا( صلي الله عليه وسلم): طلب الحلال كمقارعة الأبطال, ومن بات كالا من طلب الحلال بات مغفورا له, وفي الجامع الصغير بلفظ طلب الحلال جهاد. وقد بين رسول الله( صلي الله عليه وسلم) فضل العمل علي الجهاد بقوله: الجهاد عشرة أجزاء, تسعة منها طلب الحلال رواه الديلمي ويستفاد من ذلك أنه بالكسب الناتج عن العمل يتمكن الإنسان من أداء جميع أنواع الطاعات من الجهاد, والحج, والصدق, وبر الوالدين, وصلة الأرحام, والإحسان إلي الأقارب والأجانب, وفي التفرغ للعبادة لا يتمكن إلا من أداء بعض الأنواع كالصلاة والصوم, كما أن العمل والكسب الحلال يكفران الذنوب لقوله( صلي الله عليه وسلم): إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصوم ولا الصلاة, قيل فما يكفرها يارسول الله؟ قال: الهموم في طلب المعيشة, وقال أيضا: أفضل الأعمال الاكتساب للإنفاق علي العيال. فليهدأ الثوار لينالوا ثواب العمال بعد أن تحققت المطالب والآمال.