شهدت أروقة هيئة الاممالمتحدة منذ أيام ( 27 يناير الماضى ) أول احتفال تقيمه الهيئة الدولية بمناسبة اليوم العالمى لاحياء ذكرى ضحايا محرقة اليهود ( الهولوكوست ) فى معسكرات الاعتقال النازية عام 1944 ، حيث شاركت فى الاحتفال حوالى 2000 شخصية من ممثلى الدول الأعضاء فى المنظمة وعدد من اليهود الناجين من المحرقة وممثلون عن كثير من المنظمات ، وكانت جمعية الاممالمتحدة العامة فى دورتها الحالية اعتمدت قرارا بالاجماع فى نوفمبرالماضى لاعتبار يوم السابع والعشرين من شهر يناير من كل عام يوما عالميا لاحياء ضحايا المحرقة ، ورفض قرار الجمعية العامة أى نكران لحدوث المحرقة ، معتبرا اياها حدثا تاريخيا . وفى احياء الذكرى الأولى لليوم العالمى لضحايا الهولوكوست ، تنظم دائرة الأممالمتحدة للاعلام مجموعة من النشاطات من بينها عقد الندوات لمناقشة المحرقة وتنظيم أمسيات لاضاءة الشموع من أجل الضحايا ، وتستضيف دائرة الاعلام معرضا عن ضحايا المحرقة استعارته من المتحف الاسرائيلى التاريخى عن الهولوكوست . * * * تلك هى ذروة جهد صهيونى مكثف ودؤوب لارغام العالم كله دولا وشعوبا ومنظمات وأفرادا ، على الاقرار بمآسيهم والاحترام لمشاعرهم ، والاعتذار والتعويض عن أقل أذى يوجه اليهم ولو كان كلمة عابرة . ويدهش أى دارس للحركة الصهيونية التى لايزيد عمرها عن أكثر من 150 عاما وكذلك الدولة الصهيونية ، من عدد المنظمات والمراكز التى أنشأتها الحركة والدولة لهذا الغرض فى مختلف أنحاء العالم والتمويل والدعم الذى توفر لها ، والسطوة والنفوذ الذى نجحت فى تأسيسه ، حتى استطاعت تركيع أوروبا كلها اعترافا بالذنب وتقديما لأكبر التعويضات ، ومسارعة للتأييد والدعم العسكرى والمالى والسياسى للدولة العبرية ، ، بل لقد استطاعت عبر ضغوط هائلة ارغام الفاتيكان على الغاء جزء أساسى من عقيدة المسيحيين التى تحمل كل أجيال اليهود ذنب مايزعمونه من صلب السيد المسيح عليه السلام . لقد كان " اليهودى " فى التراث الأوروبى ولقرون عديدة رمزا لأبشع الصفات ، وهدفا لكل نفور واحتقار ، لكن المنظمات الصهيونية استطاعت ارغام أوروبا كلها على ايقاف كل ذلك بل وتجريم فاعله ، وتنقية مناهجهم الدراسية ولغة خطابهم اليومية ، بل أجبروهم على تغيير قواميس لغاتهم والغاء ما يحقر اليهودى أو يصمه بفاحش الصفات ، وتوجد اليوم منظمات صهيونية ، ترصد كل حرف يكتب أو برنامج اذاعى أو تليفزيونى يبث أو كتاب يصدر ، حتى لايكون فى أى من ذلك مايمس اليهود أو الصهيونية ، حتى أن الأوروبى أو الأمريكى ليستطيع اليوم ، أن ينكر وجود الله أو يطعن فى الدين ويستعلن بالالحاد ، لكنه لايستطيع أن يمس قدسية المحرقة ( الهولوكوست ) ولا أن ينكر أيا من تفاصيلها دون التعرض لعقوبات وملاحقات تدمر حياته . * * * وليس بخاف على أحد أن تعرض أى رئيس أو زعيم لليهود أونقده لما يتعلق بهم ، كما فعل رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد والرئيس الايرانى محمود أحمد نجاد ، أو تهجم وسيلة اعلامية على الصهيونية أو مقتل اسرائيليين ، فإن ذلك يستجلب على الفور سخطا وتنديدا عالميا يبدا بالرئيس الأمريكى بوش والخارجية الامريكية وينتهى بأصغر دول أوروبية ، أما اذا حدث ذلك ضد الاسلام والمسلمين فان أحدا من هؤلاء لايتحرك ولاينطق ولايلقى لذلك بالا على الاطلاق ، واذا فعل اليهود كل ذلك كما قال حاخام اسرائيلى ان العرب أفاعى وجراثيم تجب ابادتهم ، أو كما طالب عضو الكنيست الاسرائيلى ايفى ايتام بضرورة تصفية كل ممثلى حماس فى البرلمان الفلسطينى ، فأن أحدا من المسؤولين الأمريكيين أو الأوروبيين لايستنكر ولايحتج !؟ بل هاهى المجازر الدموية التى تحصد الفلسطينيين صباح مساء ، وفرق الاغتيالات وتدمير البيوت واجتياح المدن وتعذيب الآلاف من المعتقلين فى السجون الاسرائيلية لانسمع ضدها أى احتجاج سوى أن على الفلسطينيين نزع سلاح المقاومين وايقاف الارهاب !؟ . * * * هذا مايفعله 12 مليون يهودى ولايستطيعه 1200 مليون مسلم ، أسوقه للأخوة الذين لم يرق لهم قيام الناس فى مختلف أنحاء العالم العربى والاسلامى بمقاطعة المنتجات الدنماركية والنرويجية ، كرد فعل طبيعى لاستيائهم من التهجم البذىء الفاحش على نبى الهدى والرحمة صلوات الله وسلامه عليه ، فكيف يكون رأى هؤلاء الأخوة لو تبنت الحكومات لهذه المقاطعة ولو سحبت سفراءها كما فعلت المملكة العربية السعودية ؟ لقد حاول السفراء العرب والمسلمون فى كوبنهاجن علاج الأمر مع رئيس وزراء الدنمارك فرفض استقبالهم ولايزال مصرا على عدم الاعتذار عما حدث ، وحاول مسلمو الدنمارك لعدة شهور علاج الأمر فلم يستمع اليهم أحد ، فهل نستكثر على الأمة حقها حتى فى أقل ردود الفعل ضد هذا العمل الشنيع . * كاتب و صحافي سعودي فاكس : 6530693 – 02 البريد الالكترونى : [email protected]