أفتى الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية بأنه يجوز التصالح مع هؤلاء الذين نهبوا المال العام، بشرط أن يردوا ما قاموا بسرقته، ما من شأنه أن يثير الجدل حول إمكانية العفو عن رموز النظام السابق ورجال الأعمال المتهمين بالفساد، مقابل رد ما قاموا بالاستيلاء عليه. واعتبر جمعة، أن كلمة سرق في الفقه الإسلامي تختلف عن كلمة سرق التي يتداولها الناس الآن، فعندما يأتي أحدهم وقد استولى على أرض بطرق بعضها قانوني وبعضها غير قانوني، لكن فيها في النهاية إهدار للمال العام، فهذا لا يسمى في الفقه الإسلامي سرقة إنما يسمى بأسماء أخرى منها الاختلاس، والاغتصاب وكلها حرام. وأكد أنه بالرغم من تحريمه القاطع لهذا الأمر، لكنه قال إنه ليس بالسرقة التي وضع الله بإيذائها حدا {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:38]، وليست من السرقة كذلك ما يشاع عن أن الناس سرقت أموال الشعب؛ لكن التعبير الصحيح أن نقول: إن أناسًا ما قد استولوا، أو قد اختلسوا، أو قد اغتصبوا، أو قد نهبوا، ونحو ذلك من الألفاظ المنفرة للفعل ولكن لا تأخذ في حكم الفقه الإسلامي موقف السرقة. وأضاف المفتي في رده على سؤال: هل مقبول في الإسلام أن يتم التصالح مع من سرق ونهب، مقابل أن يردّ ما سرق؟، إن الذي يتحايل للحصول على المال العام و استطاع به أن يحصل على ما ليس له فيه حق يجوز شرعًا أن نتفاوض معه حتى نرد ما نهبه أو أخذه أو استولى عليه أو تحايل حتى وصل إليه إلى الشعب وإلى المال العام وإلى خزينة الدولة يجوز هذا. وضرب جمعة مثلاً بتجربة جنوب إفريقيا بعد الثورة التي تزعمها المناضل نيلسون مانديلا ضد النظام العنصري، حيث كانت المصالحة مع المصارحة، وبيان كيف استطاعوا التحايل أو التجاوز أو فعل الخطيئة؛ كيف فعلوها؟ وكيف نرد إلى الشعب بمصالحة هذا، وكيف نستفيد من هذه المصارحة في بناء المستقبل، بحيث تصدر قوانين، وتوضع برامج ثقافية في الإعلام، وفي التعليم ننشئ ثقافة سائدة ضد الظلم والرشوة والاستبداد واستغلال النفوذ وإهدار المال العام ودلل المفتي أيضا بتجربة شيلي – بعد الإطاحة بنظام حكم الديكتاتور بينوشيه في عام 1980- والتي نجحت في كثير جدا من هذا المجال، للتأكيد على ضرورة أن نراعي الفقه الإسلامي، ونستفيد من التراث والذخائر التي فيه ونراعي أيضا تجارب الغير ونستفيد منها؛ فالحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها؛ فهو أحق بها.