ليس من المستغرب أن نرى المشهد السياسي في مصر وكأنه يسير نحو ضبابية يحاول البعض أن يفتعلها أو يصنعها مستخدما أدوات شتى منها إعلام مأجور ، ورأسمال موجه ، وبعض أدوات النظام السابق ، وكلها تدفع نحو تأبين الثورة ، والدفع بمطالبها نحو الاحتواء النظري بعيدا عن التطبيق . وعبر مشاهداتي وتحليلي للمشهد الذي يحاول الدفع بالسلطة العسكرية نحو الهيمنة على الدولة بعد أن فشل البعض في تحقيق أهدافه ، وخاصة بعد مشهد الانتخابات في تونس والتي أظهرت تفوق حزب النهضة على باقي الأحزاب ، واقترابه من تشكيل الحكومة ، دفع هذا معظم القوى الرافضة لأي ظهور اسلامى حتى وإن كان معتدلا ، إلى الإعلان عن نيتها عبر تسليم السلطة للمؤسسة العسكرية طالما أنها لم ولن تحقق ما تريده . وعبر محاولات شتى لكافة الأطراف ذات التوجهات والرؤى العلمانية التي تتوجس خيفة من أصحاب الرؤى الإسلامية ، والخوف من تمكن تلك القوى الإسلامية من الهيمنة على مقاعد البرلمان القادم عبر انتخابات حرة ، مما جعل تلك النخب العلمانية تتبع أسلوبا آخر بعيدا عن الثقة في رأى الشعب ، ألا وهو أسلوب الوصاية ، عبر وثيقة تم الترويج لها من قبل تلك الأطراف ومن خلال تزكية من قبل الحكومة المصرية المؤقتة ، وبالتالي أطلق عليها وثيقة السلمي ، إشارة إلى نائب رئيس الوزراء المصري الدكتور "على السلمي " ، ومن خلال رفض معظم القوى الثورية لتلك الوثيقة ، والتي تعطى سلطة ذات طابع ديكتاتوري تسلطي ، يجعل من الجيش نموذجا للهيمنة على الشعب بل على الحكومة المنتخبة ، إضافة إلى صلاحيات أخرى فيما يتصل بالموازنة العامة للدولة ، دون رقابة مباشرة عليه من قبل أية أطراف ومنها مجلس الشعب المنتخب . لقد كان التعامل الشعبي والثوري مع تلك الوثيقة وكالعادة عبر مليونية جمعت كافة القوى والأطراف الرافضة لها وعلى رأسها الأحزاب ذات الرؤى الإسلامية، وكانت الرسالة واضحة إلى المجلس العسكري عبر ما شهده ميدان التحرير يوم الجمعة 18/11/2011 من خلال تلك الحشود المليونية في ميدان الثورة بالتحرير . وفى ضوء ذلك المشهد علينا أن نعلن أن من قام بالثورة يجب أن يحافظ عليها ، وأن الشعب هو الوصي وليس غيره من فرق أو جماعات أو مؤسسات عسكرية وغير عسكرية .