يوم أمس كان المشهد أمام لجان الاقتراع "مُفرحا".. الإقبال على التصويت فاق نظيره فى استفتاء 19 مارس الماضى.. قنوات فضائية دولية وعربية نقلت بالصوت والصورة، الطوابير الممتدة أمام اللجان.. تلون المشهد بألوان الطيف الوطنى المصرى "الأصلى".. من فلاحين وعمال وحرافيش وصنيعية وأفندية وبهوات ونساء ريفيات تعطرن بعبق الأرض ونوار القطن ونقاء القرية.. وفتيات الطبقة الوسطى وسيدات المجتمعات المخملية.. استعاد الجميع "سندات" ملكيتهم للوطن من واضعى اليد عليه.. ومحترفى السياسة ونجوم قعدات "السواريه" الليلية على فضائيات الفتن السياسية. يوم أمس انتصرت الثورة، وحجزت مصر مكانها فى عالم "الأحلام".. يوم أمس شرعت البلاد فى "كنس" السلم، وهى الخطوة التى كان يخشاها الفلول "المعششة" فى مؤسسات مالية وإعلامية وسياسية وأمنية، ظلت، على مدى الشهور العشرة الأخيرة، تفتعل الأزمات وتثير الفتن وتزرع "العبوات الناسفة" فى طريق التحول الديمقراطى فى مصر. من اليوم ليس بوسع أحد إلا أن يشعر بأن مصر حقا تتغير، ستمسى بلدا آخر.. لأول مرة يستظل المصريون ببرلمان "أصلى" وليس "تيوانى".. برلمان وطنى وديمقراطى تديره الأيادى المتوضئة، وليست أيادى "طويلة" وكروش واسعة وحسابات بنكية تضخمت من أموال ودماء وصحة هذا الشعب. يوم أمس انتصرت الثورة.. هذا صحيح.. غير أن آخر معاقل "الفلول" لم تسقط بعد.. وستظل بؤرة لتصدير الأزمات وصناعة الفتن.. إلا أنها ستظل "حلاوة روح".. ولن تضر الثورة إلا "أذى".. لن يحتاج ثوبها الأبيض، كما احتاج فى أيامه البكر، إلى أن يُغسل سبع مرات إحداها بالتراب. أعلم أن يوم أمس كان أول أيام "قيامة" الفلول.. فوقت الحساب وفتح الدفاتر قد اقترب.. لم يعد لشرعية "الطبطبة" مكان فى دولة "المساءلة".. فالكل سيكون أمام القانون سواء.. المسألة ليست "قدرية" وإنما تخضع لقانون السُنن الاجتماعية التى هى من سنن الله.. و"لن تجد لسُنة الله تبديلا". كلما اقترب يوم "اكتمال القمر".. كلما هاجت القلوب المرتعشة وأصحاب الأيادى الملوثة ولصوص المال الحرام وزبانية التعذيب الهاربين من العدالة.. وقد نرى فتنة هنا أو أزمة هناك.. ولكنها كما قلت محض "حلاوة روح". لن تدير مصر وجهها إلى حيث كانت قبل 25 يناير.. مصر يشرق اليوم نهارها.. ويدبر ليلها.. لن تعبأ بتخرصات "المرجفين" من الفلول.. وعيونها لن تلتفت إلا إلى المستقل.. تُقبل عليه وتيمم شطرها نحوه.. وهى ضاحكة مستبشرة.. وليس بوسعنا اليوم إلا أن نقول: "مبروك لمصر فى عيدها الأول". [email protected]