طالب مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة، النظام السوري، ب"التنفيذ الفوري لجميع قراراته السابقة المتعلقة بحماية المدنيين وايصال المساعدات الإنسانية". وفي الجلسة التي عقدها مجلس الأمن حول سوريا، تلا ناصر القدوة، وزير خارجية الأردن الذي تتولي بلاده الرئاسة الدورية لأعمال المجلس لشهر أبريل/نيسان الجاري، بيانا رئاسيا علي الأعضاء، قال فيه إن المجلس "يعرب القلق العميق ازاء التدهور الحاد والسريع للوضع الإنساني في سوريا، ويؤكد التزامه القوي بسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي سوريا وجميع الدول الأخرى المتضررة من النزاع".
وأشار البيان إلى أن "مصرع أكثر من 220 ألف شخص، من بينهم أكثر من 10 ألاف طفل منذ بداية النزاع؛ وإلى اضطرار نصف السكان للفرار من منازلهم، من بينهم أكثر من 3.9 مليون التمسوا اللجوء في البلدان المجاورة، وإلى وجود أكثر من 12.2 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى مساعدة إنسانية عاجلة بما في ذلك 440 ألف شخص من المدنيين في المناطق المحاصرة".
وطالب مجلس الأمن "جميع أطراف النزاع الداخلي السوري بوضع حد فوري لجميع أشكال العنف"، مضيفا: "يتعين علي جميع الأطراف في الصراع الداخلي السوري، وبخاصة السلطات السورية، أن تمتثل لالتزاماتها، الواجبة التطبيق بموجب القانون الدولي الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان".
ومضى قائلا إنه "يكرر مطالبته جميع الأطراف، وبشكل كامل وعلى الفور، بتنفيذ أحكام قراراته 2139 (2014)، 2165 (2014)، و2191 (2014)، ولا سيما من خلال تسهيل التوسع في عمليات الإغاثة الإنسانية، والتسليم الفوري للمساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة التي يصعب الوصول إليها، عبر الحدود وخطوط الصراع".
وأردف قائلا "مما يثير جزع مجلس الأمن أن الأزمة السورية أصبحت أكبر أزمة انسانية طارئة في العالم اليوم، وتهدد السلام والأمن في المنطقة مع آثار متباينة على الدول المجاورة، وندعو للتصدي لتزايد امتداد الصراع في سوريا إلى الدول المجاورة".
ولفت بيان المجلس إلى "أهمية الدعم الدولي والمنسق لدول الجوار التي تستضيف اللاجئين السوريين، بناء على طلبها، في معالجة الشواغل الأمنية المشروعة وضمان سلامة وأمن المجتمعات المضيفة واللاجئين، ومواجهة التطرف، من خلال جملة أمور منها توفير الدعم للإدارة الفعالة للحدود والتدابير الأمنية الداخلية".
وكرر بيان مجلس الأمن الإعراب عن تقديره العميق للجهود الكبيرة التي تبذلها دول المنطقة، ولا سيما لبنانوالأردن وتركيا والعراق ومصر، لاستيعاب اللاجئين السوريين، خاصة مع التكاليف الهائلة والتحديات المتعددة الأوجه التي تكبدتها هذه البلدان نتيجة للأزمة.
لكن البيان أعرب في نفس الوقت عن "قلق المجلس البالغ ازاء الآثار الاجتماعية والديمغرافية والبيئية والاقتصادية على البلدان المجاورة"، محذرا من "مخاطر حدوث مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة إذا لم يتم التصدي للصراع، ومعالجة أزمة اللاجئين واحتياجات البلدان المضيفة على نحو كاف".
وشدد على "أهمية تمويل الاستجابات الإنسانية والإنمائية لأزمة اللاجئين، وتقديم الدعم لخطط الاستجابة الوطنية، ومعالجة الاحتياجات الإنسانية للاجئين، وبخاصة النساء والأطفال، سواء في المخيمات والمناطق الحضرية وذلك من خلال بناء القدرات والتقنية دعم وتعزيز صمود البلدان والمجتمعات المضيفة كعناصر في تحقيق الاستقرار في المنطقة، ومنع التطرف والتصدي لخطر الإرهاب و المقاتلين الأجانب".
وذكر البيان أن "الاستجابة الدولية للأزمة السورية والإقليمية لا تزال قاصرة عن تلبية احتياجات والمقررة من قبل الحكومات المضيفة والأممالمتحدة، وحث الجهات المانحة والمؤسسات المالية الدولية ووكالات الأممالمتحدة إلى النظر في أدوات التمويل التي تواجه بفعالية الاحتياجات الفريدة للبلدان المتوسطة الدخل التي تأثرت بالنزاع السوري ومعالجة آثارها الهيكلي الهائل على البلدان المجاورة".
وجدد بيان المجلس "دعم وثقة جميع ممثلي الدول الأعضاء بالمبعوث الخاص للأمين العام الي سوريا السيد استيفان دي ميستورا"، مؤكدا أن "الحل المستدام الوحيد للأزمة الحالية في سوريا هو من خلال عملية بقيادة سورية شاملة تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، وذلك بهدف التنفيذ الكامل لبيان جنيف الصادر في 30 يونيو/حزيران 2012".
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، مجلس الأمن ل"التحرك" إزاء "الانتهاكات الخطيرة" لحقوق الإنسان التي يرتكبها نظام بشار الأسد، والجماعات المسلحة في سوريا.
وفي تقرير قدمه لأعضاء مجلس الأمن، اتهم كي مون النظام السوري والجماعات المسلحة "بمواصلة الامتناع عن التقيد بأبسط المبادئ الأساسية للقانون الدولي، والإصرار علي نفس النهج، بما يثير تساؤلات أخلاقية وقانونية خطيرة يتعين علي المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، النظر فيها، ولابد من محاسبة المسؤولين عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي".
وقال بان كي مون "إن ارتكاب أحد الأطراف انتهاكات لحقوق الإنسان، لا يعفي الأطراف الأخرى من التزامها بحماية المدنيين".
وأردف قائلا "إن الحكومة السورية، بوصفها حكومة، تتحمل مسئولية خاصة في هذا الصدد"، موضحا أن "شن الهجمات علي المدنيين ردا علي أعمال غير قانونية صادرة عن طرف آخر، هو تصرف ممنوع منعا باتا، ويشكل انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي".
وأعرب كي مون في تقريره عن "هلعه" إزاء ممارسة العقاب الجماعي ضد المدنيين السوريين. وقال: "تكتيكات الحصار تسبب معاناة وحشية.. هذه ممارسات بغيضة، ويجب وضع حد لها".
وطالب حكومة النظام السوري "بتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين المعرضين للخطر بوجه خاص في مخيم اليرموك بدمشق"، مشيرا الي أن "اللاجئين الفلسطينيين باتوا محاصرين بين القوات المسلحة السورية وأسوأ الجماعات المتطرفة".
وجدد الأمين العام مطالبته مجلس الأمن الدولي "بدعم عملية انتقال سياسي بقيادة سورية تشمل جميع الأطراف(..) وتلبي تطلعات الشعب السوري الي الحرية والكرامة والعدالة".
وتابع قائلا "يتحمل الرئيس بشار الأسد مسئولية خاصة في اتخاذ خطوات حاسمة لحقن الدماء والشروع في عملية سياسية؛ فالحكومات أو الحركات التي تطمح الي اكتساب الشرعية لا ترتكب المجازر بحق شعوبها".