تناولت في عدة مقالات سابقة حزمة من الاطروحات و الإجابات علي السؤال الذي ما زال مطروحا..ودائما ما يطرحه الكثير منا علي نفسه أو علي الغير دون وجود إجابة شافية.. أو وجود إجابات منقوصة لا تشفي غليلا ولا تروي ظمأ لمن يبحث عن الحل أو تحديد نقطة الإنطلاق أو يريد الخير لهذا الوطن،وهو، من أين نبدأ؟ لا أحد ينكر أن مشاكلنا معقدة ومزمنة وكما أذكر دائما أن المشاكل الغير تقليدية يلزمها عقول غير تقليدية وحلول غير تقليدية أيضا، ومن الغباء أن أطرح نفس الحلول السابقة لنفس المشاكل القائمة وأنتظر نتيجة إيجابية، فنفس العقول ونفس الحلول لنفس المشاكل ستؤدي- لا محالة - لنفس النتائج، إن لم يكن أسوأ، و علي الرغم من أن دولاب العمل في الدولة والذي يقتضي بأن تقلد المناصب الإدارية يتم عن طريق الاقدمية بما يضمن عدم سيطرة المحسوبية والوساطة والرشاوي علي الوصول إلي مثل هذه المناصب، إلا أن مثل هذه المنهجية في التعامل تساهم بشكل كبير في وصول عدد هائل من الموظفين الغير مؤهلين والغير أكفاء بالدولة إلي مناصب قيادية رفيعة مما يؤثر تأثيرا سلبيا مباشرا علي المؤسسات التي يتقلدون رئاستها، كما أن هذا الاسلوب العتيق البالي، يقتل الطموح عند القيادات والكفاءات الشابة، فيصابون بالإحباط والخيبة وفقدان الامل، فيتسلل اليأس إلي نفوسهم وتخمد جذوة الحماسة في نفوسهم، والأقدمية في الدول الباحثة عن التقدم لا يعتد بها كمعيار وحيد لتقلد المناصب الإدارية العليا، وبالتأكيد لا يجب أن يكون البديل لهذا المعيار، معايير الوساطة والرشوة والمحسوبية والنفاق والعشيرة، فيجب أن يكون معايير الكفاءة العلمية والذهنية والشخصية والإدارية والعمرية هي الاساس في إختيار المناصب الإدارية لكافة المؤسسات، ولكن للاسف هذا ما لا يتم في إختيار قيادات مؤسسات الحكومة حتي الآن، وللاسف تقع معظم الإختيارات بين مطرقة الأقدمية وسندان الوساطة والرشاوي، لتفرز لنا هذه الإختيارات – في معظم الحالات- قيادات مرتعشة أو روتينية وتقليدية، لا تملك من المؤهلات والملكات والرؤي والافكار والاستراتيجيات والاليات ما يصنع الفارق في المؤسسات التي يتقلدون فيها المناصب القيادية. والبداية الغير مكلفة والتي ستأتي بمردود إيجابي سريع هو تغيير ألية إختيار القيادات ليصير معيار الكفاءة لا الاقدمية له القول الفصل في التفضيل، مع غلق منافذ الوساطة والرشوة والمحسوبية والنفاق، مع الأخذ في الإعتبار اولا وثانيا وثالثا وقبل كل شئ وبعد كل شئ أن يكون ولاء هؤلاء القادة للوطن وللوطن فقط، وأنا علي يقين من أن وضع آليات جديدة لإختيار قيادات شابة، تحمل بين ضلوعها روحا وثابة وتحمل في رؤوسها عقولا متقدة، قيادات متسلحة بالعلم والحب لهذا البلد والرغبة في دفع فاتورة الإستفاقة، مثل هذه المعايير ستساهم بشكل مباشر في النهوض بكافة المؤسسات ومن ثم النهوض بالدولة، كما يجب عقد دورات حقيقية لرفع كفاءة القيادات الحالية، ويستمر في موقعه من يستجب لمثل هذه الدورات ويحسن من كفاءته وآداءه، أما من يعجز عن تطوير آداءه فليرحل غير مأسوف عليه.. مصر لا تملك ترف الوقت، وفاتورة التأخر في طرح الحلول الجذرية والجريئة تزداد يوما بعد يوم، وكل ما أخشاه أن يأتي اليوم الذي نعجز فيه عن سداد مثل هذه الفواتير..فهل من مجيب؟ وللحديث بقية إن كان في العمر بقية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.