نشرت مجلة إيكونوميست البريطانية الأسبوعية مقالاً بعنوان "أسوأ من مبارك" قالت فيه إن الرئيس عبدالفتاح السيسي أعاد النظام إلى مصر، لكن بتكلفة كبيرة، وأن ثمة شعورًا بالارتياح بين مؤيديه الآن يرجع إلى الشعار الذي يردده الموالون للحكومة: "أحسن ما نبقى زى سوريا والعراق". وقالت المجلة إن هناك ثمنًا فادحًا تدفعه مصر الآن مقابل هذا الشعور الوهمي بالارتياح، يأتي في مقدمته القمع المتواصل للمنتقدين وسجن آلاف المعارضين، سواء كانوا علمانيين أو إسلاميين، وقتل ما لا يقل عن ألف آخرين، مشيرة إلى أن العادات الاستبدادية جعلت مصر تشبه إلى حد كبير ما كانت عليه قبل الربيع العربي، حينما كان مبارك - الذي كان أيضًا رجلاً عسكريًا - يحكم البلاد بيدٍ من حديد. بل يقول كثيرون: إن القمع الآن أسوأ. ولفتت كذلك إلى قرار عدة أحزاب سياسية مقاطعة الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في شهر مارس، ثم إلى صدور حكم بعدم دستورية مواد قانون الانتخابات التي قال دستوريون إنها تهدف إلى تشكيل برلمان موالٍ للرئيس كي يستمر في الحكم بلا رادع. وأضافت المجلة البريطانية أن السيسي صوّر نفسه حاميًا لمصر فحوَّل منتقديه إلى أعداء للدولة مع غلق وسائل الإعلام المؤيدة للإخوان وامتناع معظم وسائل الإعلام الخاصة التي تسيطر عليها نخبة صغيرة عن انتقاد الحكومة، بل رددت وجهات نظرها. كذلك اعتبرت "إيكونوميست" أن خنق المجتمع المدني - بحسب تعبيرها - هو كذلك ثمن تدفعه مصر الآن مقابل الشعور بالارتياح من عدم الوصول لمصير سوريا والعراق، مشيرة إلى أنه لم يكن بأفضل حال في عهد مبارك حيث كانت منظماته تتعرض لضغط، وتم تجاهلها تمامًا في عهد مرسي، لكن في عهد السيسي "لا يوجد أمل"، على حد قول محمد زارع، من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذي انتقل معظم فريقه إلى تونس بعد تلقي تهديدات، بحسب ما نقلته المجلة. ووضعت المجلة في تقريرها كذلك قانون الإرهاب على قائمة الأثمان التي تدفعها مصر الآن، حيث قالت إنه حظر غامض الصياغة لمضايقة المنظمات غير الحكومية وحبس موظفيها. وأشارت إلى شكوى النشطاء من عدم وجود ضغط خارجي على السيسي، مؤكدة أن العديد من الحكومات الأجنبية تراه حصنًا ضد التطرف الإسلامي في المنطقة، لافتة إلى أن أمريكا التي يمكن أن تؤثر على الحكومة من خلال حجب المساعدات العسكرية، لا تزال ترسل الأسلحة. واختتمت "إيكونوميست" تقريرها بقولها: لا يجد المصريون الآن منافذ كثيرة لشكاويهم. في الماضي، حينما واجهوا هذا الظلم، وجد البعض في الوسائل العنيفة متنفسًا للتعبير عن آرائهم. والآن ازدادت وتيرة التفجيرات التي تنفذها الجماعات المتطرفة، لكنها منحت السيسي المزيد من المبررات لتشديد قبضته.