من المحتمل أن يحسم مستقبل الرئيس الإيفواري غدا السبت، بمناسبة انعقاد المؤتمر الاستثنائي الخامس لل "الحزب الديمقراطي بكوت ديفوار"، صاحب الوزن الكبير في التحالف الحاكم، وهو المدعو إلى اختيار مرشحه للانتخابات الرئاسية لأكتوبر/تشرين اللأول القادم. وتتجه أنظار الساحة السياسية الإيفوراية إلى هذا المؤتمر، الذي أثار جدلا واسعا داخل حزب الأب المؤسس لكوت ديفوار الحديثة، "فيليكس هوبوات بوانيي" (1905-1993)، وينتمي هذا الحزب في الآن ذاته إلى التحالف الحاكم "تجمع الهوفوتيين من أجل الديمقراطية والسلام" ويتمتع بوزن يتيح له حسم المستقبل السياسي للرئيس "واتارا" نفسه الذي يعول من جانبه على دعم هذا الحزب للظفر بالانتخابات الرئاسية، كما كان الشأن في 2010. في سبتمبر 2014، كان رئيس "الحزب الديمقراطي بكوت ديفوار" (بي دي سي إسي) "هنري بيديي" الذي تقلد منصب الرئاسة في كوت ديفوار من 1993 إلى 1999، قد دعا إلى ترشيح "واتارا" كمرشح أوحد للتحالف الحاكم، غير أن الأسابيع الأخيرة شهدت بعض التململ بين مسؤولي وناشطي الحزب الذين صاروا يفصحون عن رغبتهم في تقديم مرشح آخر من داخل الحزب يحظى بتجذر تاريخي في البلاد، لا سيما لدى شعوب ال "أكان" و ال "باولي" (يمثلون ما لا يقل عن 30 بالمائة من سكان كوت ديفوار). موقف لم يكن قط مجرد أقوال بل ترجم إلى خطوات عملية على إثر إعلان كل من النائبين "كواديو كونان بارتان"، و"جيروم برو كابران"،ّ إلى جانب رئيس الوزراء السابق "شارل كونان باني" ووزير الخارجية السابق ل "هوفوات بوانييه"، "ايسي امارا" – جميعهم ينتمون جميعا للحزب الديمقراطي بكوت ديفوار - عن عزمهم الترشح أمام "الحسن واتارا"، في غير مبالاة بدعوة رئيس حزبهم "هنري باديي" إلى دعم من يحرص على وصفه ب"الشقيق الأصغر" (واتارا). وعلى ضوء جملة هذه المتغيرات، يبدو هذا المؤتمر الاستثنائي الخامس للحزب سيكون بجميع المقاييس مصيريا لرئيس البلاد المنتهية ولايته، كونه من الصعوبة بمكان ان يعاد انتخابه في ظل انقسام "الحزب الديمقراطي بكوت ديفوار"، لا سيما مع تواصل صعود اسهم حزب "الجبهة الشعبية الايفوارية" المعارض. ومع ذلك، يقلل حزب واتارا الحاكم، "تجمع الجمهوريين بكوت ديفوار" من الدعم الذي يمكن أن يلقاه من حزب ال "بي دي سي إسي"، كما جاء على لسان "جوال نغيسان" المتحدث الرسمي باسمه الذي أكد دون مواراة في حديث مع الاناضول إن: "إعادة انتخاب واتارا لا تمر عبر دعم الحزب الديمقراطي بكوت ديفوار، فتجمع الجمهوريين يعتمد بالأساس على نفسه، وفي مرحلة ثانية على دعم الآخرين له". "نغيسان" مضى في هذا الاتجاه معلنا عن انطلاق حزبه في خوض المعركة الانتخابية الكبرى عبر جولات تجوب كل شبر من البلاد فيما يشبه عملية إعادة "حشد" للنشطاء الذين أصيبوا بخيبة أمل في الحزب، منذ توليه السلطة. "تهدف جولاتنا هذه لحشد ناشطينا. وإذا ما قرر الآخرون دعمنا، فلن يزيدنا ذلك سوى تعزيزا لمجهوداتنا". وأضاف المسؤول السياسي في دبلوماسية واضحة: "نحن نشيد بحكمة الرئيس باديي الذي كان قد دعا إلى دعم الرئيس واتارا". نشطاء الحزب القديم، أبدى السواد الأعظم منهم دعمه لدعوة "باديي" بتقديم "واتارا" كمرشح وحيد للتحالف "الهوفوتي" للانتخابات الرئاسية القادمة في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل. من جانبه، اعتبر السياسي المعارض "لازاري ييبوت" في حديث مع الأناضول إن "النشطاء يعارضون مبدأ ترشيح "واتارا". لقد صدر عدد كبير من عرائض الاحتجاج في كل مكان بشان ذلك". وأضاف الرفيق السابق ل "بيديه" والمعارض الشرس ل "واتارا" إن النشطاء بانتظار انتخابات حقيقية لأنه، في كل الحالات، فإن "باديي" يرغب في ترشيح واتارا كمرشح للحزب الديمقراطي بكوت ديفوار ، فيما سيكون لهذا الحزب مرشح آخر حتى وإن لم يجر الأمر تحت رايته". "بارتان كونان كواديو" هو الآخر ينتمي لزمرة السياسيين المناوئين ل "باديي" يقول في حديث للأناضول بشأن ذلك: "سنقدم ترشحنا باسم الحزب الديمقراطي بكوت ديفوار سواء قام باديي بتأييدنا في ذلك أو لم يفعل". ويؤكد "كواديو"، النائب عن منطقة "بور بووي" (حي جنوبي كوت ديفوار) في نبرة الواثق: "واتارا يدرك جيدا أنه ليس بإمكانه الفوز بالانتخابات لوحده. وهو يريد الاحتماء بمظلة الحزب لتبرير التزوير الذي سيعتمدونه في الانتخابات". "كواديو" لم يتوان أيضا عن القول دون مواراة بأن النشطاء مستعدون للتعبير عن الرأي المناوئ لواتارا داخل طيف من الحزب الديمقراطي بكوت ديفوار، وذلك عبر صناديق الاقتراع" . وكان "كواديو كونان بيرتان" قد صرح خلال اجتماع عقد في 23 فبراير/شباط الجاري في ابيدجان بحضور عناصر أخرى من ال "الحزب الديمقراطي بكوت ديفوار": "بوحدتنا سنكون أقوى" معتبرا أن الفوز النهائي ضد واتارا هو "مسألة إستراتيجية"، ومعبرا في الآن ذاته عن قلقه من التقارب بين الزعيم السابق للمتمردين "غيوم سورو" و "بيديي". تأكيدات المعارضة على تحفظاتها بشأن مساندة "واتارا"، تبدو غير ذات قيمة لدى المحلل القانوني والسياسي "جيوفري جوليان كواو"، الذي يرى أن "تأثير الشق المعارض داخل الحزب الديمقراطي بكوت ديفوار لا يتعدى الفرقعة الإعلامية، كونه هامشيا إذا ما تمت مقارنته بالديناميكية التي أفرزتها دعوة "باديي". ويبرر المحلل رؤيته للأناضول قائلا: " ببساطة لأن هذه المعارضة جاءت متاخرة، وهي تفتقر إلى هيكلة وطنية من شأنها مقارعة الترشح الموحد لواتارا داخل تجمع الهوفوتيين. وختم "كواو" تحليله قائلا: "من الواضح أن واتارا سيحظى بدعم الحزب الديمقراطي بكوت ديفوار ودعم لاديي. ومع ذلك، لا يمكن استبعاد ترشحات مستقلة من قبل المعارضين داخل الحزب".