من جنايات مخطط التوريث على الحياة المصرية فرض حالة من الجمود والموات والخمول واللاحركة على الساحة السياسية والاجتماعية والفكرية على مدى ما يزيد عن العقد من السنين، بهدف جعل مجموعة الورثة هي الوحيدة التي تتحرك على الساحة والوحيدة التي تظهر أمام الناس، لكي يخلق الانطباع بأنها الوحيدة كذلك التي تمتلك أية أفكار، والوحيدة المؤهلة أو التي يحق لها أن ترث الوطن وما عليه بنوع من التزكية عندما لا يوجد من ينافسها أو من هو بديل عنها. وغني عن القول أن كافة أدوات القمع والقهر الأمني والإداري والإعلامي والسياسي قد وظفت لتحقيق هذا الإخلاء للساحة من كل القوى الفكرية والثقافية والاجتماعية وبالطبع السياسية. وقد توغل القائمون على المخطط وتغولوا في الإخلاء والقمع والإقصاء حتى وصل الأمر إلى مؤسسات الدولة نفسها، ولاسيما التعليم والجامعة والقضاء، حتى المؤسسات الموصوفة عادة بالسيادية مثل الخارجية. وفرض السكون والجمود على كل ما كان يسمى بمؤسسات المجتمع الأهلي ولم يترك أحد يتحرك في نطاق هذه المؤسسات اللهم إلا من له دور في مخطط التمديد ثم التوريث وبالتحديد الهيئات العاملة في مجال المرأة أو التي تمثل فروعا لجهات خارجية. ووسط هذا الموات وقلة أو انعدام النشاط والحركة والحيوية تحركت مجموعة الورثة في خواء وإفلاس فكري شامل تسندها الدعاية الحكومية التي تصور خواءها هنا على أنه قمة العبقرية وترويج لشعاراتها التافهة المنقولة عن تقارير المؤسسات الحالية الدولية نقلا يفتقر للابتكار على أنها قمة الحكمة. وبفضل هذا الموات والسكون وحده تتحرك مجموعة الورثة وتقدم للناس الآن على أنها الخيار الوحيد بدون مقاومة كبيرة ،برغم الكفاح المستميت للحركات الجديدة وللجماعات السياسية مثل الإخوان. والأخطر أن هذا الموات قد فرض على الساحة ليس فقط في مواجهة الداخل بل إنه فرض لكي يوجه النظام رسالة إلى الخارج مفادها أن النظام وورثته هم القوة الوحيدة في مصر التي ينبغي التعامل معها. وفي هذا الإلغاء لمصر وشعبها واقتصار وجودها على مجموعة الورثة جناية خطيرة في حق البلد تضاف إلى جناية فرض الموت على ساحة الحياة العامة. [email protected]