أعاد المشهد في ميدان التحرير يوم أمس، ذكريات جمعة الرحيل، التي شهدها ما يقرب من 20 مليون مصري . مليونية 29 يوليو، أعادت للثورة بهائها وتوهجها ولميدان التحرير ولميادين مصر كلها هيبته وقيمتها الروحية والسياسية.. أعادت الثورة إلى صناعها الحقيقيين، بعد كاد تختطفها جماعات المصالح، وفضائيات "الفلول" المعروفة بفضائيات "غسيل الأموال". كما توقعنا تحلى الإسلاميون في مليونية أمس بالمسئولية، وامتدت مظلتهم لتشمل الجميع، وأعاد المصريون جميعا للتحرير بهائه وهيبته وقيمته السياسية، من خلال "عقلنة" الحركة بداخله، وإعادة الحكمة والحصافة إلى خطابه، واحياء أخلاق ثورة يناير النبيلة. ميدان التحرير يوم أمس، وشقيقاته من محافظات مصر، كان ذات فحوى سياسي قطع الطريق على المزايدين بالثورة من أمراء الحروب السياسية وأثرياء المعارضة، والتي ثبت بأنهم معاول هدم، ولا يجيدون غيره.. ولو لم يكن مبارك موجودا لاخترعوه.. ولعل استهداف الجيش في الفترة الأخيرة، ربما كان في سياق البحث عن "بديل" متخيل لمبارك ينعش تجارة وبزنس المعارضة ومعاولها التي لا تستقيم مع مرحلة البناء بعد الثورة. المشهد يوم أمس في التجرير وفي غيره من الميادين المصرية، بدا باعتباره الوحيد الذي يحمل على الاحترام والتوقير والنزول عند مطالبه.. كان المشهد مهيبا ووجيها ومترفعا على شغب الشوارع الذي خصم منذ نهاية مليونية 8يوليو الكثيرمن رصيد ثورة 25 يناير.. كان إنسانيا في استيعاب كل التيارات والقوى السياسية والاجتماعية وعوام المصريين الحالمين بمستقبل أكثر إنسانية وكرامة لهم ولأبنائهم وللأجيال القادمة. اليوم عرفت السلطات المصرية الشارع "الحقيقي" من "المزيف" المصنوع بالشغب والصخب والبذاءات والبلطجة ومصادرة مصالح الناس واتخاذها رهينة لابتزاز المجلس العسكري وحكومة شرف لصالح "أقلية سياسية" تمثل الطبقة الثرية الطفيلية الجديدة والتي كانت نتاج فساد مبارك وعائلته وحاشيته وتلونت بعد الثورة وركبتها وتحلم بقطف ثمارها. مليونية يوم أمس، كانت تجديدا لثقة الثوار في المجلس العسكري، وفي ذات الوقت رسالة إليه تقول له: "نحن هنا".. ولن نقبل إلا باكتمال مطالب الثورة: فلا تراخي ولا تأحيل ولا تسويف ولا تفريط في حق الشهداء ولا في ارادة الشعب وأننا لن نتسامح مع أي محاولة للالتفاف على قراره الذي اعلنه في ستفتاء 19 مارس وأنه لن يقبل بما يسمى المبادئ الحاكمة للدستور.. أو بالمواد غير الدستورية.. وبأي قيود على إرادته تضعها النخبة السياسية وتفرضها عليه بعيدا عن صندوق الاقتراع. أنا على يقين بأن اليوم.. من اليوم بدأت الثورة فعلا تصحح مسارها.. وتصوب بصلتها وتطهر صفوفها وتوحد مطالبها تحت مظلة وطنية يستظل بها الجميع. [email protected]