الحركة رفعت أول كارت أصفر فى وجه النظام.. تأسست في منزل أبو العلا ماضي.. وتنكرت للإسلاميين بعد سقوط مبارك لكل شخص من اسمه نصيب، إلا أن ذلك النصيب لم يقتصر على الأشخاص فقط وامتدت إلى الكيانات أيضًا، فبعد 10 سنوات كفاية كفت، لم تعد ذلك الكيان الأول من نوعه فى مصر الذى استطاع أن يجمع كل الأطياف السياسية من أجل هدف واحد فى فترة كانت الساحة خالية إلا من الكيانات الكرتونية، والمعارضة الإعلامية ضرب من خيال فجميع الأفق مغلقة، الآن انفتح الأفق لكن على شتات، ومعارضة ليست على قلب رجل واحد، فالبعض معارض للنظام، وآخرون معارضون لمن يعارض النظام قريبون من السلطة. أحيت حركة كفاية ذكرى تأسيسها العاشرة فى مقر الجمعية الوطنية للتغيير، بحضور بضعة أشخاص منهم "عبد الرحمن الجوهري- حسام عيسى- عبد الحليم قنديل- عبد الجليل مصطفى – جورج إسحاق"، من أصل 300 أسسوها، مؤكدين أن الحركة مستمرة ولم تنته، "ذلك أنها لم تخلق للمعارضة من أجل المعارضة، ولكنها نشأت لمواجهة الفساد الذى ظهر فى عهد مبارك"، هذا ما قاله عبد الرحمن الجوهرى، خلال كلمته بحفل الإحياء، وأضاف جورج إسحاق، أحد مؤسسى حركة "كفاية"، أن الحركة ما زالت مستمرة ولها منسقون فى المحافظات، وتصدر بيانات موضحة لوجهة نظرها عن الأحداث الحالية وتعمل على استمارة اسمها "حاكموهم" ضد نظام مبارك، مشيرًا إلى أن الحركة فكرة والفكرة لا تموت. سلخ فضل الإسلاميين على الحركة
على الرغم من إسهامات الإسلاميين فى حركة كفاية بصفتهم أحد الفصائل التى شاركت فى وجود تلك الحركة، واحتضن منزل المهندس أبو العلا ماضى، الاجتماع الأول لها، واختيار المفكر الإسلامى الراحل عبد الوهاب المسيرى كأحد المنسقين الأوائل للحركة، إلا أن كفاية الحالية تنكر ذلك، متهمة إسلاميى "كفاية" بالتخلى عنها، والخروج من الحركة لعقد الاتفاقيات مع السلطة ودخول مجلس الشعب 2005.
وقال عبد الرحمن الجوهري، رئيس الحركة حاليًا، إن الحديث عن تأسيس الحركة فى منزل أبو العلا ماضى كذب، وإن أبو العلا ماضى اعترض هو وكل المنتمين للتيار الدينى، بعدما رفعت الحركة شعار "يسقط يسقط حكم مبارك"، ثم انسحب كل المنتمين للإخوان من الحركة. وأضاف "الجوهري"، فى تصريحات صحفية، أنهم ذهبوا فيما بعد وعقدوا الصفقات مع نظام مبارك لدخول برلمان 2005. ورد أحمد عبد الجواد، وكيل مؤسسى حزب البديل الحضارى وأحد مؤسسى الحركة، قائلًا: "كلام غير صحيح بالمرة، وعليه أن يسأل جيدًا عن التاريخ، ما حدث هو أن الناصريين أقصوا الجميع وانفردوا بصنع القرار، أما دخول البرلمان فعليه أن يجيب أولا وماذا عن الذين خاضوا انتخابات 2005 من أعضاء حركة كفاية ويستعدون الآن لدخول برلمان السيسي.
مؤسسو "كفاية".. البعض كف.. آخرون اعتقلوا.. والباقون طردوا
كانوا هنا يومًا.. اجتمعوا على هدف واحد.. اختلافاتهم الفكرية لم تعيقهم بل مثلت دافعًا أكبر ومكمن قوتهم.. هكذا أكدوا أن المبادئ أكبر من الأيدلوجيات.. فاجتمع اليسارى والليبرالى والإسلامى على مبادئ الحرية – العدالة- مواجهة الفساد فكانت "كفاية". 10 سنوات مرت على ذلك المشهد السيريالى الذى تكوّن فى 12 ديسمبر 2004، إلا أن ما من لوحة ثبتت بزهوتها أمام عوامل الزمان، لينتهى الحال بها ممزقة، جزء التصق بالبرواز الذى كان يهدف بالأساس إلى التحرر منه، وآخر حبس وثالث ألقى بعيدًا خارج المشهد.
حلت الذكرى العاشرة لتأسيس الحركة أمس والأعضاء مشتتون، غلبت عليهم الأيدلوجية فأعادت كلًا إلى مقعده، الإسلاميون فى السجون أو مطرودون خارج الدولة، والليبراليون واليساريون أغلبهم كف عن المعارضة وتحول إلى مقعد داعم النظام، الذى تأسس على أنقاض غريمهم الأبرز "الإخوان" الذين وصلوا إلى الحكم فزادت الفجوة بينهم وبين باقى الفصائل السياسية.
"الحافون" حول عرش السلطة
منذ أحداث 30 يونيو تحولت بعض الشخصيات التى لعبت دور المعارضة منذ عهد مبارك مرورًا بالمجلس العسكرى ونظام مرسى إلى تأييد النظام، أبرزهم الدكتورة كريمة الحفناوي، وعبد الحليم قنديل. فيما حصل آخرون على مناصب فشارك كل من محمد أبو الغار ومحمد عبد العزيز فى لجنة صياغة دستور 2014، وتم اختيار حسام عيسى كوزير للتعليم العالى فى عهد المستشار عدلى منصور، وكمال عيطة وزيرًا للقوى العاملة، وجورج إسحاق تم اختياره كنائب لرئيس المركز القومى لحقوق الإنسان، وعبد الجليل مصطفى، المنسق العام الأسبق للحركة، تم اختياره كمستشار للرئيس السابق عدلى منصور، ووكيل لجنة الخمسين لتعديل الدستور، كما كان أحد أعضاء الحملة الانتخابية للمشير عبد الفتاح السيسى.
القابعون داخل السجون
وأغلبهم من المنتمين للتيار الإسلامى وعلى رأسهم أبو العلا ماضى رئيس حزب الوسط، المتهم فى عدة قضايا أبرزها التحريض على العنف والقتل فى أحداث بين السريات والذى احتضن أول اجتماع ل"كفاية" فى منزله، وعصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط المتهم فى نفس قضايا "ماضى"، ومجدى حسين، رئيس حزب الاستقلال- العمل سابقًا- بتهمة التحريض على العنف والانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين.
المطاردون خارج مصر
بينما استطاع بعض قيادات حركة كفاية من الهروب خارج مصر تجنبًا لبطش السلطة، وحتى لا يلاقوا المصير الذى لقاه أبو العلا وسلطان، ويتواجد بعضهم فى تركيا وآخرون فى قطر أبرزهم الدكتور أيمن نور مؤسس حزب غد الثورة، وأحمد عبد الجواد، وكيل مؤسسى حزب البديل الحضارى تحت التأسيس.
"كفاية" الماضى تتحدث
عبد العزيز: نظام مبارك يحاول إعادة إنتاج نفسه.. وعبد الجواد: "السيسى" ورثه
قال محمد عبد العزيز، أحد مؤسسى حركة كفاية وتمرد: كانت حركة كفاية صاحبة الإشارة الأولى لحقيقة أن نظام مبارك لا يمكن إصلاحه، لاسيما فى ظل انهيار البلد على كل الأصعدة، فكانت "كفاية" الصرخة الأولى التى أسقطت مبارك فى 2011، فبفضلها انكسر أول حواجز الخوف من ذلك النظام. وأضاف "عبد العزيز"، أنه عند تأسيس حركة كفاية كانت تعانى الدولة من فشل اقتصادى وسياسى وزيادة معدلات الفكر التابعة للأمريكان والإسرائيليين، وبمقارنته مع الوضع الحالى نجد أن الوضع الحالى به العديد من الأخطاء ومشاكل تتعلق بالعملية الديمقراطية وعدم تقبل الرأى الآخر، ومواجهة أى آراء معارضة ب"التخوين السياسى"، كما كانت تواجه جماعة الإخوان معارضيها بالتكفير الدينى وهى مؤشرات خطيرة للغاية. وأكد ل"المصريون"، أن النظام الآن فى مفترق طرق أما إن تسير مصر فى مرحلة تحول ديمقراطى أو تسير فى الاتجاه الخاطئ وتكلفته ستكون كبيرة لا يريد أحد أن نصل إليها، فيجب على الجميع أن يدفع فى اتجاه التحول الديمقراطي. واتهم "عبد العزيز"، بقايا نظام مبارك وشبكة المصالح ولوبى الفساد، قيادة محاولات العودة إلى ما قبل 25 يناير باستعادة نفوذه وسيطرته على الدولة، بقيادة كبار رجال الأعمال الذين يملكون وسائل إعلام، وتنفذ وجوه إعلامية كبيرة مخططهم، فى تجسيد لرأس المال السياسي، مشيرًا إلى أن الانتخابات البرلمانية القادمة ستمثل معركتهم الفاصلة وسيحاولون الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد، وهو ما يجب أن تواجهه القوى الوطنية المحترمة. وعن احتمالات نجاحهم، قال: قناعتى أنهم لن ينجحوا، وسيفاجئهم الشعب المصرى كما فاجأهم من قبل فى 25 يناير، وكما فاجأ الإخوان فى 30 يونيو، فذلك الشعب لا يخدع حتى إن بدا عكس ذلك.
ومن جانبه، قال أحمد عبد الجواد، وكيل مؤسسى حزب البديل الحضارة تحت التأسيس وأحد أعضاء حركة كفاية، منذ تأسيسها، إن حركة كفاية ولدت كحركة جامعة معبرة عن الضمير الوطني، وخاضت معارك عنيفة ضد المخلوع مبارك، إلى أن حدثت الخلافات ثم الانشقاقات ثم السيطرة عليها من خلال عدد من الناصريين، ثم توالت الانسحابات منها حتى أصبحت فى ذاكرة التاريخ، ومع ذلك لا يستطيع أحد أن ينكر دورها فى التمهيد للثورة فى 25 يناير أو فضح سيناريو التوريث، ولكن الأهم والمحزن أن حركة كفاية ماتت سريريًا عقب ثورة يناير. وأضاف، فى تصريحات خاصة ل"المصريون": الموت السريرى حدث قبل 25 يناير تحديدًا بعد وفاه المفكر الإسلامى الراحل العظيم دكتور عبد الوهاب المسيري، لأن ما حدث بعد ذلك كان صراعًا داخليًا بين عدد من المؤسسين أمثال عبد الحليم قنديل، الذى كون جبهة تناصره داخل الحركة وبين حمدين صباحى من جهة، مما أدى لكتابة السطر الأخير لها، أما خلاف أيدلوجيات المكونين فقد حدث بعد تأسيسها بحوالى عامين بعد قيام الناصريين بتهميش بل وإقصاء الليبراليين والإسلاميين. وعن الوضع الحالى قال "عبد الجواد"، إن النظام الذى قامت من أجل إسقاطه حركة كفاية ما يزال قائمًا تورثه النظام الحالى برئاسة عبد الفتاح السيسى، على حد وصفه.
"كفاية" قبل أن تكف !!
تأسست حركة كفاية فى 12 ديسمبر 2004، والتى مثلت أول مظاهرة لهم أمام دار القضاء العالى، شارك فيها مئات من النشطاء والمثقفين يعلنون عن ميلاد تلك الحركة، والتى كانت فى مصر آنذاك بدعًا من الكيانات السياسية التى لا تعرف سوى الأحزاب الكرتونية، رافعين شعار الحركة "دائرة صفراء مكتوب عليها كفاية بالأحمر". وعلى الرغم من أن أول تظاهرة للحركة كانت فى ديسمبر إلا أن إجراءات التشكيل الفعلى بدأت من يوليو، فبعد التغيير الوزارى المصرى فى يوليو 2004 والتى لم يزد الرافضون للوضع العام إلا سخطًا، تجمع 300 شخصية عامة وقيادة فكرية وثيقة تضم مختلف الأيدلوجيات السياسية من يساريين وإسلاميين وليبراليين، تطالب بتغيير سياسى حقيقى فى مصر، وبإنهاء الظلم الاقتصادى والفساد فى السياسة الخارجية، وقرر الموقعون ألا ينتهى الأمر ببيان يصاغ اليوم ويذاع غدًا وينسى بعد غد، قرروا تحويل تلك الوثيقة إلى حركة، وتكون تلك الوثيقة دستورها التأسيسى، وأن يكون رفضهم للرئيس المصرى آنذاك حسنى مبارك هو أساس حركتهم ومناهضة مشروع التوريث شغلهم الشاغل.
المؤسسون:
ضمت الحركة العديد من الشخصيات البارزة والقيادات من مختلف الأطياف، فمن اليساريين ضمت الحركة "جورج إسحاق – حمدين صباحي- عبد الحليم قنديل – أمين إسكندر- كمال خليل"، ومن الليبراليين" أحمد بهاء الدين شعبان- عبد الجليل مصطفى"، ومن الإسلاميين" عبد الوهاب المسيري– مجدى حسين- أبو العلا ماضى".
الفعاليات وأسلوب عملها
اعتمدت حركة كفاية على أسلوب التظاهر فى أغلب محطاتها المعارضة للنظام المصرى ووصلت إلى 22 محافظة من أصل 26 محافظة، وهو ما أقلق النظام وواجهتها بالعديد من الحملات الأمنية وصفتها منظمات حقوقية محلية وإقليمية وعالمية بأنها حملات وحشية. ولقد دعت الحركة إلى عدة تظاهرات فى وقت لم يكن التظاهر فيه مألوفًا، فى مشهد أقرب ما يكون مظاهرة لقوات الأمن المركزى وليس نشطاء، فإذا شارك من النشطاء مائة، واجههم آلاف من قوات الأمن. بدأت فعاليتهم بتظاهرة تدشين الحركة فى 12 ديسمبر 2004، ثم أخرى فى 2 فبراير2005 بمعرض الكتاب، ثم فى ميدان التحرير في21 مارس 2005، وأخرى بالتزامن فى ثلاث محافظات في30 مارس 2005، وفى 27أبريل من العام نفسه، تظاهروا في15 محافظة، بالإضافة إلى التظاهر 25 مايو2005 بالتزامن مع الاستفتاء على الدستور، وفى 1 يونيو2005 أمام نقابة الصحفيين، وفي8 يونيو أمام ضريح سعد زغلول، حاملين الشموع من الثامنة حتى العاشرة مساءً اعتراضًا على اعتداء أعضاء الحزب الوطنى على المتظاهرين أمام أعين الأمن، وفي6 أبريل 2008 ضمن دعوة الإضراب عن الطعام وتأسيس حركة6 أبريل.
من "كفاية" إلى "رابعة".. الأصفر يؤذى أعين النظام!!
هل محض صدفة أم اختيارات مدروسة ذات دلالات محددة وقفت خلف ارتباط اللون الأصفر بشعار الحركات المعارضة، ربما لقدرته على جذب العين، أو لارتباطه بالإنذار كما فى كرة القدم، أو لما هو أكبر من مجرد الإنذار كأوراق الأشجار التى ما إن تصفر وتذبل حتى تسقط. ارتبط اللون الأصفر وحركات المعارضة فى مصر مع تدشين حركة كفاية، أول حركة من نوعها فى مصر تضم ألوانًا سياسية مختلفة، مجتمعين على هدف واحد وهو مواجهة نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ورفض مشروع التوريث، وفى أول مظاهرة لهم 12 ديسمبر 2004 تجمع المئات من الكتاب والسياسيين والنشطاء وأساتذة الجامعات، رافعين لافتات صفراء بكلمة حمراء "كفاية"، وملصقات تحمل نفس الشعار، انتهت الفعالية وظل على جدران دار القضاء العالى الشعار إلى أن أزاله قوات الأمن، إلا أنه ظل يطاردهم بعد ذلك فى أماكن عدة، يؤذى أعين النظام كلما رأته، يؤرقه تحركاته، إلى أن نجح فى إسقاط النظام فى 25 يناير 2011. وبعد 9 سنوات اختلف النظام والشعار وظل اللون واحدًا، فبعد فض اعتصام الإخوان فى ميدان رابعة العدوية صممت جماعة الإخوان شعار "أربعة أصابع" وصبغته بالأصفر ورفعته فى وجه النظام، إلا أن ذلك الشعار لم يجن إلا سنوات من الحبس لمن يرفعه، حيث ألقى القبض على العديد من المعتقلين بتهمة رفع شعار رابعة أو حيازة دبوس رابعة أو حتى مسطرته.