عن التعديلات المقترحة على بعض مواد قانون القضاء العسكرى، وحقيقة محاكمات ضباط وجنود القوات المسلحة فى تجاوزات ضد مدنيين، وقضية محاكمة المدنيين أمام قضاة عسكريين، تحدث رئيس هيئة القضاء العسكرى اللواء عادل المرسى، إلى جريدة «التحرير»، مقدما توضيحات حول تلك القضايا كافة، وقضايا أخرى كثيرة فرضت نفسها على ساحة الجدل السياسى والحقوقى مؤخرا. ■ اختُبر قانون القضاء العسكرى فى شق التعامل مع المدنيين بتوسع خلال العام الماضى، وظهرت تحفظات قانونية على بعض بنوده، ما أبرز التعديلات التى لمستم الحاجة إليها، سواء بالحذف أو الإضافة على القانون؟ - أولا، لا بد أن أشير إلى اللبس الواضح فى أن المدنيين يحاكمون عسكريا، أو بقوانين عسكرية. والحقيقة أن المدنيين يحاكمون بقانون العقوبات المطبق فى كل محاكم مصر، أى أنهم يواجهون نفس ظروف التقاضى التى يواجهها أى متهم فى جريمة جنائية، والقانون العسكرى لا يطبق إلا على أفراد القوات المسلحة، سواء ضباطا وجنودا ومدنيين يعملون فى وزارة الدفاع أو فى خدمة القوات المسلحة على أى وجه. وجه اللبس الآخر، بقصد أو دون قصد، يخص محاكمة المدنيين بسبب آرائهم أو معارضتهم النظام، الموجود سابقا أو لاحقا. وأنا أتحدى، بكل ثقة، أن يتقدم شخص واحد ويعلن أنه حُوكم عسكريا، بسبب آرائه أو انتمائه السياسى. فالقاضى يحكم بالقانون والأدلة، وكل من حُوكم أمام المحاكم العسكرية كان بتهم استخدام العنف ضد أفراد أو معدات عسكرية، أو التعدى على منشآت عسكرية. وقانون العقوبات المصرى نفسه نص على أن «كل الجرائم التى تقع على مهمات ومعدات ووثائق القوات المسلحة ومنشآتها، يكون من اختصاص القضاء العسكرى».أما قانون القضاء العسكرى، فيقع فى «167» مادة إجرائية وعقابية، وكلها تطابق القوانين الخاصة بالقضاء العادى، والقضاء العسكرى هيئة قضائية مستقلة منذ عام (2007)، وطرأت بالفعل تعديلات على تطبيق القانون، نتجه إلى إقرارها بشكل دائم بعد الاحتكاك الكثيف مع المدنيين خلال العام الماضى، لعل أبرزها السماح للادعاء المدنى بتمثيل المدعى أو المتهم المدنى، وكان سابقا غير مسموح به، وكانت النيابة العسكرية تحل محل المجنى عليه، وقد سمح للادعاء المدنى بالحضور فى قضيتى «متظاهرى ماسبيرو» والقضية المعروفة إعلاميا ب«كشوف العذرية»، وسمح بسماع شهود من الذين يطلبهم المدعى، ولم يكن معمولا بذلك، والحقيقة أن هذا التعديل لن يكون خاصا بهاتين القضيتين فقط، بل سيقر كمبدأ فى القضاء العسكرى، لأننا نسعى للحقيقة والعدل شأن القضاء العادى. والجديد أننا بالفعل على وشك إقرار تعديل جديد يسمح بالادعاء المباشر أمام المحاكم العسكرية، بحيث يتسنى للطرف المتضرر من الجريمة، الذى حكم لصالحه فى المحاكم العسكرية، أن يتقدم بطلب التعويض مباشرة، لأنه حاليا يأخذ الحكم إلى محكمة مدنية ويرفع دعوى تعويض، والحقيقة أن هذا التعديل سبق إعداده قبل ثورة 25 يناير، لكنه لم يأخذ الدورة التشريعية، لأنه يصدر بموجب قانون من مجلس الشعب، لكننا سنتقدم به لإقراره. ■ وماذا عن إلغاء المادة السادسة التى بموجبها حُوكم رموز الإخوان المسلمين عسكريا؟ - إلغاؤها لا يمثل بالنسبة إلينا أى مشكلة، لأنها خاصة بالقضايا التى تحول من رئيس الجمهورية، سواء فى ظل وجود قانون الطوارئ، وفقا للفقرة الثانية أو من دون ارتباط بالطوارئ فى الفقرة الأولى، فقط ألفت مرة أخرى إلى أن المادة السادسة تخص الجرائم المنصوص عليها فى البابين الأول والثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات، وما يرتبط بها من جرائم. إذن نحن نتحدث عن جرائم يعاقب عليها القانون المدنى وليس وفقا لقانون عسكرى، وإلغاؤها لا يمس صلب القانون أو فاعليته كقانون معنى بالحفاظ على كل ما هو ذو علاقة بالعسكرية. أما ما يخص الإخوان المسلمين فلم يختص القضاء العسكرى سوى بست قضايا فقط، وعدد المحكوم عليهم غيابيا كان سبعة، تقدم منهم اثنان لنقض الحكم، والقضاء العسكرى مثل القضاء المدنى ينفذ القانون الذى يسمح لو ظهرت واقعة جديدة، ولم تكن تحت بصر المحكمة بإعادة المحاكمة، وهناك سعى حاليا لإعادة طرح القضايا أمام القضاء العسكرى أو إلغائها بمشاريع قوانين، ولو صدر قانون جديد سنعمل بنفس اختصاصاته، كما نعمل حاليا فى ضوء اختصاصات القانون الحالى. ■ الأنظار اتجهت إلى القضاء العسكرى بعد أن قدمه محامى الرئيس المخلوع وكأنه باب خلفى لتهريب متهم، وطرحت تساؤلات عن محاكمة المدنيين عسكريا ومحاكمة العسكريين مدنيا. - محاكمة الرئيس السابق خارج الحديث، لأنها منظورة أمام القضاء أولا، ولأنها ليست تحت اختصاص القضاء العسكرى ثانيا، فلن أتحدث عنها، أما اللبس القانونى فى تطبيق القانون 35 لعام 1979، فكرجل قانون أوضح أن قانون القضاء العسكرى ينص فى المادة «7» الفقرة الثانية أنه فى حال ارتكاب أحد الخاضعين للقانون -أى العسكريين- جريمة بالاشتراك مع أحد غير الخاضعين -أى غير العسكريين- فالوقائع تحال إلى القضاء العادى. ■ هل توجد قوانين أخرى لا نعلمها تخص الوضع العسكرى لمبارك سواء فى تنفيذ أى حكم أو فى سبل تخفيف الحكم أو تطبيق نظام العفو؟ - لا يوجد تشريع مخفى، وكل الوقائع الجنائية تخضع لقانون العقوبات والقانون 35 لعام 1979 قانون لا يخص العسكريين مهما كانت رتبتهم، بل يخص فئة محددة تقتصر على قادة الأفرع الرئيسية ورئيس هيئة العمليات للقوات المسلحة فى أثناء حرب أكتوبر، ومن ينطبق عليهم القانون معدودون على الأصابع، وكان بقصد التكريم لا الحصانة أو الحماية إذا وقعت منهم تجاوزات. ■ وماذا عن ضمانات المدنيين أمام محاكم أو إذا كان خصومهم عسكريين؟ - اسمحى لى أن أسأل أنا أولا ماذا قدمت المنظمات الحقوقية التى تملأ الإعلام ضجيجا إلِى المتهمين المدنيين؟ لقد أعلنا مرارا أن المئات منهم بحاجة إلى معاونة مالية لدفع رسوم الطعون ولتوكيل محامين للدفاع عنهم، فلم تتقدم جهة واحدة بأى طلب لدعم أى متهم مدنى خلال العام الماضى، رغم أنه شهد أكبر عدد من القضايا، فدفعت هيئة القضاء العسكرى 2 مليون جنيه إلى المحامين، وبعضهم كان لا يتقاضى أجورا، ورصدنا 2 مليون لمساعدة غير القادرين على سداد رسوم الطعون، كل ما فعلوه أن شكلوا لجنة لمراجعة أحكام القضاء العسكرى وكأننا من المريخ. ثانيا المتهمون الذين حُوكموا أمامنا منذ الثورة بلغوا 11879، بسبب الانهيار الأمنى الذى أدى إلى إغلاق المحاكم والنيابات العامة، وعدم وجود جهاز أمنى، وكان الأهالى يقبضون على المجرمين ويسلمونهم إلى الوحدات العسكرية، لأن أقسام الشرطة غير موجودة. ومع ذلك فنسبة البراءة وصلت أكثر من 60%، ثم صدر عفو عن أكثر من 2000 من ذوى الأحكام البسيطة فى جرائم غير خطرة، والمتبقى حاليا أقل من 2000 ينفذون الأحكام فى السجون المدنية لا العسكرية. أما شق الخصومة مع عسكريين فيؤسفنى أن الإعلام يتناوله بقصور، لأن فرد القوات المسلحة لا يأخذ خلافاته القانونية فى المسكن والمعيشة للمحاكم العسكرية، كما أوضحت، وأى محاكمة لمدنى تكون لاعتدائه على هذا الفرد فى أثناء خدمته أو على معداته أو منشآت عسكرية، فالاستيلاء على سلاح جندى وحيازته جريمة، وعندما يضبط مدنى يحوز سلاحا خاصا بعسكرى، وفقا للقانون، يحاكم عسكريا حتى لو كان استولى عليه بالسرقة، لأن الفرد العسكرى يحاكم أيضا للإهمال فى الحفاظ على سلاحه، وأشير هنا إلى أن أفراد القوات المسلحة يحاكمون على أى انحراف أخلاقى فى حياتهم الخاصة، وهذا لا يحدث فى أى مؤسسة أخرى. رابعا أؤكد أن المؤسسة العسكرية لا يضيرها محاكمة أو إدانة ضابط أو جندى أو عشرة، ولا ينال من دورها الوطنى وقوع أخطاء من قلة ما دام يحاسبون بالقانون. ■ وماذا عن محاكمة ضباط «8 أبريل» بسبب آرائهم؟ - السؤال غير دقيق فى تصورى، مجموعة الضباط المشار إليهم ارتكبوا مخالفة بنص القانون 232 لعام 1959، الذى يحظر على أى فرد خاضع، أى عسكرى، إبداء آراء سياسية أو الانتماء إلى أى حزب سياسى، فهم ارتكبوا جريمة، وحوكموا وعوقبوا عليها، وفقا للقانون الخاص بالعسكريين. ■ هل منظور أن يطبق عليهم عفو مثل العفو عن المدنيين؟ - مرة أخرى هم ليسوا مدنيين، والعفو ليس من اختصاص القضاء العسكرى، بل هو سلطة لرئيس الجمهورية، وفقا للمادة «64» من قانون التشريعات، ولا يملكه لا القضاء العسكرى ولا المدنى. ■ لماذا تمسكتم باستمرار مقاضاة النائب زياد العليمى، رغم تعليق المجلس العسكرى إجراءاته فى رسالته إلى مجلس الشعب؟ - المجلس العسكرى علق تقديم بلاغ ضد النائب، ولم يلغ الإجراء ليفسح المجال للمؤسسة التشريعية أن تعطى مثالا للشعب كيف تمثلهم، وتتصدى لأى مخالفة حتى لو كانت من أحد أعضائها، لكن القضاء العسكرى لديه حتى الآن أكثر من خمسين ألف بلاغ ضد العليمى، بعضها من عسكريين والآلاف من طلبة جامعات وقضاة وأساتذة جامعيين، لم يتراجع أصحابها ولم يسحبوها، ولا يجوز تعليقها انتظارا لقرار مجلس الشعب، بل نأخذ كل الإجراءات اللازمة قانونيا من التحقيق فى البلاغات التى ركزت على اتهاماته فى حق القوات المسلحة.