أعربت "الجماعة الإسلامية" عن رفضها بشدة لوثيقة المبادئ الدستورية التي أعلنها الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء الثلاثاء الماضي، ورأتها محاولة لفرض الوصاية على البرلمان المقبل الذي من المفترض أن يتولى اختيار اللجنة التأسيسية التي ستتولى صياغة الدستور الدائم للبلاد. وقال الشيخ عبود الزمر القيادي البارز بالجماعة الإسلامية، إن الوثيقة ألغت بجرة قلم دور البرلمان القادم كمجلس تشريعي وحولته إلى مجلس تنفيذي وصادرت نتائج الانتخابات المرتقبة من خلال فرضها اختيار 80 عضوا من اعضاء الجمعية التأسيسية من خارج المجلس الذي سيتم انتخابه. ورأى أن هذه الوثيقة تفرض نوعًا من الوصاية علي الشعب المصري بعد أن نجح في ثورة 25 يناير في إنهاء صفحة سوداء في تاريخ مصر وتمكن خلال فترة قصيرة من تفكيك أحد أكثر الأنظمة قمعا وديكتاتوريا لكن يبدو أن هناك متربصين بثورة هذا الشعب ورغبة في التعامل معه بأقصى درجات الازداء، على حد قوله. وأضاف: الوثيقة تقدم دليلاً لا يقبل الشك على أنه لا يزال فلول النظام وبقايا فكر الاستبداد والقمع الذي اتسم به عقد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك مسيطرًا على المشهد السياسي، مطالبا المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن يناى بنفسه عن أي خطوة تضعه محل شك أو تخصم من رصيده وشعبيته أمام الجماهي، وأن يقوم بتبني موقف حازم وصريح من هذه الوثيقة، باعتبارها مجرد "مقترح" كغيره من مقترحات يدرسها البرلمان القادم وليست ملزمة له. وأعرب عبود عن ثقته بأن البرلمان القادم سيتعامل مع دور القوات المسلحة بمنتهي الحكمة والتعقل وأن الدستور القادم سيضمن دورا للقوات المسلحة فما يتعلق بصيانة الدستور وحماية الشرعية، فضلا عن الحق في صياغة تشريعات داخلية خاصة به، ومنها ضرورة إعطائه الحق الأكبر في إعلان حالة الحرب، خاصة وأن فرض الحرب على المؤسسة العسكرية أمر يخالف أبسط قواعد المنطق. وتحفظ بشدة على المادة التاسعة من الوثيقة التي تنص على "اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره بالنظر فى كل ما يتعلق بالشئون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم إدراجها رقمًا واحدًا فى موازنة الدولة، كما يختص دون غيره بالموافقة على أى تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره"، مبديًا رفضه لأي مادة شبيهة بهذه في أي من الوثائق القادمة أو عند وضع الدستور . وقال إنه يرفض فرض السرية علي ميزانية القوات المسلحة مقترحا خضوعها للرقابة من "لجنة حكماء" مكونة من شخصيات وطنية، أو أن يتم مناقشتها داخل لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان والتي تفضل أن يكون أغلب أعضائها من شخصيات ذات خلفية عسكرية، معتبرا أن هذا الأمر كفيل بإزالة أي شكوك متعلقه بهذه الميزانية. من جانبه، صرح الدكتور طارق الزمر المتحدث الرسمي باسم "الجماعة الإسلامية"، أنه تم الاتفاق على تنظيم مظاهرة مليونية في 18 من نوفمبر الجاري تأتي مطالبة المجلس العسكري بسحب الوثيقة الفوق الدستورية على رأس مطالبها، باعتبارها تأتي في قمة هرم الثورة المضادة، مع إقالة علي السلمي وتحديد جدول زمني لتسليم السلطة وإجراء انتخابات الرئاسة في أبريل المقبل. وأضاف أنه تم تشكيل لجنة لتحديد الإجراءات التصعيدية ودراسة الوضع عن كثب لمناقشة التطورات المقبلة وهذه اللجنة تضمه إلى جانب كل من دكتور وحيد عبد المجيد، وأسامة ياسين عن حزب "الحرية والعدالة"، وأحمد شاكر عن حزب "العدل"، وعصام سلطان نائب رئيس حزب "الوسط". ونفى الزمر أن تكون الحركة الإسلامية لها أجندة مع الجيش، أو أنها كانت تغازل الجيش من أول الطريق، لكنها كانت ترى الجيش ملتزما باستفتاء الشعب الذي أجراه في مارس لكن جاءت وثيقة السلمي مخالفة لكل الظنون. وشاطره الرأي الدكتور صفوت عبد الغني، وكيل مؤسسي حزب "البناء والتنمية"، والذي يرى بدوره أن ما تضمنته الوثيقة يعد بمثابة "انقلاب وخروج على قواعد الديمقراطية، لأن منح المجلس كل هذه السلطات يعتبر انقلابًا على الشرعية وعلى ثورة الشعب". وأضاف: حاولنا تطمين كل القوى لكن الاطمئنان لا يعني الإقصاء بالكامل وخاصة أن التيار الإسلامي عانى كثيرا من الإقصاء. وقال: إننا لم نكن يوما مع الجيش ولم نغازل يوما الجيش لكن الحركة الإسلامية كانت حريصة أبدا على الانتخابات فكان الخيار السلمي هو الخيار الاستراتيجي لإجراء عملية انتخابية وتكوين مجلسي الشعب والشورى واختيار حكومة ورئيسًا منتخبين.