صندوق النقد: آفاق النمو بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه تحديات كبيرة    الجريدة الرسمية تنشر قرار إنشاء صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية    شخص يقتحم مدخل السفارة الإسرائيلية في سيول    جوميز يعلن تشكيل الزمالك للقاء الأهلي في السوبر المحلي .. ماهر بديلاً لشلبي .. وجابر أساسياً    محمد عبد المنعم أساسي في تشكيل نيس أمام فرينكفاروزي    «قدمت الوجبات للضيوف».. وزيرة السياحة الإيطالية تشارك في افتتاح المدرسة الفندقية بالغردقة (صور)    جوائز كاف - ثنائي الأهلي وزيزو يتنافسون على جائزة أفضل لاعب داخل القارة 2024    مصرع وإصابة 4 أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بالمنيا    أنشطة متنوعة في قافلة قصور الثقافة بقرية «بنجر» ببرج العرب    أضف إلى معلوماتك الدينية| مدى صحة حديث: «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ»    تعرف علي توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية    وزير الأوقاف: مصر تهتم بالمرأة في شتى مناحي الحياة    عارضة أزياء تتهم دونالد ترامب بالاعتداء عليها جنسيا    الاحتلال يشن غارة على موقع علمات جبيل جنوب لبنان    مدبولي يستقبل الشوربجي: نحرص على تذليل التحديات أمام المؤسسات الصحفية    نحو شمولية أكاديمية، أسبوع دمج ذوي الإعاقة في جامعة عين شمس    رئيس جامعة الأزهر يتفقد الإسكان الطلابي بدمياط    نهائي السوبر المصري.. محمد عبدالمنعم يوجه رسالة للاعبي الأهلي قبل مواجهة الزمالك    كلاسيكو إنتر ميلان ويوفنتوس في قمة الدوري الإيطالي    البابا تواضروس يستقبل وزيري الثقافة والأوقاف.. تفاصيل التعاون المقبل    القبض علي منتحل صفة ضابط شرطة للنصب علي المواطنين بأوسيم    تجديد حبس راقصة بتهمة نشر فيديوهات فاضحة على التيك توك    انقلاب سيارة نقل "تريلا" بطريق الإسماعيلية القاهرة الصحراوي    بنك مصر يرفع العائد على حسابات التوفير بالدولار    20 صورة تكشف.. كيف تطورت السجادة الحمراء في مهرجان الجونة على مدار 7 سنوات؟    بالصور| الاستعدادات النهائية لحفل افتتاح الدورة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي    وزير الخارجية الأمريكي: ناقشت مع نظيري القطري إعادة الإعمار بقطاع غزة    عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل برغم القانون ل إيمان العاصى الليلة على on    حب فى ظروف غير ملائمة    "حياة كريمة" تحذر من إعلانات ترويجية لمسابقات وجوائز نقدية خاصة بها    تقدم 3670 مشاركا للمنافسات المؤهلة لمسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم    بث مباشر.. انطلاق الحفل الختامي للمؤتمر العالمي للسكان    وزيرا الصحة والعمل يتفقدان معرض المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    مرسال عضو التحالف الوطني: 187 ألف حالة مسجلة على قوائمنا من الفئات الأولى بالرعاية خلال 10 سنوات    رئيس هيئة الدواء: مصر تطوي صفحة النواقص ومخزون وطني لتأمين أدوية الضغط    انتهاء التوقيت الصيفي.. موعد وطريقة تغيير الساعة في مصر 2024    وزير الخارجية القطري: فريق مفاوضات أمريكي سيزور الدوحة لبحث تحقيق اختراق بالمفاوضات    مولر عن خسارة البايرن برباعية ضد برشلونة: افتقدنا للثقة    انضمام البنك الحيوي بمعهد تيودور بلهارس لشبكة البنوك الحيوية بالوكالة الدولية لأبحاث السرطان    بوتافوجو يقسو على بينارول بخماسية ... اتلتيكو مينيرو يضع قدما بنهائي كوبا ليبرتادوريس بفوزه على ريفر بليت بثلاثية نظيفة    هالاند يسجل أغرب هدف قد تشاهده فى تاريخ دوري أبطال أوروبا    الابن العاق بالشرقية.. حرق مخزن والده لطرده من المنزل    عمرو دياب يتألق فى حفل دبى وشريف منير يشاركه بالعزف على الدرامز.. صور    توقعات برج الجوزاء في الأسبوع الأخير من أكتوبر 2024.. تجنب الأفكار السلبية وتقبل النصائح    الضربة الإسرائيلية لإيران.. أستاذ علوم سياسية تتوقع سيناريوهات المواجهة    "إيتيدا" و"القومى للاتصالات" يختتمان برنامج التدريب الصيفى 2024 لتأهيل الطلاب    ضبط عامل بالفيوم لقيامه بإدارة ورشة لتصنيع الألعاب النارية والإتجار فيها    جامعة بني سويف تحتل المرتبة 11 محليًّا و1081 عالميًّا بتصنيف ليدن المفتوح    الرئيس الصيني: سنعمل على انضمام دول أكثر من الجنوب العالمي ل«بريكس»    المشدد 5 سنوات لعاطلين شرعا في قتل سائق "توك توك" وسرقته بالمطرية    الطقس اليوم.. استمرار الرياح على البلاد وأمطار تضرب هذه المناطق بعد ساعات    القوات المسلحة تحتفل بتخريج دفعات جديدة في المعاهد الصحية    عباس صابر يبحث مع رئيس بتروجت مطالب العاملين بالشركة    سول تصف قوات كوريا الشمالية في روسيا بالمرتزقة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 في المنيا    بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج.. خيارات مشروعة لتيسير الزواج    أول إجراء من الزمالك ضد مؤسسات إعلامية بسبب أزمة الإمارات    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في "مقبرة الإنجليز" بغزة .. زهور الموتى متنفس الأحياء
نشر في المصريون يوم 10 - 02 - 2015

على مساحة حوالي 40 كيلو مترا مربعا تتراص صفوف من القبور فوق أرضيّة مكسوة بالعشب الأخضر بشكل هندسي أشبه بقطع الدومينو، داخل إحدى المقابر شرق مدينة غزة.
المقبرة التي تحمل اسم "Gaza war cemetery" (مقبرة حرب غزة)، أو "مقبرة الإنجليز" كما يُسميها سكان قطاع غزة، تبدو وكأنّها متنزه بفعل الألوان الزاهية التي شكلتّها مختلف أنواع الأزهار والورود والعشرات من أشجار "السرو".
و"تضم المقبرة 4 آلاف قبر لرفات جنود من 17 دولة، معظمهم بريطانيين، جاءوا لقتال الدولة العثمانية مع قوات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى (1914:1918)"، كما يقول حارس المقبرة، عصام جرادة (52 عاما)، لوكالة الأناضول.
جرادة يعمل حارسا لمقبرة الإنجليز خلفا لوالده إبراهيم جرادة، الذي أدار شؤون المقبرة (منذ أن كان عمره 17 عاما) لنحو خمسين عاما حتى بلغ سن التقاعد،(65 عاما)، وكان قد تولى هو الآخر مهمة الحراسة بعد وفاة والده ربيع.
ويضيف عصام جرادة : "ابني يستعد لتولي إدارة المقبرة عند وصولي إلى سن التقاعد، عائلتي تعمل منذ أكثر من تسعين عاما على حراسة وإدارة شؤون المقبرة، ونتلّقى الرواتب الشهرية من هيئة الكومنولث" البريطانية التي أسست المقبرة (هيئة أسستها الحكومة البريطانية للإشراف على مقابر الحروب).
ويعمل جرادة، كحارس للمقبرة ومسؤول أول ، ويرافقه في العمل أربعة آخرون مهمتهم الاعتناء بالزهور والورود، ويتلقون جميعهم رواتبهم بشكل شهري من السفارة البريطانية في القدس (تقوم بتحويل الرواتب عبر البنوك العاملة في غزة).
ولا يشعر جرادة بأي خوف من إقامته هو وعائلته (7 أبناء) في المقبرة بين رفات آلاف الجنود، إذ يقول: "على العكس تماما، فالمقبرة تشكيل لي مكانا للراحة.. أنظر إلى ما حولي من زهور وأشجار وأشعر باطمئنان كبير".
ويمضي قائلا: "البعض تنتابه الدهشة لإقامتنا بين القبور والمبيت هنا، لكن المقبرة باتت على مدار الأجيال المتعاقبة بالنسبة لنا قطعة من أرواحنا.. منذ أن كنت صغيرا وأنا أشاهد أبي وهو يعتني بالنبات والزهور، واليوم ابني يراقبني ليتولى المهمة ذاتها من بعدي".
ويشير جرادة بيده نحو نصب صخري على مدخل المقبرة (تقع في مدخل غزة الشمالي في حي التفاح شارع صلاح الدين)، مكتوب عليه باللغتين العربية والإنجليزية: "الأرض المقام عليها المقبرة هي هبة من أهالي فلسطين لتكون مقر الراحة الأبدية لجنود الحلفاء الذين قتلوا في حرب (1914-1918) تخليدا لذكراهم".
فتاريخ المقبرة يعود إلى الحرب العالمية الاولى عندما كان الجيش البريطاني يقاتل جيش الدولة العثمانية، والتي قادت إلى فرض الانتداب البريطاني على فلسطين، الذي انتهى في 14 مايو/ أيار 1948، وهو اليوم الذي أٌعلن عن قيام دولة فلسطين على أراض فلسطينية محتلة.
وعلى الكثير من شواهد القبور كُتب: "إنه معروف عند الله" "Known Unto God""، فيما كُتب على شواهد أخرى اسم الجندي وعمره وبلده ورتبته في الجيش.
ومن بين الجنود، كما يشير جرادة 8 جنود يهود، إضافة إلى 12 جنديا من المسلمين.
وهذه المقبرة تعد شاهدا تاريخيا على ما وصفه جرادة ب"ضراوة المعارك التي خاضها العثمانيون ضد قوات التحالف خلال الحرب العالمية الأولى".
وبفضل الأشجار في المقبرة، ومن أشهرها "الجكرندا" و"البونسيانا"، صارت المقبرة بالنسبة لسكان غزة، متنزها للترفيه وتنفيس الهموم، كما يقول الحارس.
وهذه الأشجار تتم العناية بها صيفا وشتاء، كي يبقى اللون الأخضر، هو السائد في المقبرة كما يؤكد جرادة.
ويُضيف: "هناك زهور وشتلات مخصصة للفصلين (الشتاء والصيف)، ويتم زراعتها على مدار السنة كي تبقى المقبرة خضراء زاهية الألوان".
ويأتي إلى المقبرة عشرات الزوار لالتقاط الصور بين الورود، وأكثرهم الخاطبون والمتزوجون حديثا كما يقول جرادة.
ويتابع موضحا أن "المدارس تنظم رحلات للطلاب إلى المقبرة.. وكثير من الوفود الأجنبية، التي تأتي لزيارة قطاع غزة تزور المقبرة.. والعائلات البريطانية تأتي إلى هنا لرؤية قبور أبنائها، والجميع يشعرون بالراحة لجمال أشجارها وترتيب شكلها".
غير أن المكان ليس مفتوحا للجميع، والمقبرة كما يقول جرادة، ليست للعب والترفيه، إذ يجب الاهتمام والعناية بها وفق تعليمات الحكومة البريطانية التي توفر كل ما يلزم لتزيين المقبرة وزراعتها بالزهور والاعتناء بها.
ويستدرك: "لا يتم فتحها إلا بوجودي أو وجود العمال، فلا يمكن تحويلها لمتنزه أو حديقة عامة فللمقبرة خصوصيتها ومهمتنا الحفاظ عليها".
و"خلال الحروب الثلاث التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة تعرضت بعض شواهد المقبرة والأشجار إلى التلف؛ مما دفع الحكومة البريطانية، وعلى الفور، إلى ترميم الأضرار للحفاظ على المقبرة"، بحسب حارسها.
وتقول الطالبة الجامعية سها النزلي 19 عاما، لوكالة الأناضول إنها ترتاد بين الفيّنة والأخرى هي وصديقاتها المقبرة للتخلص من الأعباء النفسية، وما وصفته ب"المزاج السيء"، وهموم ما تُخلّفه الأوضاع المعيشية الصعبة "السياسية والاقتصادية" في قطاع غزة.
ويثير دهشة النزلي، أن تنبت الورود الجميلة بين آلاف هذه القبور، وأن تجلس في مكان هادئ من النادر تواجده في مدينة تتميز بالحركة وضجيج السكان والمركبات.
وتبلغ مساحة قطاع غزة 360 كيلو مترا مربعا، يقطن فوق هذا الشريط الساحلي الضيق، نحو 1.9 مليون نسمة، مما يجعلها أكثر المناطق في العالم اكتظاظًا بالسكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.