ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الهجوم المفاجئ والمباغت لتنظيم الدولة "داعش" بمدينة الرمادي بمحافظة الأنبار غربي العراق, أكد استمرار التحدي, وكشف العيوب المستمرة في استراتيجية الولاياتالمتحدة بشأن العراق. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 17 إبريل أن مزاعم الإدارة الأمريكية بالتقدم في مواجهة داعش تناقض الافتقار إلى استراتجية متماسكة وطويلة الأجل للعراق وسوريا، وأن هذا سيتطلب التزاما أكبر من الجيش الأمريكي وموارد اقتصادية ودبلوماسية لا تزال واشنطن غير مستعدة لتقديمها. وتابعت " ما يزيد من حجم الكارثة في العراق هو اعتماد حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بشكل متزايد على إيران والميليشيات الشيعية, التي ترعاها، والتي لها سمعة سيئة لوحشيتها وأهدافها الطائفية". وكانت مصادر عشائرية في الرمادي رجحت أن انسحاب الجيش من مناطق بالمدينة بعد تقدم "داعش", ربما كان مخططا له لفرض دخول ميليشيات "الحشد الشعبي" الشيعية, إثر اعتراض شيوخ المحافظة على مشاركة هذه الميليشيات في العملية الرامية لاستعادة المناطق الخاضعة لتنظيم الدولة . وقالت هذه المصادر ل"الجزيرة" إن "وحدات من الجيش العراقي أخلت مواقعها في 16 إبريل بعد ليلة قتال طويلة في منطقة الصوفية شرقي الرمادي, لتعيد انتشارها في محيط مستشفى الرمادي، وتغلق المداخل المؤدية إلى مبنى قيادة العمليات في التقاطع الواقع بين جسري الورار والجزيرة. ومن جهتها، قالت مصادر أمنية وشهود عيان في منطقة الصوفية إن ليلة طويلة من القتال انتهت بنجاح تنظيم الدولة في عبور نهر الفرات من منطقة الجزيرة، لينتشر عناصره في مناطق البوغانم والبوربيع والبوسودة والبومحل، القريبة من مستشفى الرمادي العام. وكان تنظيم الدولة توغل قبل أيام في مناطق داخل ما يوصف بالشريط الآمن في الصوفية والبوفراج والبوغانم ومناطق أخرى بمدينة الرمادي. في موازاة ذلك، نفذت طائرات التحالف الدولي سلسلة غارات على مواقع لمقاتلي تنظيم الدولة في الرمادي. وشهدت مناطق الاشتباك نزوحا كبيرا للعائلات نحو منطقة الخالدية على الطريق القديم نحو مدينة الفلوجة. وأفاد شهود بأن مئات العائلات نزحت من مناطق القتال شرق الرمادي نحو منطقة السجارية، لكنها لم تتمكن من اجتياز سلسلة الحواجز الأمنية التي تقطع الطريق نحو منطقة الخالدية الهادئة نسبيا. ورجح محمد الدليمي, أحد شيوخ العشائر بالرمادي، وهو ضابط سابق في الجيش العراقي, أن انسحاب الجيش كان متعمدا للضغط باتجاه إدخال الحشد الشعبي إلى المدينة. ومن جهته، اتهم محافظ الأنبار صهيب الراوي بعض وحدات الجيش والشرطة بالانسحاب من منطقة البوغانم في ناحية الصوفية شرقي الرمادي. وكشف الراوي عن تشكيل لجان للتحقيق، ووعد بالإعلان عن المسؤولين عن الانسحاب. في الإطار نفسه، اعتبر عضو مجلس محافظة الأنبار عذال الفهداوي أن انسحاب القوات الأمنية المفاجئ, "خلق ثغرة استغلها تنظيم الدولة". وعلى غرار محافظ الأنبار صهيب الراوي، حمّل رئيس لجنة الأمن والدفاع بمجلس النواب العراقي حاكم الزاملي شرطة الرمادي مسؤولية تدهور الأوضاع بالمدينة بسبب انسحابها من قواطعها، واعتمادها على الضربات الجوية للتحالف الدولي. وقال الزاملي ل"الجزيرة" إن تنظيم الدولة استغل الفجوة الناتجة عن الانسحاب ليسيطر على بعض المناطق. وأضاف أن عناصر الشرطة اعتمدت على ضربات طيران التحالف الدولي، وانسحبت من مواقعها في مدينة الرمادي, وقال إن ذلك أدى إلى انهيار الحالة المعنوية لجنود الجيش وانسحابهم من مواقعهم.