أعربت منظمات حقوقية، عن قلقها البالغ إزاء قانون تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، والذي صدر هذا الأسبوع وجعل عددًا هائلًا من المنشآت العامة في حكم المنشآت العسكرية، مما يترتب عليه توسيع مجال اختصاص القضاء العسكري على نحو يعرض حق المواطنين في محاكمات عادلة للخطر، ويفاقم من أزمة منظومة العدالة التي تشهدها مصر حاليًا، مطالبين الرئيس عبد الفتاح السيسي بسحب هذا القرار بالقانون في أسرع وقت. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد أصدر في 27 أكتوبر قرارًا بالقانون رقم 136 لسنة 2014، والذي يوسع من اختصاص القضاء العسكري، ليشمل جرائم التعدي على طيف واسع من المنشآت والمرافق العامة، بما فيها "محطات وشبكات وأبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري وغيرها من المنشآت والمرافق والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها" على أن يمتد العمل بهذا القانون لمدة عامين. وتسمح أحكام القانون بمحاكمة أي مدني متهم بتخريب الممتلكات عامة المشار إليها، أو قطع طرق عامة، أمام محكمة عسكرية، وهي الاتهامات التي كثيرًا ما توجه إلى المتظاهرين المتهمين بمعارضة الحكومة، والتي سبق وتم توجيهها لمسئولة ملف العدالة الانتقالية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يارا سلام على سبيل المثال لا الحصر. وأشارت، المنظمات إلى أن ذلك توسيع اختصاص المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين خرقًا للمادة 204 من دستور 2014، والتي اشترطت لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري أن يكون هناك اعتداء مباشر على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة، أما القانون الجديد فهو بمثابة حالة طوارئ غير معلنة، إذ يتم الالتفاف على هذا القيد الدستوري عن طريق تكليف القوات المسلحة بحماية المنشآت والمرافق العامة بالتعاون مع الشرطة، مما يستتبعه مثول المواطنين أمام قاضي عسكري، وليس قاضيهم الطبيعي، وقد يؤدي إلى إحالة الآلاف إلى محاكمات عسكرية تفتقر إلى الحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة والمنصفة، وترسيخ نظام قضائي مواز. وأكدت أنه ومنذ 30 يونيو 2013 واجه العديد من المدنيين اتهامات بارتكاب جرائم وأعمال "إرهابية" بحق أفراد القوات المسلحة ونقاط تفتيشها ومنشآتها، خضعوا على إثرها لمحاكمات عسكرية في محاكم الإسماعيلية والسويس والهايكستب العسكرية، و تم احتجازهم في سجون حربية. وبحسب محامين، تنظر محكمة الإسماعيلية وحدها في ما بين 40 و140 قضية جنح تضم مدنيين 3 مرات أسبوعيًا، وما بين 20 و45 قضية جنايات أسبوعيًا. وتفيد عمليات المتابعة لتلك القضايا بعدم تقيد المحاكم العسكرية بالحق في سلامة الإجراءات. وعلى سبيل المثال يدعي المتهمون الخاضعون للمحاكمة بمحكمة الإسماعيلية العسكرية أنهم يتعرضون للتعذيب وغيره من أشكال المعاملة المهينة أثناء الاعتقال أو الاحتجاز. كما زعم بعض المتهمين انتزاع اعترافاتهم تحت وطأة التعذيب. ولم يتواصل أي منهم مع محام من اختياره أثناء الاستجواب المبدئي من جانب سلطات الاعتقال أو النيابة العسكرية، الأمر الذي يقوض الحق في الدفاع الكافي. وعلى الجانب الأخر يواجه المحامون أيضًا صعوبات في الحصول على ملفات القضايا، ومن ثم تجهيز دفاع مناسب، ناهيك عن أن تلك المحاكمات تقام داخل منشآت ووحدات عسكرية شديدة الحراسة تجعل من الصعب الوصول إليها ودخولها سواء من قبل المحامين أو ذوي المتهمين. و أوضحت أنه رغم إدخال بعض التعديلات على قانون القضاء العسكري في فبراير 2014، ألا وهي السماح بالاستئناف في قضايا الجنح والنقض في قضايا الجنايات، إلا أن إجراءات المحاكم العسكرية ما زالت تتجاهل ضمانات أساسية للمحاكمات العادلة أمام قضاء مستقل ومحايد. ويخضع القضاء العسكري لسلطة وزير الدفاع، وجميع القضاة وأفراد النيابة هم أفراد عسكريون مختلفو الرتب، يخضعون لكافة لوائح الضبط والربط المبينة في قوانين الخدمة العسكرية. ويقوم وزير الدفاع، بناءً على توصيات رئيس هيئة القضاء العسكري، بتعيين القضاة العسكريين الذين لا يتمتعون، بالتبعية، بنفس درجة الاستقلال التي يتمتع بها القضاة في دوائر المحاكم المدنية. ويأتي القانون الجديد في أعقاب هجمات إرهابية، استهدفت القوات المسلحة والشرطة في منطقة شمال سيناء يوم 24 أكتوبر، وأسفرت عن مقتل 33 من أفراد الجيش والشرطة. ويهدف القانون – وفقًا للمتحدث باسم رئاسة الجمهورية– إلى حماية المرافق العامة من الاعتداءات الإرهابية. وأكدت المنظمات الموقعة أدناه خشيتها من تبعات تقويض نظام العدالة المدني بدعوى محاربة الإرهاب؛ ولذا تدعو السلطات إلى سحب القانون المعني والسعي إلى الحفاظ على التوازن الضروري بين الإجراءات الفعالة لمكافحة الإرهاب والاحترام اللازم لحقوق الإنسان الأساسية، بموجب الدستور المصري والاتفاقيات الدولية المصدقة عليها مصر.